المقابلين منطقة ملوثة بيئياً وضوضائياً

يعيش أهل منطقة المقابلين الواقعة شرق عمان، في جو يسوده التلوث البيئي والضوضاء، الناجمين عن انتشار المقالع والمحاجر ومعامل الطوب في المنطقة، إضافة إلى الاعتداء على الشوارع، من خلال إلقاء المخلفات والرمل، على جوانب الطرق.

إزعاج ونفايات

عبد الحافظ أبو رمان، أحد سكان المنطقة، ويشتكي من المضار الصحية والبيئية التي تتسبب بها تلك المنشآت
ويوضح أبو رمان، أن هذه المحاجر والمعامل، أنشئت في بداية الثمانينات، عندما كانت منطقة المقابلين شبه خالية من السكان، مبيناً أنه ولد في المنطقة، وما يزال ساكناً فيها وقد بلغ 50 عاما.

يؤكد أبو رمان، أنه قبل أكثر من خمس سنوات، تقدم سكان المقابلين بشكوى لأمانة عمان الكبرى، من خلال مديرية أم قصير والمقابلين والبنيات، التي تتبع لها المنطقة إدارياً، وتم جمع تواقيع السكان من قبل أبي رمان، واشارت الشكوى التي اطلعنا على نسخة منها، إلى حجم الأضرار الناتجة عن بقاء المنشآت، وعدم ترحيلها رغم ازدياد عدد السكان.

وورد في الشكوى أن "المحاجر والمقالع ومعامل الطوب  ومحلات بيع الرمل في المنطقة، موجودة وسط الأحياء السكنية، وتتسبب بإزعاج مستمر ليلاً ونهاراً، إضافةً إلى تراكم بقايا الأثاث التالف، الذي يستعمل من قبل العاملين في المحاجر والمقالع، كما تنتشر في المنطقة  بقايا محترقة لأكياس الأسمنت والرمل، وإطارات قديمة تلقى بشكل عشوائي في المنطقة."

حكاية أم سليمان

تعاني أم سليمان، وهي ربة إحدى الأسر المقيمة في المنطقة، من مشكلة صحية في الكلى، تتطلب مراجعتها للمستشفى بشكل متكرر لإجراء غسيل الكلى.

وبعد أن شخص الطبيب في مستشفى البشير الحكومي حالتها، قرر نتيجة صعوبة وخطورة وضعها، أن يتم تركيب جهاز غسل الكلى في منزلها، لتخفيف عبء الحضور إلى المستشفى يوماً بعد يوم عنها. وتؤكد أم سليمان أن "لجنة طبية زارت منزلها، وقررت رفض تركيب الجهاز لديها، لأن المنطقة غير مناسبة لوجود الجهاز، الذي يتصف بحساسيته لأي عوامل جوية غير طبيعية".

تضيف أم سليمان: "ازدادت معاناتي جراء الذهاب المتكرر إلى المستشفى، إذ يضطر زوجي إلى أخذ مغادرة من عمله، كل يومين ليوصلني من البيت إلى المستشفى والعكس، لإجراء غسيل الكلى."

رأي أصحاب المنشآت

بحسب الناطق الإعلامي في أمانة عمان، مازن الفراجين، فقد صدر قرار منذ عامين بوقف ترخيص هذه المحاجر والمقالع، تمهيداً لترحيلها لمكان آخر "مناسب وبعيد عن المناطق السكنية".

ولم يلاقِ قرار وقف الترخيص، الذي أصدرته الأمانة منذ عامين، قبولاً لدى وليد نصار، وهو أحد أصحاب معامل الطوب في المنطقة، ويضيف نصار: "كان والدي يملك محجراً في المقابلين، ورحل إلى منطقة الجويدة، بناءً على رغبته، لأنها كانت منطقة غير مزدحمة بالسكان، وحصل على وعد من أمانة عمان، بعدم ترحيله لمكان آخر، الا بعد مرور عشر سنوات، لكن هذا لم يحدث، فبعد مضي عام واحد على رحيله، أجبرته الأمانة على إغلاق معمله، لتزايد عدد السكان في المنطقة، وقد بلغ مجموع خسائر والدي ما يقارب عشرة آلاف دينار" كما يقول نصار
ويرى نصار أنه "حتى لو رحلنا لمكان جديد، فالأمانة ستعيد ترحيلنا منه، بحجة تزايد عدد السكان فيه.

متنفذون وربو

من جهتها تؤكد أم سامي، وهي إحدى المواطنات في المنطقة، أن قرار الترحيل "كان ينبغي أن يتم منذ عامين، لكن أحد وجهاء المنطقة، منع تنفيذ القرار من خلال علاقاته الشخصية".

وتعاني أم سامي، واثنين من أبنائها من مرض الربو، الناتج بحسب التقارير الطبية التي تحملها، من استنشاق الغبار والأتربة المنبعثة من المحاجر والمقالع، ومحلات بيع الرمل.

ويضيف أبو سامي: "لو كان أحد أصحاب هذه المنشآت من سكان المنطقة، لما استطاع العيش هنا"، ويتفق نصار وأبو رمان، على أن غالبية العاملين في المحاجر، وافدون من الجنسية المصرية، وبعضهم يتضمنون محاجر ومقالع في المقابلين.

ولا تقتصر معاناة أم سليمان، على الجانب الصحي، إذ تؤكد أن العمل في المحاجر "يستمر على مدار الـ24 ساعة،لأن العمال يتقاضون أجراً إضافياً على عملهم، بعد انتهاء ساعات دوامهم الرسمي"، الأمر الذي ينفيه نصار، قائلاً أن لديه "أربعة عمال مصريين في معمله، يبدأ عملهم من الساعة الخامسة فجراً، ويستمر حتى الرابعة عصرا".

الأمانة: المشكلة ستحل

ويطالب الفراجين سكان المنطقة "بالصبر"، واعداً بأن "المشكلة ستحل، لأن الأمانة عازمة وبشكل جدي على ترحيل جميع تلك المنشآت من داخل مدينة عمان، لأنها تشكل تلوثاً بيئياً وضوضائياً". ويؤكد أن "الأمانة ما تزال تبحث عن مكان مناسب، يتضمن مواقع جديدة لنقل المنشآت إليها، وهذا ما يمكن أن يتم مستقبلاً في منطقة وادي العش، شرق طريق الحزام الدائري في الجهة الشرقية من عمان"، مضيفاً "أن المعايير المتبعة عند تحديد الموقع الجديد، هي أن يكون الموقع قريباً من الشوارع الرئيسية، ويحتوي قطع أراضي بمساحات أكبر، ويعتمد على التخطيط المنظم، والبعد عن التجمعات السكانية والحرجية".

وتشير الإحصاءات الصادرة عن أمانة عمان، إلى أن العدد الإجمالي للمنشآت التي لها علاقة بهذه الصناعة، يبلغ حوالي 1000 منشأة، بين منشار حجر ومعمل طوب وبلاط ورخام، ضمن المناطق الصناعية على مستوى مدينة عمان، وتبلغ نسبة المرخص منها حوالي (60) بالمائة.

وبحسب استبيان واقع حال أجرته الأمانة، فإن هذه المنشآت تقوم على رأس مال لا يتجاوز في أغلب الأحيان 1200 دينار، ومساحة مكان العمل لا تتجاوز دونماً واحداً يضم أكثر من منشاة عادةً، في حين يصل عدد العمال في كل منشأة من عامل إلى ثلاثة، منهم 80 بالمائة وافدون.

[email protected]

أضف تعليقك