أخبارنا وأخبارهم

أخبارنا وأخبارهم
الرابط المختصر

الفارق بين أهم الأخبار التي تشغل الرأي العام على الصعيد العربي والإسلامي من جهة، وبين الأخبار المهمة على صعيد العالم المجاور، يدعو الى  الدهشة والذهول، والحزن  والرثاء في ان واحد! من حيث الدلالات والمؤشرات على معالم مستقبل بلادنا وأبنائنا.

تفجيرات وقتلى وجرحى في كركوك العراق وفي مدن أخرى، وقتال وحصار في ريف دمش وحمص وحلب في سوريا، ومهاجرون هاربون يغرقون في البحر المتوسط اثناء هروبهم نحو السواحل الأوروبية، ومحاكمات بالجملة في مصر، وطائرات أمريكية بلا طيار تقتل «حكيم الله محسود» زعيم حركة طالبان الباكستانية، مما أجهض مسار المفاوضات السلمية الذي بدأته الحكومة الباكستانية مع الحركة! كما أصدر القضاء في بنغلادش أحكاماً بالإعدام على (150) شخصاً، وأحكاماً بالسجن على مئات أخرين لإدانتهم في حركة تمرد عام (2009) م،وتجدد الاشتباكات بين الحوثيين والسلفيين في اليمن! وهناك أخبار مشابهة في أقطار عربية أخرى لا تقل بشاعة وخطورة.

ونقرأ في الجهة المقابلة أن الهند أطلقت أول سفينة فضاء لكوكب المريخ، من أجل الانضمام الى وكالات الفضاء المنشغلة في اكتشاف معالم الكوكب الأحمر، وأنباء أخرى عن شركة أمن «إسرائيلية» تتولى توفير الأمن للملاحة البحرية في قناة السويس وبعض شواطئ الدول الخليجية.

استقصاء المفارقات المذهلة بين ما يطفو على السطح الإعلامي في عالمنا، وما يملأ فضاءنا وعقولنا وأسماعنا، وبين ما ينشغل به الاخرون؛ ربما يحتاج الى صفحات كثيرة وواسعة، مما يؤكد جملة من الحقائق المرعبة التي تتعلق بمستقبل بلادنا وشعوبنا، ومستقبل أبنائنا الذي يلفه الضباب، من خلال الوقوف على منحنى مسار العقل العربي، ومسار تفريغ الطاقة الجمعية للجهود المبذولة من كل الأطراف والفرقاء الفاعلين على الساحات العربية! سواء كانوا في المواقع الرسمية ومواقع السلطة وأصحاب القرار، أو في مواقع المعارضة وصفوف الجالسين على مقاعد المتفرجين، أو الواقفين في طوابير الانتظار على مقاصل الذبح والتهجير والمحاكمات السياسية الغارقة في بحر الانتقام والتشفي!!

المشكلة الكبرى أننا نعيش في حلقة مفرغة لا تنقضي ولا تنتهي ولا تنكسر، ويأتي كل جيل ليكمل ما بدأه الجيل الذي سبقه ويضيف عليه مزيداً من الإبداع والتطوير من أجل زيادة منسوب القتل وزيادة مساحات الصراع الدموي، الذي يتغذى على خطاب الكراهية وشيطنة الخصم، وتعميم ثقافة الإقصاء والتهميش، وعدم قبول الأخر ولا الاعتراف بوجوده وحقه في الحياة.

العقول المنشغلة بنشر ثقافة الشيطنة  لا ترى الاّ نفسها ،ولا تسمع الاّ صوتها، و لا تنظر الا بعين الشك والريبة الى كل صوت يدعو الى كسر هذه الحلقة المفرغة، ووقف عملية قتل الذات وتدميرها، وكل من يدعو الى محاولة البدء بحياة جديدة، ولون جديد في التفكير وإعمال الذهن، او السير بمسارات جديدة في العمل السياسي والاجتماعي، الذي يتم من خلاله توجيه العقل نحو آفاق البناء والتنمية، واشغال الأجيال الجديدة في معارك مفيدة تعود عليها بالنماء وامتلاك القوة الحقيقية القادرة على الانتاج والإنجاز.

 يقترب الهنود والصينيون من امتلاك المستقبل، وسوف يكتشفون حقائق مذهلة تتعلق بأسرار الكون، وسوف يكونون قادرين على توظيف المعرفة الجديدة في تطوير أنفسهم وتحسين أساليب الحياة لأبنائهم، ونحن سوف نزيد قدرتنا على الهجاء واتقان لغة التخوين المتبادلة بين الفرقاء المتشاكسين !الممزوجة بلغة القتل وسفك الدماء، والمصحوبة بالتلذذ بالتخلف والاستمتاع بالجهل والجاهلية العمياء.

الدستور