أي مناهج دراسية نريد؟

أي مناهج دراسية نريد؟
الرابط المختصر

تبعث على الأسف تلك الانتقادات التي يطلقها كتّاب وسياسيون حيال المناهج الدراسية، إذ تتبنى أغلبيتها مقولات شعبية يظهر لاحقاً عدم صحتها مثل القول باحتواء منهاج لأحد الصفوف خارطة "إسرائيل"، ولا نجد طرحاً جاداً حول أسباب تخريج أفواج الأميين من مدارسنا وجامعاتنا.

يغلب على جمهور المعترضين لغة البيانات السياسية المنددة بـ"المؤامرة" التي تحاك ضد طلابنا لـ"ضرب هويتهم الوطنية وثقافتهم الإسلامية"، فيما الحقيقة الساطعة أن مناهجنا تكرّس الدين بوصفه المرجعية الأولى في حياتنا، وأنه يملك الحلول الناجعة لحلّ أزماتنا، وبذلك تؤسس لانفصام لدى الفرد الذي يحيل إحباطاته وعجزه لأوهام تتعلق بـ"ابتعاد المجتمع عن الإسلام".

أمثلة عديدة جرت الإشارة إليها مراراً عبر تقديم المرأة محجبة في جميع الكتب المدرسية، بل تتضمن صوراً لطفلات يرتدين الحجاب، ورسم أدوار معينة للنساء تنحصر في الأعمال المنزلية على نحو يرفض التعدد في المجتمع وينحاز لنموذج واحد يطغى عليه التطرف.

"انحياز" يعززه أسلوب التلقين المعتمد في مؤسساتنا التعليمية نتيجة جهل معظم كوادرنا التدريسية، التي تعادي قيم التنوير والحداثة بشكل علني، وتمارس أسوأ الأدوار عبر تحريضها ضد القيم التي تدعم المواطنة والتمدن في المناهج، فيجري تحريم الدستور والديمقراطية والدولة المدنية وغيرها من المفاهيم.

ويحارب كثير من المعلمين بشراسة الفنون وصنوف الإبداع جميعها، ويبذلون جهودهم المضنية للقضاء على العقل النقدي والتفكير الإبداعي لدى الطلبة، ويفرضون وصايتهم التي تربي أجيالاً على ذائقة مريضة تعاف الجمال؛ موسيقى وأدباً ومسرحاً وفناً تشكيلياً.

لا يمكن التنظير حول تطوير المناهج في ظل بيئة تعليمية موغلة في الانحطاط والتخلف، وانحراف المؤسسة الرسمية عن القيم التي تهدف إليها من التعليم وهي: توفير فرص تعليمية للجميع، المواطنة الصالحة والولاء والإنتماء، الجودة، العدالة، المساواة، الفاعلية، الكفاءة، المواءمة، بناء شراكات فاعلة (بحسب رؤية وزارة التربية والتعليم) واختصارها بقيمة واحدة تتمثل بالولاء لمؤسسة الحكْم كما تحرص عليه مناهج التربية الوطنية.

أي مناهج دراسية نريد؟

يصبح هذا سؤالاً فائضاً عن الحاجة، حين تضم لجنة المناهج في عضويتها وزير الأوقاف، ولا يستشعر المجتمع ونخبه السياسية والثقافية أن المطلوب هو الارتقاء بمخرجات التعليم لا الدفاع عن الدين أو عن هيبة النظام!

محمود منير: كاتب وصحافي. محرر “تكوين” في عمان نت.

أضف تعليقك