أهم‎ ‎من‎ ‎الحكومة‎ ‎وتقييمها

أهم‎ ‎من‎ ‎الحكومة‎ ‎وتقييمها
الرابط المختصر

تأخر إعلان نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية حول حكومة فايز الطراونة بعد مرور 100 يوم على تشكيلها، حتى يوم أمس، بعد أن كان مقررا إعلان نتائجه الثلاثاء الماضي.

أسباب التأجيل، حسبما أكدتها إدارة المركز، فنية.

فيما يذهب أغلب الظن إلى أن الهدف من التأخير يتمثل في نشر النتائج يوم الجمعة الذي تقل فيه نسبة القراءة بالعادة، في بلد تشير الدراسات إلى أن أهله لا يقبلون على المطالعة بطبيعتهم.

التحليل، وتبعا لنتائج الاستطلاع السيئة للغاية، يؤكد أن التأجيل مرتبط بشكل أو بآخر بماهية النتائج التي خلص إليها، والغاية تجنب الإعلان عنها في ظل الوضع الضبابي الذي ساد في البلد حول احتمالية رحيل حكومة الطراونة، عقب أزمة هذه الحكومة مع النواب بسبب التعيينات الأخيرة، ورفع أسعار المحروقات؛ إذ يرى مراقبون أن النتائج لربما كانت ستسرع برحيل الطراونة وفريقه.

في النتائج، انخفض عدد من يعتقدون بأن الأمور في البلد تسير في الاتجاه الصحيح بمقدار 30 نقطة خلال سنة واحدة.

وقد تكون هذه النتائج الأهم في الاستطلاع، وهي مكمن الخطر أيضا الذي يتوجب الالتفات إليه.

فتقييم عمل وأداء الطراونة وفريقه بهذا السوء ليس مفاجئا.

والنتائج التي حصلت عليها الحكومة تأتي أيضا في سياق التقييم العام لنهجها، خصوصا وأن النظرة العامة للحكومة لا تختلف كثيرا عن نتائج الاستطلاع، مع فارق وحيد هو أن الاستطلاع وضعها في إطار عملي وبحثي رصين.

اللافت في الأمر، والمسألة التي يلزم التوقف عندها، تتعلق بالخسائر التي تجنيها الدولة من وجود حكومة الطراونة؛ خصوصا أن من يقطف النتائج السيئة اليوم ليس الحكومة ورئيسها، بل الدولة في إطارها الأوسع.

فاللوم والشعور بعدم الرضا لم يعد يتوقف عند الحكومات وشخوصها. ويبدو أن الضرر الذي أوقعته حكومة الطراونة في هذا المضمار كبير، ووقف النزف بحاجة إلى تغيير إستراتيجي في النظرة إلى الحكومات وكيفية عملها.

وبحسب الاستطلاع، يعتقد 60 % من أفراد عينة قادة الرأي بأن الأمــور تسير في الاتجــاه الخاطئ، كما يظن 41 % من أفراد العينة الوطنية ذلك.

وهذه نتيجة في غاية الأهمية؛ إذ إن كل 6 من أصل 10 شخصيات يمثلون قادة الرأي يظنون أن الأمور تذهب في الاتجاه الخاطئ.

وهذه المعلومة أيضا يتطلب التوقف عندها ودراستها، وفق نظرة عميقة تعيد مراجعة المسار، وتحسم مصير القضايا الخلافية التي أدت إلى الانحراف في المسيرة، ومراجعتها وفق رؤية جامعة تعيد الأمور إلى نصابها، بشكل يرضي النخب على الأقل، وليس العينة الوطنية التي يرى أكثر من ثلثها أن الأمور لا تذهب في الاتجاه الصحيح.

نتائج الاستطلاع مهمة لمستقبل البلد، وضرورية لتصحيح المسار، أكثر من أهميتها لناحية تقييم رئيس حكومة وفريقه، فالحكومات تأتي وترحل.

المهم في هذه المرحلة الحساسة قراءة الاستطلاع بعيدا عن الحكومة. ويبدو مفيدا التعمق أكثر في تقييم المسار العام وتحليل الطريق التي نسير فيها بموضوعية، لنقيس صحة ما تم وتعديله وتقويمه إن احتاج إلى ذلك.

الغد