أحداث القويسمة: انتهاك جديد لحقوق الإنسان

أحداث القويسمة: انتهاك جديد لحقوق الإنسان
الرابط المختصر

لم تمض أيام على الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان واحترام حريته وكرامته، إلا وتأتينا أنباء الأحداث المؤسفة التي تلت مباراة الفيصلي والوحدات، ونسمع عن جرحى بالمئات لم يرتكبوا إثما إلا أنهم ذهبوا لمشاهدة المباراة.

وما حصل ببساطة هو عملية نسف لمبدأ احترام حقوق الإنسان من جذوره، ليجد المرء نفسه في بيئة لم تؤمن بعد بأبسط حقوق الناس، لا بل وتنتهك كراماتهم وتستخدم معهم صنوفا مختلفة من أساليب التعامل اللاانساني.

ولا يمكن بعد الذي جرى في ملعب القويسمة، أن يقتنع المرء بالعبارات الرنانة التي أطلقت بمناسبة احتفال العالم بحقوق الإنسان حقيقية، ولا يمكن أن يؤمن أي كان أن ما قاله مسؤولونا يعبر بصدق عما يحدث في الأردن حيال ملف حقوق الإنسان.

ما حدث في ملعب القويسمة لم يكن محض صدفة، كما أنه لم يكن مرتبا، لكن التكهن به أمر ممكن وهين في ظل المعطيات والمعادلات التي تدار بها الأمور في البلد.

الحدث يعبر عن قصور لدى جهاز الدرك في معرفة ماهية حقوق الإنسان، ودليل ذلك الإصابات الـ 250 التي امتلأت بها المستشفيات، إضافة إلى أنه يعكس المعادلة غير المتوازنة حيال التعامل بين الدولة والمجتمع.

وما الأحداث المؤسفة والخطيرة التي وقعت يوم الجمعة، إلا انعكاس لحالة عامة من ارتباك العلاقة بين السلطة والناس.المشهد من بعيد يؤكد أن ثمة عقدة في منشار تعامل الجهات الرسمية مع الناس، وأن خللا يعتري العلاقة بين السلطة والناس، فبالأمس ألقيت القنابل المسيلة للدموع في مستشفى السلط، وقبلها في العقبة، وتلتها، اربد ثم جرش، ولا ندري من بعد؟.

هذا العنف الذي مورس ضد أبرياء، لم يأت من فراغ بل هو نتاج غياب الإصلاح والحرية الحقيقية.

وتوقف حالة العنف هذه غير متوقع، لا بل إن المعطيات تشي بان القادم أصعب وأكثر تعقيدا، إن لم يؤمن الجميع، مؤسسات وأفرادا، بأهمية القانون كأساس لتطور المجتمع، وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة من التحليلات العقلانية، وغير العقلانية، والتي تجر هذا البلد إلى طريق أفقه غير معلوم.

وقف النزف، يتطلب محاسبة من انتهكوا حقوق الإنسان، وأفقدوا الفرد احترامه لذاته، وأضعفوا إيمانه بحقيقة النوايا حول ترسيخ سيادة القانون، وتقوية المؤسسات في وجه تغول أخرى.

الإفراط في استخدام العنف طال الكثير من المناطق، واستمرار هذا النهج ينبئ أن الأمور تسير في اتجاه تصعيد العنف المجتمعي، فليس بالهراوات تضبط الأمور ويحكم القانون قبضته، وليس بالعنف تحل المشاكل، وإفقاد الناس الشعور بقيمتهم، يقتل فيهم الكثير من الأشياء والأحاسيس ليس أولها المواطنة الصادقة التي يطالب بها الجميع.

المطلوب محاسبة كل من انتهك حقوق الناس، وأهان إنسانيتهم ولم يحترمها، سننتظر نتائج لجنة التحقيق الحكومية، لنرى مدى الجدية في احترامنا لحقوق الإنسان!!!.

الغد

أضف تعليقك