اغتصاب باسم الوطن

اغتصاب باسم الوطن
الرابط المختصر

في برنامج "انفراد" على قناة "العاصمة" المصرية، دار جدال شديد بين ضيوف الحلقة الأربعة حول مشكلة التحرّش الجنسي في مصر والعقوبات المترتبة عليها.

وفي لحظة احتدام شديد وبينما كان الضيوف يصرخون بأعلى صوتهم مقاطعبن بعضهم البعض، قال المحامي نبيه الوحش، وهو أحد الضيوف وأكثرهم جدلاً، إن التحرش واغتصاب أية فتاة ترتدي ثياب غير "محتشمة" هو واجب وطني، مما زاد من النقاش احتداماً ومن الطين بلة. حتى أن ضيفة مشاركة كانت قد وافقت الوحش في ما قاله سابقاً أعلنت عن اعتراضها وعدم موافقتها على هذا التصريح.

تسبّبت هذه الحلقة من البرنامج بضجة كبيرة حيث تعرّض الوحش لهجوم شديد على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تصريحه المنافي للمنطق. بالرغم من ذلك لم يعتذر الوحش عن ما قاله أو يبد أي شعور بالندم أو الخجل، بل على العكس من ذلك هو ما حدث، فقد أكد خلال برنامجه "ملفات الوحش" على قناة "الحدث اليوم" ما قاله سابقاً عن ما أسماه اغتصاب باسم الوطن، وأضاف أنه من واجب الفتاة "احترام نفسها" حتى تكسب احترام الناس. 

لم تكن هذه المرة الأولى التي يتسبب نبيه الوحش بإحداث ضجة عارمة جلبت له وأنصاره الانتباه الذي يسعى لكسبه، إلا أن هذا الانتباه ما هو إلا ضوء مسلّط على أفكار رجعية وجاهلة، بل وخطيرة أيضاً على المجتمعات العربية التي لا تحتاج إلى من يفاقم أزماتها.

الوحش الذي يدافع عن "الاغتصاب الوطني" قام في برنامج "صح النوم" على القناة المصرية "LTC" بالاعتداء على مفتي استراليا وضربه بحذائه على الهواء؛ تصرف همجي مثل هذا لا يصدر إلا عن إنسان مجرد من الأخلاق واحترام الذات.

يبدو وكأن نبيه الوحش ومناصريه لا ينتمون إلى أية حضارة إنسانية تتسم بالعقلانية واتباع القوانين، إنما هم ينتمون إلى البرية. فبناءً على ما رأيناه وسمعناه من "الوحش" نستنتج أنه يفكر كما الوحوش؛ يعتدي على من يشاء/ ويضرب من يشاء، ويشجع غيره على الهمجية، ولا يمكن مناقشته بطريقة حضارية.

أي إنسان يظن أن اغتصاب امرأة لأي سبب كان هو "واجب وطني" يجب أن يواجه القانون بتهمة التحريض ضد نساء المجتمع كافة والتشجيع على ارتكاب الجريمة.

إنه لمن المؤسف أن يصدر كلام مثل هذا عن من ظننا أنهم مثقفون سترتقي بهم البلاد. يجب الوقوف في وجه أي شخص ينشر مثل هذه الأفكار الهمجية مهما كانت مناصبهم أو شهاداتهم الأكاديمية، والرد عليهم بقوة المنطق والعلم.

 

ليلى حزينة: كاتبة فلسطينية