استراتيجية للشباب بحاجة إلى مشاركتهم

استراتيجية للشباب بحاجة إلى مشاركتهم
الرابط المختصر

دأبت الحكومات المتتالية على توزيع منصب وزير الثقافة على شخصيات يتمّ البحث لها عن وزارة دون الاهتمام بمدى قدرتهم على التفاعل وتقديم ما هو مهمّ. أذكر أن أحد وزراء الثقافة أُبلغ بتنظيم معرض للفنان الإسباني بيكاسو في عمّان، فوافق الوزير وطلب من أمينه العام ترتيب حضور بيكاسو –الذي رحل منذ عقود- حفل الافتتاح.

الأمر نفسه ينطبق على وزارة الشباب التي تُمنح مواقعها المتقدّمة، غالباً، بأشخاص لا علاقه لهم بالشباب، ولا يتيح لهم سنهم المتقدّم الفهم أو التفاهم مع العناصر الشابة رغم أنها تمثّل الغالبية العظمى اليوم من السكان.

إذا افترضنا أن منصب الوزير يعتبر منصباً سياسياً، في حين أن بقية كوادر الوزارة، ومنها الأمين العام، تُعدّ مناصب تنفيذية تتطلّب خبرة ودراية ومعرفة، فإن الأهم من ذلك يتمثّل في قدرة الوزير وغير الوزير على استيعاب مشاكل الشباب كمقدّمة جادة لحلّها.

في هذا الإطار تبرز أهمية وضع استراتيجية وطنية للشباب تأخذ بعين الاعتبار مشاكل وهموم وأماني الشباب وتُوضع خطة تنفيذية لتطبيقها.

ومثلما يستدعي المسؤولون ممثلين عن أي قطاع يديرونه للاستماع إلى قضاياهم، ألا ينطبق الموضوع نفسه على فكرة وضع استراتيجية للشباب من خلال استدعاء عدد كبير وممثّل لفئة الشباب والاستماع إليهم والتواصل معهم والعمل بالتعاون معهم على صياغة مثل هذه الاستراتيجية.

الحديث الرسمي الصادر عن الملك ورئيس الوزراء والمسؤولين يكرّر دائماً أهمية ودور الشباب، لكن الواقع لا يعكس مثل هذا التوجّة بتاتاً إلا إذا اعتبرنا أن المسنّين في وزارة الشباب أفضل من يستطيع أن يضع مثل تلك الاستراتيجية.

طبعاً، هناك مؤسسات رسمية وشبه رسمية تحمل في اسمها مصطلح الشباب وتجيد تقديم المدح للمسؤولين فهؤلاء يتمّ استدعاءها والحصول منها على مباركة للخطط الموضوعة أساساً من قبل الكبار.

تمرّ المنطقة العربية بمشاكل جسيمة قد يكون أهمّها مصير العدد الضخم من الشباب والشابات العاطلين عن العمل والذي تزيد أعدادهم بنسب مهولة كلّ يوم. هذا الجيش من العاطلين عن العمل من الممكن استثماره جيداً وتحويله إلى أداة تنمية وتطوير، وفي نفس الوقت قد يتحوّل إلى قنبلة موقوتة تسبّب الدمار الداخلي والخارجي.  في المقابل، هناك مشكلة خطيرة هي هجرة الأدمغة والقيادات الشابة التي نحن في أمسّ الحاجة إليها أن تبقى في الوطن وتشارك في عملية التغيير والتطوير.

إذا كان موضوع الشباب مهماً ويحتل مكانة عالية في اهتمام الملك والحكومة، فإن أول دليل على ذلك سينعكس في الميزانيات المتوفرة للوزارة وموقعها ضمن الاستراتيجية الوطنية، وحتى في أمر رمزي مثل موقع الوزير ضمن الترتيبة الوزارية.

نحن بحاجة الى ثورة حقيقية في كيفية التعامل مع الشباب الذين يمثّلون غالبية السكان. العملية تتطلب مبدأ واحداً وبسيطاً؛ أشركوا الشباب أنفسهم في أفكاركم ونقاشاتكم وقرارتكم واطلبوا على رأيهم الصادق غير المزيف قبل الشروع بوضع استراتيجية أو خطة عمل تنفيذية للشباب.

 

 

داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

أضف تعليقك