إلى أين يأخذوننا؟
رهان الأردنيين اليوم يقوم على مخرجات اللجنة الملكية لتعديل الدستور ولجنة الحوار الوطني لأخذ البلاد إلى مرحلة جديدة تفتح باب الأمل بإمكانية تغيير معايير الإدارة لدينا.
فمايزال الناس يكظمون غيظهم، ويتسامون على جراحاتهم رغم احتراق اطراف الاصابع بالفقر والبطالة وكبت الحريات، بانتظار ماتلده "الحوارات الاصلاحية" من إصلاح، وما ستتمخض عنه اللجان من نتائج ومخرجات، ومقدار ما يروق للحكومة منها وما لايروق لتأخذ به أو تنأى عنه.
ما تغير خلال الأشهر الثلاثة الماضية والتي شهدت بدء الحراك المحلي لا يتجاوز تشكيل لجان قامت بـ"إدارة الوقت" بذكاء تحت عناوين كبيرة، تجعل المجتمع يبقى متفائلا بامكانية وضع قانون انتخابات عصري يمثل أطياف المجتمع كافة، ويحقق الحرية المبتغاة لنسير خطوة إلى الأمام. وإلى أن ينجلي الضباب وتتضح الرؤية يبقى المجتمع يتطلع لقانون أحزاب يؤسس لحياة سياسية حقيقية لا تقتصر على لون واحد، بانتظار تعديلات دستورية تقوي مجلس الامة، وتحقق الفصل بين السلطات وتعلي من شأن السلطة القضائية التي تراجعت أحوالها خلال الفترة الماضية.
كل ما سبق لا يستوي من دون ضمانة لجميع أشكال الحريات، وهو ما لم يتحقق رغم كل الوعود، خصوصا أن حفظ الحريات وصونها بمثابة ضمانة للنتائج التي ستنبثق عن اللجان إن كانت مواتية للمرحلة الراهنة وتستجيب لآمال الناس.
الخطر الكبير المحدق سيتجلى في حال خرجت اللجان بتوصيات لا تلبي طموحات الحالة المحلية والاقليمية، وفي حال أسقطت الحكومة من أجندتها ما خلصت اليه لجنة الحوار الوطني بالمماطلة والتأخير، للالتفاف على مطالب المجتمع بالاصلاح الحقيقي الذي يحقق العدالة ويضمن سيادة القانون.
والفشل في الاستجابة الى طموحات الناس، سيصيب المجتمع بخيبة أمل تضاف إلى خيباتهم السابقة، التي ضاعفتها الظروف الاقتصادية الصعبة، وخلقت مجتمعا مستفزا، ويظهر ذلك بجلاء من خلال ظاهرة العنف التي سيطرت على الشارع، كنتيجة لحالة الاحتقان وعدم الرضا، والشعور بالظلم الذي يولده ويضاعفه الاحساس بازدواجية المعايير. أساس المأزق المحلي اليوم يتمثل بالاقتصاد ومشاكله وشعور الناس بالفقر والعوز وقلة الحيلة وامتهان الكرامة، وغياب العدالة وانعدام تكافؤ الفرص. والخروج من عنق الزجاجة قد يكون ممكنا بترجمة الرؤى الاصلاحية وإيقاف الحالة العرفية السائدة والقضاء على ماتبقى من قوى الشد العكسي المناوئة للإصلاح التي ظنت لوهلة ان البلد بما فيها مسخّرة لها ولخدمة أجنداتها المسمومة. فإلى أين يريدون أن يأخذونا؟
الغد