معان: معوقات مجتمعية وثقافية تحد من المشاركة السياسية للمرأة

الرابط المختصر

 تواجه العديد من النساء في معان العديد من المعوقات التي تحد من قدرتهن على المشاركة البرلمانية؛ نتيجة قيود مجتمعية وثقافية وممارسات عديدة توظف نظام الكوتا لصالح الذكور.

 

وعبرت نساء في معان في أحاديث منفصلة لموقع (عمان نت) عن استيائهن تجاه الظروف والتحديات القائمة في المجتمعات المحلية، والتي أعاقت ترشحهن للبرلمان التاسع عشر؛ وترتبط تلك التحديات إما بطبيعة قانون الانتخاب، أو بالرؤية التقليدية تجاه المرأة وطبيعة أدوارها، أو في طريقة توظيف نظام الكوتا لصالح الذكور، موضحات أنهن أعلن عن ترشحهن، ولم يتمكن من التسجيل رسميا لاستكمال عملية الترشح؛ إذ لم يجدن فرصة للانضمام إلى القوائم؛ وذلك بسبب الخيارات المفروضة و الموجهة لصالح المترشحين الذكور.

 

وأشرن إلى أن المرأة في المجتمعات المحلية تخضع لسلطات مجتمعية متعددة، وأن تلك السلطات تقيد مشاركتهن السياسية، وتخضعهن لخيارات محدودة تصب في مصلحة الذكور أو المنظومة العشائرية والتي تعد إطارا ذكوريا بامتياز، وأضفن أن الضغط المركب من قبل المجتمع لا يمكن المرأة من التأسيس العملي كشرط أولي للمشاركة السياسية، ومن الأمثلة على ذلك الإشكاليات المتعلقة ببناء علاقات اجتماعية وسياسية في سياق الحملات الانتخابية، أوالعنف الرمزي الموجه للمرأة أثناء عملية والإعلان والدعاية الانتخابية، أو حرية الحركة في الفضاء العام، إذ تحصر الرؤية السائدة المرأة ضمن فضائها الخاص، كما تفضل الرؤية الذكورية العشائرية؛ وجود الذكور في المواقع السياسية دون الإناث.

 

وأضفن أن المنظومة العشائرية توظف قدراتها لتشكيل القوائم بما يجعل النساء عنصرا ثانويا يسهم في تقوية القوائم لصالح الرجال؛ فالعشيرة ترغب باستقطاب مرشحات من خارج العشيرة طمعا في جلب أصوات لتقوية القوائم، وتكون المرأة في تلك الحالة مجرد داعم للرجل فقط، وأشرن إلى أن الواقع الراهن في معان يضع الحكومة أمام مسؤولياتها فيما يتعلق بتمكين المرأة سياسيا، إذ أن الكوتا ورغم أن أفسحت فرصا للمرأة إلا أنها لا تكفي، إذ ينبغي التركيز على تعيين نساء قياديات في المناصب العليا لكسر النظرة التقليدية وتمكينهم من الوصول الى فئات النساء، وتقديم نماذج حية عن قدرة المرأة في المشاركة وتحقيق المطالب، كما اقترحن بأن يتم تعديل التشريعات بما يضمن الترشح بشكل مستقل؛ لكي تتمكن المرأة من التحرر من هيمنة شروط القوائم الانتخابية وقيودها التي تتحكم بها الرؤية التقليدية.

 

وأشارت أخصائية النوع الاجتماعي ديما كرادشة إلى أن عددا من المعضلات تواجه مسألة المشاركة السياسية للمرأة، ومستوى تعميق هذه المشاركة بشكل فاعل، بحيث ينعكس على واقع المرأة الأردنية بمختلف جوانبه، ويمكنها من السير قدما نحو التمكين السياسي، مبينة أنه على الراغبات في الوصول إلى البرلمان وقبل كل شيء أن يراكمن خبرات علمية وعملية، من خلال بناء حصيلة معرفية وعلاقات قوى فاعلة عبر ممارسة طويلة في الحياة العامة، بما يمكنهن من إحراز المكانة والخبرة والعلاقات والأدوار التي تحقق التنافسية، وبالتالي تتيح لهن تقديم تجارب ناجحة ذات استقلالية، موضحة أن قسما كبيرا ممن يرغبن في الترشح أو ممن يترشحن للبرلمان لا يمتلكن تلك الشروط؛ أو يحاولن رسم خطة تقليدية للوصول إلى البرلمان من خلال ترؤس جمعية ومن ثم الانتقال إلى عضوية مؤسسة حكم محلي، وفق مسار تقليدي لا يحقق المكانة وعلاقات القوى المطلوبة ما يقود إلى نتائج سلبية تنعكس على تجربة المشاركة السياسية للمرأة بشكل عام.

 

وأضافت أن ثمة إشكالية في هذا السياق تكمن في آلية احتساب الكوتا والتي تفرز برلمانيات ذوات خبرة محدودة لا يمكنهن إحداث التغيير الإيجابي؛ سواء في واقع المرأة الاجتماعي أو في إعادة تشكيل الصورة الذهنية العامة تجاهها، منوهة إلى أهمية نظام الكوتا باعتباره حالة مؤقتة لحين تحقيق التغيير المطلوب.

 

وقالت المتخصصة بعلم الاجتماع بجامعة الحسين الدكتورة عايدة أبو تايه، إن قضية المشاركة السياسية للمرأة؛ تم توظيفها بما يخدم الثقافة التقليدية، وأن الأصل في نظام الكوتا أن يكون تمييزا إيجابيا، ومدخلا لبناء مجتمع يتحقق فيه الوصول العادل للفرص والموارد لكلا الجنسين؛ إلا أن ما حصل؛ هو التحايل على نظام الكوتا؛ وتوظيفه وحرفه عن مساره بما يخدم مصالح الذكور؛ فالمرأة لا تطرح نفسها بقوة وباقتناع، بل يكون ترشحها لخدمة مصالح الذكور.

 

وأضافت أن آلية تشكيل القوائم يتم الشغل عليها لصالح الذكور وتحسين فرص فوزهم، سواء ضمت تلك القوائم إناثا أم لم تضم، و أن المرأة أصبحت أداة يسهل توظيفها لصالح الذكور أثناء عملية تشكيل القوائم، منوهة إلى أن مسألة عزوف النساء عن الترشح أو ترشحهن ضمن الشروط التي يفرضها الرجال؛ تعود إلى القيود التي تفرضها طبيعة البنى الثقافية والاجتماعية السائدة الناتجة عن ضعف أدوات التنشئة الاجتماعية في المدارس والجامعات ومؤسسات التنشئة بشكل عام، والتي تعيد إنتاج الثقافة التقليدية بما يحدد أدوار المرأة ويقيد حركتها ويحصرها ضمن الفضاء الخاص، وبما يعزز الهيمنة الذكورية على المواقع السياسية.