الأردنيون.. متشائمون في الحياة متفائلون في الاستطلاعات!

الأردنيون.. متشائمون في الحياة متفائلون في الاستطلاعات!
الرابط المختصر

أعلن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية أمس، نتائج الاستطلاع بمناسبة مرور 100 يوم على تشكيل حكومة عون الخصاونة.النتائج ستكون مفاجأة سارة للرئيس الخصاونة وفريقه الوزاري؛ فقد أظهرت أن ثلثي الرأي العام يعتقدون أن الحكومة كانت قادرة على تحمل مسؤوليات المرحلة.الأهم في نتائج الاستطلاع أن 70 % من أفراد عينة قادة الرأي العام، و63 % من العينة الوطنية، يعتقدون أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح، وأن فئات أساتذة الجامعات والمهنيين وكبار الاقتصاديين، هم الأكثر تفاؤلا حول اتجاه سير الأمور في الأردن.على الدوام كان هناك جدل حول مدى انسجام نتائج استطلاعات الرأي مع الواقع العام في الأردن. ونتائج الاستطلاع الأخير تدفع مجددا إلى السؤال عن السر الذي يجعل من الأردنيين شعبا متفائلا في الاستطلاعات ومتشائما في الحياة.الاستطلاعات هي وسيلة من وسائل قياس "نبض" الناس في مرحلة معينة، ونتائجها تعكس رأي الأفراد في تلك اللحظة فقط؛ أي أن هناك وسائل أخرى عديدة للتعرف على آراء الناس وتوجهاتهم حيال القضايا العامة.والأمر المحير في حالة الأردن هو أن جميع الوسائل المتاحة لقياس مزاج الرأي العام، باستثناء الاستطلاعات، تعطي نتائج وانطباعات مغايرة لتلك التي توصل إليها استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية.

لا يعني ذلك أننا نشكك في المركز واستطلاعاته، فهذا ليس واردا أبدا، لكننا نبحث بجد عن السبب وراء هذا التناقض في النتائج.لا يمكنني أن أصدق، مثلا، أن الاقتصاديين في الأردن متفائلون بسير الأمور، لأنهم كل يوم يعبرون عن قلقهم من الأوضاع الاقتصادية وبكل الوسائل المتاحة. والكبار منهم، حسبما نسمع منهم مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام والمؤتمرات، أكثر تشاؤما من غيرهم، ولا يستثنى من ذلك الفريق الاقتصادي في الحكومة الذي يبدي قلقا متزايدا تجاه الأوضاع الاقتصادية في العام 2012.

وفي الميدان العام، بلغ الاحتجاج المطلبي ذروته في الأسابيع الأخيرة، كتعبير عن تصاعد الأزمة الاقتصادية وتراجع المستوى المعيشي لأغلبية الفئات الاجتماعية.وإذا كانت الأغلبية تعتقد فعلا أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، فبماذا نفسر استمرار الحراك بشقيه السياسي والمطلبي، وانخراط المجاميع القبلية والعشائرية في السجال الدائر حول الإصلاح في الأردن، وإضراب المعلمين، وعشرات الاعتصامات التي تلف البلاد من شمالها إلى جنوبها؟ وهل يعقل أن مجتمعا يواجه كل هذا الجدل الصاخب حول هويته، ويشعر كل طرف فيه بالتوجس من الآخر، يكون متفائلا بمستقبله، لا بل يرتفع معدل التفاؤل عنده بمقدار 11 نقطة مقارنة مع نتائج استطلاع العام الماضي؟لا تعكس نتائج الاستطلاع أزمة الثقة المتنامية بين الدولة والمجتمع، والتي يقر أصحاب القرار قبل المعارضة بوجودها وخطرها على مستقبل العلاقة بين طرفي المعادلة؛ فالنتائج التي توصل إليها الاستطلاع تعطي الانطباع بأن الأردن اجتاز مرحلة الربيع العربي وحقق نتائج تفوق ما تحقق في تونس ومصر، بدليل أن الأغلبية تعتبر أننا نسير في الاتجاه الصحيح!كنت من المدافعين دائما عن صدقية ونزاهة استطلاعات مركز الدراسات الاستراتيجية، ولن أتراجع عن هذه القناعة؛ لكن هذه المرة أترك لمركز الدراسات أن يدافع عن نتائج الاستطلاع الأخير ويفسرها، لعله يساعدنا في الخروج من حالة الحيرة، وفهم الرأي العام الأردني وسر تناقضه

الغد