الأردنيون:من هو الصديق ومن هو العدو؟

الأردنيون:من هو الصديق ومن هو العدو؟
الرابط المختصر

تركيا نجحت في كسب ثقة الرأي العام رغم حداثة دورها في المنطقة .

يعكس توصيف الاردنيين لعلاقة بلدهم مع دول المنطقة واقع الحال القائم, فالاستطلاع الاول من نوعه الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية واعلنت نتائجه امس الاول يؤكد هذه الفرضية, ويميز الاردنيون بوضوح بين الشقيق والصديق, وبين العدو ولديهم المعرفة التامة بالاهداف والدوافع التي تحكم موقف بعض القوى الاقليمية من قضايا العرب.

احتلال المملكة العربية السعودية ثم سورية المرتبتين الاولى والثانية في قائمة الدول الاكثر دعما للمصالح الوطنية الاردنية يستند الى معطيات موضوعية وتاريخية, فالرأي العام الاردني يعرف ان السعودية هي اكثر دولة عربية تقدم دعما ماليا للاردن, كما تستقطب اعدادا من المهنيين الاردنيين اما سورية ورغم التباينات الرسمية في المواقف السياسية فانها تحتل مكانة مهمة على الصعيد الاقتصادي ويرتبط البلدان بشبكة قوية من المصالح الحيوية في جميع المجالات. ويؤمن الاردنيون انهم والسوريون جزء اصيل من مكون اجتماعي ثقافي واحد وابناء بيئة واحدة, وهذا الترابط الوثيق بين الشعبين والتواصل الدائم ظل قادرا على تجاوز الخلافات بين الحكومات.

تاريخيا كان الاردن يحرص على علاقات وثيقة مع السعودية وسورية والعراق وكان الاردنيون يشعرون على الدوام ان العلاقة الجيدة مع هذه الدول تشكل ما يشبه شبكة امان لبلدهم. وكان العراق في مراحل تاريخية يحتل المرتبة الاولى, وكما يظهر في نتائج الاستطلاع تراجع ترتيب العراق الى ذيل القائمة بعد الاحتلال الامريكي.

فبعد نظام صدام حسين لم يعد الاردنيون يشعرون بان العراق يشكل خيارا مفضلا بالنسبة لهم خاصة وان نظام الحكم الجديد في بغداد قد رتب اولوياته وفق حسابات جديدة.

موقف الرأي العام الاردني من ايران وتركيا مركب وتحكمه عوامل سياسية ودينية وتاريخية معقدة, لكن المعيار الاساسي بالنسبة للاغلبية هو الموقف من اسرائيل, فعندما يتعلق الامر بالمواجهة مع »التهديد الاكبر« للمصالح الاردنية والعربية يقف الاردنيون في الصف المقابل, ولهذا تجد الاغلبية تؤيد حق ايران في امتلاك سلاح نووي باعتبار ذلك موجها ضد اسرائيل, لكن هذه الاغلبية تتآكل حين يكون السؤال حول علاقة ايران مع الاردن والدول العربية الاخرى اذ يسود انطباع بان ايران تسعى من وراء دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني الى تعزيز نفوذها في المنطقة وحماية مصالحها.

وفي خلفية الاجابات يظهر بوضوح الدور القوي للعامل الطائفي في النظرة الى كل من ايران وتركيا, ففي مقابل الشكوك تجاه النوايا الايرانية تعتقد اغلبية المستطلعين ان ايمان تركيا بالحقوق الفلسطينية هو العامل الاهم خلف مواقفها, وبدا واضحا من نتائج الاستطلاع ان تركيا قد نجحت في كسب ثقة الشارع الاردني في وقت قياسي بعد سلسلة المواقف التي اتخذتها تجاه اسرائيل وقضية الشعب الفلسطيني واستطاعت ان تتجاوز ايران رغم حداثة دورها في المنطقة مقارنة مع الحضور الايراني منذ اكثر من عقد.

في الموقف من اسرائيل لا تحمل نتائج الاستطلاع اي مفاجأة, فالاردنيون ورغم وجود معاهدة سلام ما زالوا الاكثر عداء لاسرائيل لقناعتهم المطلقة بان السياسة الاسرائيلية هي التهديد الاكبر للامن الوطني الاردني ولمستقبل الدولة على المدى البعيد.

السياسة الخارجية لاي دولة هي انعكاس للمصالح الداخلية, والرأي العام الاردني يرى الامن على هذا النحو, فالاولوية الاساس للسياسة الخارجية بنظرهم هي تحقيق اهداف داخلية في مقدمتها الامن والاقتصاد, ونتائج الاستطلاع تفيد بوضوح ان العمق العربي للاردن هو الكفيل بتحقيق هذه الاهداف.