استباق الفتوى بمناقشة القانون وانعدام الثقة بالحكومات دفعا الى التأزيم .
بدا اضراب المعلمين الذي يدخل يومه الثالث تطورا مفاجئا في ضوء التطورات الايجابية التي حدثت مؤخرا. فرئيس الوزراء معروف البخيت اعلن في وقت مبكر التزام حكومته بتحقيق مطلب المعلمين بالنقابة وايد النواب هذا التوجه بقوة, وبعد سلسلة من اللقاءات بين الحكومة والمعلمين اعلنت الحكومة رسميا انها توجهت بسؤال جديد الى المجلس العالي لتفسير الدستور حول دستورية النقابة وذلك بهدف تجاوز فتوى سابقة لا تبيح انشاء النقابة, ومن المتوقع ان تصدر الفتوى الجديدة اليوم الثلاثاء ليصار بعدها الى وضع مسودة مشروع قانون للنقابة.
المعلمون ورغم معرفتهم بهذه الخطوات قرروا الإضراب ولقيت الدعوة تجاوبا واسعا في مختلف مديريات التربية فما هي الاسباب?
يقول معلمون ان اللقاء الاخير لممثليهم مع وزير التربية والتعليم لم يكن موفقا وسمعوا كلاما لا يناسبهم بخصوص إلزامية العضوية في النقابة وامورا اخرى تتصل كلها بمضمون التشريع الذي لم يوضع بعد.
في اعتقادي ان النقاش في تفاصيل القانون سابق لأوانه وكان على الطرفين ان يؤجلا البحث فيه لما بعد صدور الفتوى الدستورية, وبعد ذلك يشرع المختصون في وضع مشروع قانون تتطلب كل مادة فيه نقاشا متبادلا وصولا الى صيغة توافقية. وأيا كان الاتفاق فان المحطة الدستورية لتقرير مصير القانون هي مجلس الامة بشقيه, وعلى المعلمين ان يخوضوا في بحث طويل مع النواب والاعيان لاقناعهم بالصيغة المناسبة لمختلف الاطراف.
والسبب الثاني الذي دفع بالمعلمين الى الإضراب هو حالة إنعدام الثقة التي تحكم علاقة المعلمين وغيرهم من فئات المجتمع بالحكومات عموما. والشعور المسبق لدى المعلمين اليوم هو ان الحكومة تخطط لمنحهم تمثيلا نقابيا شكليا.
كان ينبغي على الحكومة ان تقيم حوارا متصلا ودائما مع المعلمين لتبديد الشكوك وتوسيع دائرة الاتصالات لتشمل اوسع قطاع منهم في المحافظات والالوية, لشرح الآليات المتبعة في العادة لاعداد مشاريع القوانين قبل إقرارها, والالتزام الصريح والواضح بحق المعلمين في نقابة لا تختلف في جوهرها عن اي نقابة مهنية قائمة في الاردن.
لجوء المعلمين الى الإضراب هو تطور خارج السياق يمكن تداركه من الطرفين, فلأشهر مضت كان مجرد طلب النقابة يُقابل بالصد والهجوم من الحكومة السابقة, اما اليوم فقد اصبح في اليد وبوسع المعلمين ان ينتظروا اياما قليلة للتأكد من صدق النوايا وبعدها لهم مطلق الحرية في التحرك. وعلى الحكومة ان تُدرك في المقابل ان الناس غير مستعدين لانتظار مطالب الاصلاح وهي تحقق فترة طويلة. وليس من مصلحتها ايضا تبديد انجاز يُحسب لها في هذا الميدان
العرب اليوم