الأخبار الأكثر سوءاً!

الأخبار الأكثر سوءاً!
الرابط المختصر

ما حدث أول من أمس، بمقتل أحد الأشقاء السوريين وإصابة العشرات منهم ومن أفراد الدرك الأردني، خلال أحداث الشغب في مخيم الزعتري، هو أمر مؤسف جداً؛ بل أصبح، وللأسف أيضاً، أمراً اعتيادياً ومتوقّعاً، في ظل الظروف القاهرة الراهنة.

منذ اليوم الأول لافتتاحه، أصبج مخيم الزعتري "صداعاً" كبيراً، ولم تتوقف الأخبار السيئة والمحزنة القادمة من هناك خلال العامين الماضيين؛ فتارة نسمع عن السيول التي تجتاح الخيام، وتارةً أخرى عن الأوضاع الصحية السيئة، وثالثة عن الفلتان الأمني والفوضى الداخلية، ورابعة عن ظهور العصابات في أرجاء المخيم، وأخرى عن عمليات التهريب للبشر والبضائع، وبين هذا وذاك قصصٌ وحكاياتٌ عن زواج القاصرات وتجارة الرقيق الأبيض، وقتل وجرائم، بالإضافة إلى أخبار الصدام مع قوات الأمن.

في الأثناء، انقلبت الصورة الإعلامية من تكريس الوشائج الأخوية بين الشعبين، وإبراز حجم الاحترام والتعاطف الإنساني والأخوي؛ لتطغى بدلاً منهما بعض هذه المظاهر السلبية على زوايا المشهد المختلفة، وتحتل عناوين الإثارة تلك الإعلام العربي والعالمي. وينعكس ذلك كلّه على صورة الدور الأردني، بما يحمله ذلك من ظلم شديد، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي.

وإذا كان ثمّة مفارقة صارخة في هذا المشهد، على قاعدة "شرُّ البليّةِ ما يضحك"، فإنها تتمثّل في التغطية الإعلامية الرسمية للنظام السوري وحلفائه لبعض هذه الأحداث؛ إذ تتحدث عن معاناة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، وعن "اعتداء الأمن الأردني" على الأشقاء السوريين!

خلال الأعوام الماضية، كان الأمل يتملّك الجميع بأنّه مخيم مؤقت وإقامة عابرة، ثم يعود اللاجئون إلى وطنهم، بعد أن تزول المحنة والألم. لكن من الواضح، في سياق المؤشرات الحالية، أنّ الذي رحل هو الوطن نفسه، بينما بقيت المحنة والألم، والتهجير القسري للمواطنين السوريين من قبل النظام عبر الوسائل الدموية، التي لا تبقي لهم خياراً سوى الرحيل، ما يعني بأنّ قصة الأشقاء السوريين في الأردن ستمتد.

الأخبار الأكثر سوءاً لا تقف عند حدود الحجم الراهن للمشكلة؛ بل هناك احتمالات حقيقية لزيادات مضاعفة، في ظل مبادرة الجيش السوري، مع قوات حزب الله وفيلق القدس، إلى محاولة استثمار حالة التردد الدولي، وتطهير ريف دمشق وما تبقى من أحياء حمص، وربما جزء من المناطق الجنوبية من المقاتلين، ومعهم "الحاضنة السنية". وبلغة أقل مواربة: بناء المجال الديمغرافي الجديد لـ"دويلة الأقليات" الممتدة من الوسط إلى الساحل؛ ما يعني مزيداً من التهجير!

الآن، هناك ضرورة ماسة لبناء تصورات جديدة؛ سواء على صعيد مخيم الزعتري (الذي يمثل نسبة محدودة جداً من اللاجئين السوريين)، أو على صعيد العدد الكبير خارجه، وتأسيس إطار إداري وأمني وقانوني واضح للتعامل مع هذا التحدي الجوهري، بما يحمله من تعقيدات سياسية وإنسانية واقتصادية ومجتمعية، قبل أن نجد أنفسنا غداً نتعامل مع تداعيات أكبر حجماً، وواقعاً مفروضاً متجذراً، لا نملك خيارات متعددة للتعامل معه.

ومثل هذه الخطط تقتضي إشراك المجتمع المدني السوري الناشط في الخارج، والأمم المتحدة، وممثلين منتخبين عن اللاجئين أنفسهم، قبل أن يصبح الأشقاء السوريون و"الزعتري" أزمة داخلية أردنية، وتقع الدولة في مشكلات جمة مع منظمات حقوق الإنسان ومع الأشقاء!

الغد