إذا كنت تريد مشاهدة فيلم.. فلا تذهب إلى مركز الحسين الثقافي!

إذا كنت تريد مشاهدة فيلم.. فلا تذهب إلى مركز الحسين الثقافي!
الرابط المختصر

ما حدث مساء أول من أمس الخميس في مركز الحسين الثقافي، كان مؤلما ومهينا؛ أضر بسمعة مملكة ينشد قائدها التقدم والازدهار، وأضر بتطور حياتنا الثقافية، وأيضا بحق المشاهد في أن يرى فيلما بدون أن يخضع لرقابة شخص ما يقرر للبقية ما يمكنهم أن يشاهدوه.

القصة تبدأ هنا.السيدة شارلوتا شبار، سفيرة مملكة السويد، أقامت حفل استقبال بمناسبة عيد بلادها الوطني. وبعد الانتهاء من الحفل، دعت الحضور إلى القاعة لمشاهدة العرض الأول لفيلم "هاميلتون: رجل في خدمة الدولة"؛ الذي كلف 4.6 مليون دينار، وصورت غالبية مشاهده في الأردن، وشارك في التمثيل الأردنية صبا مبارك.

الحضور ضم المنتج التنفيذي للفيلم يوهان مارديل، ودبلوماسيين وسفراء يمثلون أكثر من 40 دولة عربية وأجنبية، وسمو الأمير رعد بن زيد، والأميرة ماجدة، ووزير المالية د. أمية طوقان، وطيف واسع من الأردنيين والأجانب.

والفيلم مقتبس من كتاب للمؤلف السويدي يان غيلو، يتحدث فيه عن ضابط في الاستخبارات العسكرية السويدية يدعى "كارل هاميلتون"، قرر أن يتتبع أسلحة مسروقة لوقف عملية إرهابية ضد بلاده. (

يمكن استخدام الرابط التالي لمشاهدة دعاية الفيلم: http://www.youtube.com/watch?v=2y-br2NyKO).لكن الأخبار الطيبة تنتهي هنا.قبل بداية العرض، أخبرت السفيرة الحضور الكرام بأنه تقرر حذف بعض مشاهد الفيلم احتراما للثقافة الأردنية.

وتبين لنا فيما بعد أن هذا القرار اتخذ قبل ساعات من عرض الفيلم، من قبل مدير مركز الحسين الثقافي السيد عبدالهادي راجي المجالي (المجالي هو أيضا كاتب عمود سياسي، وناشر موقع "إجبد" الإلكتروني الذي تم حظره يوم الاثنين من قبل الحكومة الرشيدة ضمن 292 موقعا آخر).

وقال مسؤولون في السفارة إن السيد المجالي لم يبلغهم بقراره إلا قبل العرض بساعات، وقد التزموا بالقرار احتراما للقانون.تم حذف مقطعين من الفيلم. في الدقيقة الأولى، تسمر الحضور أمام شاشة سوداء، واستمعوا إلى حوار بين اثنين باللغة السويدية.

لم نفهم فحوى الحوار طالما أننا لم نتمكن من قراءة الترجمة، لأن الشاشة كانت سوداء.

وبعدها بدقائق، كان هناك حذف آخر.المنتج السويدي السيد مارديل قال لي إن المشهد الأول كان للبطل وصديقته يتحدثان ويتبادلان "القبل لكن بدون أن نرى شيئا من جسديهما".

أما المشهد الثاني، فكان "للبطل وصديقته وهما يمارسان الحب. إلا أن المشهد يُظهر انعكاسهما على نافذة في منتصف الليل، وبالتالي لا يظهر من جسديهما الكثير".

هذا الفيلم تم عرضه حول العالم بدون أي رقابة. ويقول السيد مارديل إن ما حدث في الأردن، الدولة العربية الأولى التي يُعرض فيها هذا الفيلم، كان حادثا "غير مسبوق".وعندما سألته عن شعوره، قال: "كنت أتمنى أن يشاهد الحضور الفيلم كاملا، لأن هذين المشهدين يكملان السرد المنطقي للقصة.

الحب في هذين المشهدين كان عنصرا موازنا للعنف الذي يحدث في باقي الفيلم".

اما السيد المجالي، فوصف اللقطات المحذوفة، في حديث لموقع "عمون" الإخباري، بـ"الفاضحة"، معتبراً أن الفيلم احتوى "على صور لنساء بشكل عار شاهدها قبيل عرض الفيلم على المسرح، ما دعاه إلى إبلاغ السفيرة السويدية بمنع ظهور تلك اللقطات على مسرح "الحسين" لمخالفتها الأنظمة والتعليمات الخاصة بالمركز".

في السابق، ولفترة وجيزة، بدا وكأن الأردن يتراجع عن فرض رقابة على الأفلام والكتب والصحف. كانت الأفلام تعرض كاملة في المهرجانات السينمائية، وفي العديد من دور السينما، بدون حذف، حتى إن كانت تحتوي على مشاهد تعر أو تقبيل.

وكان الخيار للجمهور أن يشاهدوا هذه الأفلام من عدمه.

لكن الرقابة التي مورست أول من أمس هي برأيي ورأي كثير ممن حضروا، لم يكن لها أساس قانوني أو أخلاقي.

ما حدث أول من أمس كان قرارا فرديا اتخذه مدير المركز، والذي قرر على ما يبدو أن يؤدي دور الحارس الأخلاقي على الجمهور. وبما أننا نعيش في عصر يمكننا فيه مشاهدة الأفلام بحرية على الإنترنت، فإن من المحزن والمؤلم والمقلق أن يظن أي أحد أن بإمكانه فرض رؤيته الأخلاقية الخاصة على المشهد الثقافي في بلد يتمتع بمستوى عال من التعليم!

ومن المفارقة أن السيد عبدالهادي المجالي هو نفسه ضحية للرقابة التعسفية والقمعية التي تمارسها الحكومة على الصحافة والمواقع الإلكترونية.

الغد