اجتماع «العبدلي» : اخبار طيبة واخرى سيئة!

اجتماع «العبدلي» : اخبار طيبة واخرى سيئة!
الرابط المختصر

لا يستطيع الاسلاميون –وحدهم- ان يتحملوا تكاليف الاحتجاجات في الشارع، ولا يرغبون –ايضا- باعطاء اي انطباع يثبت “تهمة” تحريضهم عليها او قيادتهم لها، لكنهم كما يبدو مصرّون على عدم تفويت فرصة التحولات التي تشهدها المنطقة، وبالتالي انتزاع ما يمكن انتزاعه من تغييرات في المعادلة السياسية القائمة لدفع مشروع الاصلاح الى الامام.

امس الاول، شهد مقر الجماعة في “العبدلي” حوارا ساخنا شارك فيه ممثلون عن “30” حراكا وعدد من الشخصيات الحزبية والاعلامية وتحت لافتة “نفكر معا لانقاذ الوطن وتعجيل الاصلاح” خرج المشاركون بخمسة مطالب اساسية تضمنها بيان مقتضب قدم بصورة غير مألوفة تشخيصا عاما للأزمة التي يمر بها البلد.

فكرة “توحيد الحراكات” التي اتفق عليها المشاركون ليست جديدة، لكنها الآن ضرورية بالتأكيد، فثمة احساس لدى معظم “النخب” السياسية، اسلامية او يسارية، بأن امكانية ضبط “مزاج” الشارع كما حصل في الفترة الماضية لم تعد امرا سهلا او مقدورا عليه، كما ان الناشطين الشباب الذين لم يملّوا او يتعبوا من الخروج للاحتجاج تجاوزوا حدود الوصايات الحزبية او العشائرية بل وحتى السياسية، زد على ذلك ان “فكرة” الاحتجاج والاضراب اصبحت مقبولة لدى المجتمع وبفعل”الاخطاء” التي ارتكبتها الحكومات تحولت هذه “الفكرة” الى “هدية” مجانية منحت الواقفين على خط الاصلاح ما يلزم من “قوة” ومن مبررات لتوسيع جغرافية الاحتجاج من جهة والزام اطرافه بالتوحد على اهداف عامة والخروج ما امكن من دائرة الاختلاف والتشتت.

اذا صحّ هذا “الفهم” فان خطوة “التقريب” بين الحراكات او جمعها في اطار تنسيقي موحد، تبدو مهمة وضرورية وهي –بالتالي- ستخدم الدولة من جهة “ضبط ايقاع المزاج العام” للشارع ومنع ما يمكن ان ينتج عن حالة الاحتقان من انفجارات او فوضى، كما انها ستخدم –من جهة اخرى- مشروع الاصلاح وستمنحه “فرصة” لممارسة ما يلزم من ضغط على “خصوم الاصلاح” لاضعافهم ودفعهم الى الخلف؛ ما يسهم في كسر حدّة الاستعصاء السياسي الذي تحوّل الى حالة “انكار” لمشروع الاصلاح، ولمطالب الناس اثر محاولة البعض ترويج فكرة “نهاية الاصلاح” وطيّ ملفاته تماما.

هذه الاخبار –بالتأكيد ستكون طيبة لكل من انحاز لمصلحة الدولة ولكل من يراهن على ضرورة الاصلاح وضرورة الخروج بالبلد من ازماته لكن هذه الاخبار –بالطبع- سيئة بالنسبة للذين ما زالوا يراهنون على “انفضاض” مولد الحراكات الشعبية بما جمعته من “حمص” قليل، او على آخرين حاولوا استثمار تشتت الحراكات وانقساماتها وقلة اعدادها لابقاء حالة “المراوحة” او الدّ والجذب او الانشغال واعادة السيطرة على المشهد العام، وهم بالتالي لن يترددوا في الدخول على خط “التآلف” والتجمع لتفكيك خيوطه لكن هذا ان حصل سيقودنا الى منحنى خطير، فيه الكلمة العالية لمنطق الحماس وربما الجنون الذي يصعب التعامل مع.. وبدل ان نجد حينئذ طرفا واحدا يمكن ان نتحاور معه كممثل عن “الحراكات” سنجد انفسنا اما اطراف ليست لها عنوان ... ولا مرجعيات ولا حتى اهداف ومطالب محددة.

التحولات التي حصلت على صعيد الحراكات بعد مقررات رفع الاسعار تبدو عميقة وهي تعكس تماما ما يحدث داخل مجتمعنا وما يتغلغل فيه من احساس بالازمة وانتظار لانفراجها ومحاولات مخلصة لتجاوزها بأقل ما يمكن من خسائر، لكن اخشى ما اخشاه ان لا ننتبه لكل هذا الذي حدث ويحدث وان لا نستبقه بحلول ومعالجات جذرية وان نظل نتعامل معه بمنطق “عنزة ولو طارت” او بمنطق “العناد” الذي يضرّ بالبلاد والعباد لا سمح الله.

span style=color: #ff0000;الدستور/span