اعتماد "النسبية" إنجاز لا ينبغي التفريط به

اعتماد "النسبية" إنجاز لا ينبغي التفريط به
الرابط المختصر

قانون الانتخاب المقترح .. فرصة للفهم قبل الاعتراض ...

تباينت ردود الفعل الاولية على توصيات لجنة الحوار الوطني خاصة فيما يتعلق بقانون الانتخاب المقترح. فمنذ الكشف عن تفاصيل القانون المقترح صدرت تباعا مواقف تراوحت بين التأييد والتحفظ والرفض,لكن تلك المواقف على اهميتها تبقى اولية وتقبل التغيير بالحوار وتبادل الآراء.

للوهلة الاولى تشكل انطباع عند البعض بأن الصيغة المقترحة معقدة وغير قابلة للتطبيق,كما حصل تماما مع قانون " الدوائر الوهمية ", والحقيقة ان نظام القائمة المفتوحة على مستوى المحافظة هو من اسهل النظم الانتخابية فهما وتطبيقا.

ان الموقف من اي نظام انتخابي يتحدد بمدى مساهمته في تحقيق الاهداف المطلوبة.

والانجاز المهم في القانون المقترح انه وللمرة الاولى ينص على مبدأ النسبية الذي يشكل المدخل الاساسي والمجرب لتنمية الحياة الحزبية والبرلمانية, وفي المحصلة النظام السياسي برمته.

القوى المعترضة على القانون المقترح تنتمي الى نوعين من المعارضة : الاولى تؤمن بالنسبية والقوائم مثل الحركة الاسلامية, لكنها تتبنى صيغة ثانية وتطالب بتخصيص 50 بالمئة من المقاعد لقائمة على مستوى الوطن. في هذه المرحلة يبدو من الصعب تحقيق هذا المطلب لاعتبارات عديدة تعرفها الحركة الاسلامية قبل الاخرين. واعتقد ان الوصول الى هذا المستوى يحتاج الى مرحلة انتقالية لتأهيل المجتمع والقوى السياسية. النوع الثاني من المعارضة يأتي من طرف القوى المحافظة التي تتمسك بالصوت الواحد ولا تريد الاصلاح من الاصل. من حق هذه القوى ان تدافع عن مصالحها, لكن يتعين على جميع التيارات والاحزاب والحركات المطالبة بالاصلاح ان تتوحد في الدفاع عن القانون المقترح كونه يشكل القاسم المشترك بينها رغم التباين في مستوى الطموحات. لان انقسامها سيغري المحافظين بالهجوم على مشروع الاصلاح والاجهاز عليه, خاصة وان للقوى المضادة نفوذا يفوق الآخرين.

ربما تحتاج الصيغة المقترحة الى مراجعة لتتواءم مع الواقع, لكن ينبغي عدم التفريط ابدا بنظام القائمة النسبية. هناك من يقترح العودة الى نظام 89 والذي يعطي للناخب حق انتخاب مرشحين بما يساوي عدد المقاعد المخصصة لدائرته., النظام المقترح لا يحرم الناخب من هذه الميزة, لكنه يلزمه باختيار القائمة اولا, والعبرة من ذلك هي تحفيز الناخبين لاختيار مرشحيهم على اساس سياسي وبرامجي وتشجيع المرشحين كذلك للانخراط في تشكيلات وائتلافات حزبية ووطنية, أوليس هذا ما نريده, قانون انتخاب يؤسس لحياة حزبية وبرلمانية نتجاوز معها حالة الموات والخراب السياسي ? !

القضية التي يركز عليها المعارضون للقانون الاصلاحي انه سيحرم الدوائر الصغيرة والتجمعات السكانية القليلة من فرص المنافسة والفوز. هؤلاء يتجاهلون ان القانون السابق قد حرم ايضا تجمعات سكانية وعشائرية كبيرة من الفوز. لايوجد نظام انتخابي في العالم يضمن العدالة المطلقة ولهذا السبب تعمل الدول الديمقراطية على تطوير انظمتها الانتخابية باستمرار, وبما يتناسب مع حاجات المجتمع وتطور تجربته السياسية.

المعيار الوحيد لتفضيل نظام انتخابي على غيره هو مدى قدرة هذا النظام على الارتقاء باداء المؤسسة البرلمانية وزيادة مشاركة الناس في الحياة السياسية وعملية اتخاذ القرار, ولا اظن هنا اننا بحاجة الى شرح كبير لنبين تخلف نظام الانتخاب الحالي وعجزه عن تحقيق تلك الاهداف, اذ يكفي استطلاع رأي اي مواطن في برلمانات الصوت الواحد لنعرف الجواب. انني اتفهم اسئلة وملاحظات الناس حول القانون المقترح والقائمة النسبية المفتوحة وخشية البعض من خسارة منطقته او عشيرته للمقعد النيابي, لان اجيالا من الاردنيين لا تعرف ولم تجرب غير الصوت الواحد ومن سبقهم جرب نظام 89 ومن الطبيعي ان نجد من يحن للعودة اليه, هذه كلها امور مفهومة وتغيير القناعات لا يتم بسهولة, ويحتاج الى شرح ومن ثم الى ممارسة ليدرك الناس انه وبدون تغيير مفهوم النيابة لا أمل باصلاح حالنا.

لقد اصبح الاردنيون اكثر ادراكا بأن المهم ليس تمثيلا ضيقا لعشيرته او حارته, وانما وصول شخص الى البرلمان يحمل برنامجا ويملك القدرة على الدفاع عن المصالح العامة. خاصة وان التجربة اثبتت ان نائب الخدمات مهما بذل من جهد فهو عاجز عن حل مشاكل ناخبه الفردية, فلا خلاص اذا إلا بالحلول الجماعية.

العرب اليوم