أزمات مُركّبة ومُعقّدة.. هل من حلول خَلاّقة؟
الخيارات المطروحة للاصلاحات تواجه مأزقا بنيوياً
لم نواجه من قبل أزمة معقدة ومركبة على هذا النحو, فكلما حاولنا ان نضع اقدامنا على اول الطريق نسقط في حفرة وعندما نتجاوزها نصطدم بمطب. الانتخابات البلدية التي اريد لها ان تكون فاتحة الاصلاحات تتحول الى مصدر تهديد للاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي, والامر هنا لا يتصل بمرحلة ما بعد الانتخابات التي لا تملك الحكومة اي تصور لها, وانما في التطورات الجارية الان والاحتجاجات التي لم تتوقف بعد اعلان البلديات المستحدثة.
وقبل ان نشرع في توظيف التعديلات الدستورية للتقدم في عملية الاصلاح السياسي نفاجأ بقرار المجلس العالي لتفسير الدستور بما يخص مزدوجي الجنسية من الوزراء والنواب والاعيان, واذ نحن في يوم واحد امام استحقاق تعديل وزاري وانتخابات تكميلية في عدد من الدوائر الانتخابية ما زلنا نجهله بانتظار ان يقر جميع النواب من حملة الجنسية الاجنبية بذلك. ولم يلتفت الاعيان وهم يقرون التعديلات الدستورية الى انهم سيخسرون خمسة من اعضاء المجلس دفعة واحدة.
المشهد برمته يبعث على القلق, حكومة مرتبكة تدير ملفات حساسة بارتجال, تتخذ القرارات ولا تعرف نتائجها, وتتعامل مع الازمات بالقطعة والمياومة. وقطاعات شعبية محتقنة اصلا وتأتي قضية فصل البلديات لتصب الزيت على نار الشارع المشتعلة فيخرج الناس الى الشارع ليأخذوا بيدهم ما يدعون انه حقهم, يقطعون الشوارع الرئيسية, يعتصمون ويلوحون بالسلاح في وجه الدولة.
اما السلطة التي عليها واجب اقرار التشريعات للمرحلة الجديدة تواجه هي الاخرى ازمة شرعية بعد انباء تفيد بأن ما لا يقل عن ثمانية من اعضاء مجلس النواب سقطت عضويتهم بعد نفاذ التعديل الدستوري المتعلق بحرمان حملة الجنسية المزدوجة من عضوية المجلس. والنواب صراحة لم يكن ينقصهم المزيد من التشكيك في شرعيتهم ويكفيهم ما يتلقونه كل يوم الرأي العام ووسائل الاعلام, ومن الحكومة التي وضعتهم في مواقف محرجة لا يحسدون عليها.
لكل هذه الاعتبارات نقول انها ازمة مركبة وغير مسبوقة وفي لحظة تاريخية حرجة.
ان الخيارات المتاحة امام صاحب القرار محدودة جدا, وهامش المناورة ضيق للغاية, بينما الشارع - وهذه المفارقة في المشهد - يضغط من اجل حلول جذرية وفورية في آن معا!
لكن محدودية الخيارات وندرتها تشكل بحد ذاتها تحديا لعقل الدولة للبحث عن حلول خلاقة تمكننا من انجاز الانعطافة الحاسمة في الوقت الصحيح.
والمدخل الذي لا بد منه هو ان نبدأ التفكير بحلول خارج الازمة ولا من داخلها. بمعنى اوضح; فحص الخيارات الممكنة خارج خارطة الطريق المقترحة لاجندة الاصلاحات, ويتطلب ذلك جرأة في المناقشات واستبعاد الخيارات المعتمدة لحد الان لانها وبمجملها دخلت في ازمة, ولم تعد قادرة على انتاج حلول بل مزيد من الازمات.
العرب اليوم