اعتذار الملكية غير المكتمل

اعتذار الملكية غير المكتمل
الرابط المختصر

 

جيدٌ ما فعله لما حدث لركاب رحلة الملكية 615 من دبي إلى عمّان، الخميس الماضي، وعرض تعويضاً للمسافرين على متنها بشكل رحلة مجانية على متن الملكية إلى أي وجهة خلال عام.

إلا أن الاعتذار الصادر من أعلى مسؤول تنفيذي ليس كافياً، حيث أنّ أركان الاعتذار الصادق الخمسة المتعارف عليها غير متوفرة.

ما حدث هو أن ركاب رحلة الملكية المتوجهة من دبي إلى عمان تم تأخيرهم مدة 26 ساعة ونصف الساعة، وكان آخر أربع ساعات منها على متن الطائرة المتوقفة. خلال فترة التأخير لم يتوجه أحد من الملكية لتوفير الطعام أو المنام للركاب من دون تفسير أو تقديم سبب مقنع لذلك الاستهتار.

يعتبر الخبراء الاجتماعيون أن للاعتذار الصادق خمسة أركان مهمة، وهي: الاعتراف بالخطأ، وتوضيح طبيعة الخطأ الذي يتم الاعتذار عنه، وتحمّل المسؤولية عن الخطأ، ومحاسبة المسؤولين عنه لضمان عدم تكراره وأخيراً تقديم تعويض للمتضررين كتعبير صادق ومادي عن الأسف الحقيقي.

لندرس رسالة المدير العام ونحلل ما إذا شملت تلك العناصر، أولاً هي لم تشمل اعترافاً صريحاً بالخطأ بل حاولت التهرب من ذلك من خلال القول إن سبب التأخير هو "ظروف خارجة عن إرادتنا" في حين أن الخطأ لم يكن العطل في الطيارة بل في كيفية التعامل مع التأخير.

أما توضيح طبيعة الخطأ، فلم يكن مدير عام الملكية موفقاً في رسالته حيث جاء فيها أن سبب التأخير "عطلاً فنياً طارئاً أصاب الطائرة، مع جملة من الظروف الأخرى الخارجة عن إرادة الشركة". لا اعتقد أن وجود عطل كان معلومة جديدة فالركاب عرفوا بذلك من الوهلة الأولى، ولكن ما هي الظروف الأخرى الخارجة عن إرادة الشركة، ولماذا لم يتم الاعتراف بأن الخطأ الأكبر هو عدم تقديم الغداء وتوفير أماكن لنوم الركاب الذين تم تأخيرهم حوالي 26 ساعة.

وعن تحمّل المسؤولية، فإنه فلم يتبين في أي جملة من رسالة الاعتذار تحملٌ للمسؤولية حيث جاء فيها: "حاولت الملكية الأردنية بكل طاقمها وإمكانياتها الحد من التأخر الذي حصل، إلا أن عوامل عديدة اجتمعت وللأسف حالت بيننا وبين تقديم الخدمة التي تليق بكم وبسمعة الملكية". نفهم أن الطاقم عمِل على الحد من التاخير ولكن ما تفسير عدم الاهتمام بالركاب الذين ألقي بهم في قاعة الانتظار كل هذه المدة؟

محاسبة المسؤولين عن الخطأ أغفلت تماماً من الرسالة، من أجل ضمان عدم تكرار المشكلة في المستقبل، وكان عنصراً غير مكتملاً.

رسالة الاعتذار بعد ثلاثة أيام من الحادث تضمنت تعويضاً معقولاً للمسافرين بتوفير رحلة مجانية لهم على متن الملكية، وإلى أي مكان عامٍ، مما يعني أن الشركة تقر بصورة غير مباشرة بمسؤوليتها عن الأخطاء الجسام التي حدثت.

يعرف المسافر الدائم أن مشاكل قد تحدث وقد يتأخر المسافر عدة ساعات أو أكثر، والتأخير أفضل من السفر في طيارة لها مشاكل تقنية. لكن في تلك الأحوال يتم توفير كوبونات لوجبات طعام وفي حال التأخير أكثر من 6 ساعات يتم غالباً شراء تذاكر عبر طائرة أخرى. كما قد يتم توفير غرفة نوم في حال معرفة المسؤولين أن التأخير سيزيد عن 12 ساعة وأحياناً يتم في اليوم نفسه توفير كوبونات للسفر من خلال الشركة المتحملة للخطأ.

من المؤكد أن أركان الاعتذار المشمولة في رسالة سليمان عبيدات لم تكن مكتملة، وعلى القائمين على هذه المؤسسة البارزة الأخذ بتوفير كافة أركان الاعتذار الصادق. فكل مسافري الملكية يأملون أن يتم توفير كافة أركان الاعتذار في حال تكرار مثل هذه الأخطاء لكي يتقبلها ويضمن أنه سيتم محاسبة المخطئ.

داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.