أحياء الزرقاء تدير نفسها بنفسها..لما لا؟!

أحياء الزرقاء تدير نفسها بنفسها..لما لا؟!
الرابط المختصر

أمام الزرقاء وسكانها الأوفياء- الذين لم يغادروها هربا من الفقر الواضح في الخدمات وشح فرص العمل والتنمية -فرصة ذهبية؛ لإعادة الألق لمدينة صدرته قبل عشرات السنين وباتت الآن تفتقده، وتبدو صورتها منسية ومتعبة ومهملة .

الفرصة تكمن في وعي لافت لأبناء الزرقاء، لبدء  جهود البناء والتحديث من المدينة نفسها وأن لا يستمروا بالانتظار لخطط حكومية ومشاريع تنموية  مستقبلية، ونواة هذا التوجه كما لمست هم مواطنون شباب من الزرقاء يعملون بالعمل العام الرسمي او التطوعي والمدني.

فالتركيز  الواضح على الاعتراف بالأخطاء المتراكمة خاصة لجهاز بلدية الزرقاء، هو بداية الطريق للحل والتكاتف الملموس من هذا الجهاز وشباب وشابات في مبادرات تطوعية وتنموية لخدمة المدينة بات مثالا يحتذى.

والفعاليات الثقافية التي يناضل منفذوها للإعلان عنها وجذب أهل الزرقاء لمتابعتها هي لبنة أخرى بترسيخ محبة السكان لمدينتهم وتقبلها كمكان للعيش والتعايش وليس للعمل وعد الأيام فقط.

نضع في خضم هذا الشعور العام والحركة الدؤوبة اقتراح قد يكون خياليا ولكنه قابل للتطبيق، وهو يطبق  أهل المدينة "فكرة إدارة الأحياء" ، بحيث يبادر كل حي لانتخاب ممثلين صوريين لهم ينقلون قضاياهم للمجلس البلدي ويديرون المبادرات التطوعية والخدمية ويخططون لها، هي إعادة إحياء لفكرة المخاتير ولكن بحلة شبابية وحضارية لا تعتمد على الوراثة او العائلة وإنما العمل الفعلي والاختيار الديموقراطي.

هذا الاقتراح سيقود بالمستقبل -إذا احسن التخطيط له وتطبيقة - الى انتخاب ممثلين للحي للإدارة الفعلية له من حيث ان يكون القرار للسكان المقيمين أنفسهم من حيث الأولويات التي يحتاجها الحي من مؤسسات الإدارة المحلية في الدولة.

"تسير الذات" او الديموقراطية من الأسفل، او إدارة الذات هي اسلوب ونهج حياة بالنسبة لمدن وأحياء في امريكا اللاتينية مثلا، ومطلب وحل عرض للتسوية قضايا كبرى من قبل حزب العمل الكردستاني، وهي تجربة قابلة للتطبيق والحياة في مدننا العربية حتى في دول تحركها روابط عشائرية او عائلية كالأردن وخاصة بعد التحول الكبير بفعل" الربيع العربي".

السؤال هل يمكن تطبيق تجربة" تسيير الذات" في أحياء الزرقاء التي لا يرتبط  سكانها تقليديا كما  في مدن أخرى بالمملكة؛ إذ أنهم من مناطق وخلفيات وعرقيات مختلفة ومتعددة.

 على الأغلب سيكون الجواب ان الحل يكمن بالتحدي نفسه، اي ان الاختلاف يعظمم  الاتفاق على الأولويات والمصلحة الخاصة التي يحققها  اختيار الشخص او الجهة الأكفأ للقيام بالمهمة كالحاجة لشارع، او حديقة او إزالة مكرهة في الحي او عقد نشاط ثقافي واجتماعي عام.

والداعم الأساسي لتطبيق هذا الاقتراح هو ان يحصل مجلس أو رابطة الحي او الشكل التنظيمي المنتخب لممثلي الحي مهما كان اسمه جزء من العائد المادي من الضرائب التي يدفعونها للدولة  والبلدية لتحسين حييهم والقدرة على تحقيق مشاريع او فعاليات حقيقية  تخدم الحاجات الحقيقة الملحة لهم.

والسلبية التي نلمسها في الزرقاء أو في مختلف المحافظات في السنوات العشر الأخيرة بعدم المشاركة بالانتخابات النيابية مثلا لعدم ثقة المواطنين بممثلي الشعب المنتخبين، واليأس  من قدرة الحكومة على التغيير والتحسين، قد تكون تحديا واضحا امام سكان الأحياء من المشاركة في إدارة تلك الأحياء ولكنها كما سبق يمكن ان تكون جزء من الحل أيضا، بأن يحول سكان الحي سلبيتهم في الشأن العام الى مشاركة إيجابية في تحقيق مصلحة عامة ومشتركة بينهم في الحي الذي يسكنونه معا.