«لا يصح إلاّ الصحيح»

«لا يصح إلاّ الصحيح»
الرابط المختصر

لقد كنت على اطلاع تام بمجرى الأحداث مؤخراً حول تطبيق قانون الصحة العامة لعام 2008، والذي يقضي بعدم السماح لترخيص أماكن تقديم الأرجيلة أو إعادة ترخيصها أو نقل الرخصة من موقع إلى آخر وكل ما يتعلق بالموقف السليم والجريء لوزير الصحة الأكرم بهذا الخصوص والتزام أمين عمان وأمانة عمان الكبرى بتطبيقه، لأن هذه الخطوة بغاية الأهمية والضرورة ولا تحتمل أي تأجيل أكثر إذ لا يصح إلاّ الصحيح.
ومما أذهلني حقاً التفاعل الحاصل تجاه هذا القرار بين موافقين ومعارضين –كلٌ بحسب الكيف-، ومهاجمة العديدين لهذا القرار على عكس ما يجب تماماً.
فهذا القرار يصب أولاً وأخيراً في مصلحة المواطنين، فبدلاً من مهاجمة الحكومة لاتخاذها مثل هذا القرار المسؤول، يجب علينا المطالبة بتطبيق قرار حظر التدخين في الأماكن العامة وعدم جعل السجائر والأراجيل متاحة لمن أعمارهم أقل من 18 عاماً! يجب علينا ايقاف القتل البطيء لأطفالنا وأبناء مجتمعنا.
وما يذهلني أكثر هو تفضيل بعض الجهات بيع صحة المواطنين على حساب المكسب المادي.. فهم بالتأكيد لن يكونوا فيما بعد إلى جانب هؤلاء المواطنين عند إصابتهم بمرض السرطان أو غيره من الأمراض التي يسببها التبغ ومنتجاته (لا قدّر الله)...
أتمنى حقاً أن نفكّر أكثر بكل وعي وجديّة بأهمية هذا القرار على صحتنا وصحة أبنائنا المراهقين والشباب (الذين هم الفئة المستهدفة الأكبر) لهذه الأراجيل ومنتجات التبغ عامة، كما يجب علينا أن نطالب بحقنا بتنفس هواء نقي، فالتدخين مسؤول عن 50% من الوفيات بسبب السرطان وأمراض القلب والسكري وأمراض الرئة، وهو المسؤول المباشر عن ثلث جميع السرطانات، و90% من سرطانات الرئة تحديداً، والتي تعد من السرطانات الخمسة الأكثر شيوعاً في الأردن، والسرطان الثاني المسبب للوفيات بين النساء والرجال والأطفال..
وأؤكد أن علينا جميعاً أن نتخذ موقفاً صارماً وواعياً وأن نساند هذا القرار لما فيه مصلحتنا العامة ومصلحة مجتمعنا كافة، فتوجُّه كل العالم الآن لمكافحة ومنع التبغ ومنتجاته ليس قراراً عابثاً أو عرضياً، بل هو نتيجة للعديد من الدراسات التي بيّنت مدى خطورة هذه الآفة ومدى تأثيرها على صحتنا وسلامتنا ومستقبلنا.. ولكي أكون واضحة، أنا لست ضد المدخنين، فأنا أراهم أولاً وأخيراً ضحايا الإدمان على التدخين، بالإضافة إلى أنهم -بنظري- ضحايا لمؤامرات شركات تصنيع منتجات التبغ.. فمع كل نفخة، هناك مريض سرطان جديد يتم إدخاله إلى مركز لعلاج السرطان.
لذا أنا أحيي كل مسؤول صاحب ضمير مهتم برعاية وحماية أفراد شعبه، كما أُثني، وأشكر - كلّ الشكر- جهود وموقف وزارة الصحة وأمانة عمان الكبرى وكل من يقف إلى صف هذا القرار..
وأشجب تماماً كل قرار يصحح خطأ أو يدافع عنه على حساب خطأ أكبر.. فالنشاط السياحي في وطننا الحبيب لن يتوقف على هذا القرار أو غيره.. فنحن لسنا البلد الوحيد الذي يمنع التدخين والأراجيل في الأماكن العامة، بل نحن من الدول المتأخرة بتطبيق هذا القرار، الذي يكلف حكومتنا ملايين الدنانير لدعم قطاع الرعاية الصحية..
لأنه لا يعقل ولن يكون من المنطقيّ أبداً أن نفضّل قطاعاً على حساب قطاع آخر ثمنه لا يقاس بالدنانير بل بأرواح البشر وحياتهم... لإنه (لا يصح إلاّ الصحيح).
اتخذ قرارك اليوم، لا تكن ضحية بإرادتك!.

* مدير عام مؤسسة الحسين للسرطان

*الدستور

أضف تعليقك