إتهامات جاهزة

إتهامات جاهزة
الرابط المختصر

p style=text-align: justify;ما أن يبدأ أيّ نقاش بينك وبين آخر أو آخرين وتصولون وتجولون في المناقشات المستفيضة , وما تكاد أن تصل إلى نقطة التقاء – لا يريد أن يصلها محاورك – حتى تتفاجأ بأنّ من تحاوره يكيل لك إتّهامات جاهزة , فيبدأ باختيار التّهمة الّتي تناسب الحوار الذي يريد أن ينهيه . فإذا كان الحوار عن موضوع الفساد الّذي أصبح حديث الجميع فأنت ( خائن للوطن ), أمّا إذا كان الحوار المبتور عن تجاوزات في قانون ما , فأنت (عميل ) ومدسوس , وإذا انتقدت شارعا تكثر فيه المطبّات ولا يصلح للإستخدام البشري فأنت ( عاقّ لوطنك ) ./p
p style=text-align: justify;واتهامات أخرى وأمثلتها كثيرة , حاقد , انتهازي , سليط ( طويل اللسان ) , كاذب , متسلّق , وصولي .... واتهامات جاهزة على حسب الموضوع المطروح وقد تكون أفظع وقد تصل في بعض الأحيان إلى التّكفير./p
p style=text-align: justify;جميع هذه التعابير أصبحت دخيلة على مجتمعنا , فالحوار في الماضي كان يؤدي إلى نتيجة , فإذا كانت حجّتك مقنعة يثتنع الطرف الآخر فيعترف بأنّك على حق , امّا إذا لم تتوصّل أنت والطّرف المحاور الآخر لنقطة التقاء , فكان يبادر أحد الطّرفين لتغيير الموضوع أو تأجيل النّقاش – بكلّ أدب - إلى وقت آخر . لقد نسي أو تناسى البعض في هذه الأيّام أدب وفنّ الحوار الّذي يؤدّي إلى نتيجة وهذا ما أوصلنا إلى نتيجة عبثية ( إمّا أن تكون موافقا لوجهة نظري أو أنت عدوّي ) , وفي الأصل أنّ أيّ حوار يدور بين متحاورين يجب أن يبنى على احترام الشخص المقابل واحترام وجهة نظره , فليس معنى أن أحترم وجهة نظر الآخر بأنني أتبنّاها إن لم أقتنع بها , فكيف أطلب أو حتى أتوقّع احترام من لا أحترم صاحب وجهة النّظر وطرحه./p
p style=text-align: justify;إنّ المتتبّع أو المجرّب لهذه الحالات التي ذكرتها يعلم علم اليقين بأنّ من يستخدمون هذا الأسلوب من إطلاق الإتّهامات الجزافية لا يملكون الحجّة الدّامغة للدفاع عن وجهات نظرهم , وحتى أنّهم لا يملكون الدّليل على صدق اتهاماتهم , ولا حتى يمتلكون شخصية و ( كاريزما ) المحاور الذي يريد الوصول إلى نتيجة ./p
p style=text-align: justify;ألم يسمع ويقرأ هؤلاء قول الله تعالى في كتابه الكريم ( وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم ) . فالخطاب في هذه الآية الكريمة ليس موجها فقط لمعلّم البشرية جمعاء رسولنا ( محمد صلى الله عليه وسلّم ) وإنّما هو موجّه لجميع المسلمين , والجدال الموجود في الآية الكريمة هو الحوار , والحوار يجب أن يكون مبنيا على الكلمة الطيبة التي تعكس شخصية وأخلاق صاحبها , فإذا كان الحوار مبنيا على ما ورد في الآية الكريمة , فالنتيجة هي أنّك ستكسب الآخرين , حتى وإن لم يقتنعوا برأيك ./p
p style=text-align: justify;فكم حاور رسولنا الكريم سادة من أسياد قريش وسادة وعوام الأقوام الأخرى , ولكنه لم يستطع إقناعهم وإنما كسب – عليه أفضل الصلاة والسّلام – صداقتهم واحترامهم ./p
p style=text-align: justify;ألم يكن رسولنا الكريم يطلب من سادة قريش في بداية دعوته أن ( يخلّوا بينه وبين النّاس ) ؟ أي أن يسمحوا له بحوار النّاس , فمن اقتنع بالدّعوة فأجره إلى الله , ومن لم يقتتنع فحسابه عند الله ./p
p style=text-align: justify;لقد حاور الرّسول وجادل لمدّة ثلاثة وعشرين عاما واتّهم ممّن ختم الله على قلوبهم بأنّه شاعر , مجنون , كاذب وساحر , وما زلنا نطلق على تلك المرحلة ( العصر الجاهلي ) , فهل انحدرنا نحن الآن إلى ما هو أدنى من ذلك العصر الجاهلي ؟/p
p style=text-align: justify;نفتقد في عصرنا هذا إلى من يجيد فنّ الإستماع , أمّا فنّ الخطابة والحديث أصبح يجيده الكثيرون , فإذا كنت مستمعا جيّدا ستكسب احترام محاورك , وبالتّالي ستحاوره بالتي هي أحسن ./p
p style=text-align: justify;لقد سئمنا الإتّهامات الّتي تطلق من هنا وهناك لمجرّد التشويه وقلب الحقائق لحاجة في نفس يعقوب , ولا بدّ لنا أن نبدأ مرحلة جديدة مبنيّة على احترام وجهات نظر الجميع واحترام أصحاب وجهات النّظر حتى نصل إلى نتيجة , نستفيد منها ويستفيد منها أبناؤنا وبالتالي المجتمع بأكمله ./p
p style=text-align: justify;وأخيرا رسالة أوجّهها إلى النّظام ومن يهادن هذا النّظام – على أخطائه – بأنّ جميع الإتّهامات التي ذكرتها في بداية هذا المقال كانت هي المسمار الأخير الّذي دقّ في نعوش الأنظمة التي سقطت . فلا أحد يريد إسقاط نظام وإنّما إصلاح للأخطاء المتراكمة منذ زمن . فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ./p

أضف تعليقك