العضايلة: حماس حريصة على أردن قوي، وهي تعلم بأن قوته قوة لها ولا تحب أن تراه ضعيفا

الرابط المختصر

نفى حزب "جبهة العمل الإسلامي" الأردني، الذراع السياسية لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، مزاحمة حكومة بلاده على أي أدوار سياسية تجاه القضية الفلسطينية في اتصالاته مع قيادات حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

ورأى أنه "لا مخرج للدولة إلا بإصلاح سياسي عميق وليس شكليا، والمطلوب اليوم خطوة متعلقة بوضوح بالسلطات ودور الشعب في الحكم، فالشعب لا يمكن أن يقبل أن يكون خارج إدارة الحكم".

جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع الأمين للعام للحزب، مراد العضايلة، في مكتبه بالعاصمة عمان، تناول خلالها تطورات القضية الفلسطينية الأخيرة، وعددا من الملفات الداخلية.

وتطرق العضايلة إلى مزاعم تتهم الحزب والجماعة باستغلال النتائج التي حققتها المقاومة الفلسطينية في صد العدوان الإسرائيلي، لمزاحمة الأردن على موقف سياسي بحكم العلاقة مع حركة "حماس".

المقاومة والأردن

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، أجريا اتصالات هاتفية خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قيادات الإخوان في الأردن، بينهم العضايلة، ومراقب عام الجماعة عبد الحميد الذنيبات، إضافة إلى شخصيات أخرى.

وردًا على ذلك، قال القيادي الإسلامي: "نحن لا نبحث عن دورنا من خلال الأطراف الأخرى الخارجية، ولم نقبل يوما بأن يكون هناك تدخل خارجي في الشأن الأردني ولا نقبله، لكننا نعتقد بأن المطلوب أن ينتج معادلة سياسية في العلاقة مع المقاومة لصالح الأردن ومصالح الأردن العليا".

وأضاف: "حماس حريصة على أردن قوي، والحركة تعلم بأن قوته قوة لها، ولا تحب أن تراه ضعيفا".

وتابع: "نحن نريد للأردن أن يكون على الطاولة، عبر تنويع خياراته على مستوى القضية الفلسطينية، وعلى المستوى الإقليمي".

وتساءل العضايلة: "ما معنى أن تكون مصر على علاقة مميزة مع حماس رغم علاقاتها (المتوترة) مع الإخوان؟".

ومجيبا عن ذلك، اعتبر بأن "مصلحة مصر القومية العليا دفعتها لأن تفتح علاقات مع حماس، والأردن أولى بذلك وعليه أن يتجاوز مخاوفه".

وجماعة الإخوان محظورة في مصر، منذ ديسمبر/كانون الأول 2013، ويقبع أغلب كوادرها وقياداتها ومنهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، في السجن على ذمة أحكام مرتبطة بـ"الإرهاب والتحريض"، وهي تهم عادة ما نفت صحتها الجماعة.

إنجاز غير مسبوق

وبيّن العضايلة بأن الأحداث الأخيرة في فلسطين (العدوان الإسرائيلي على غزة) "ليست عادية وهو إنجاز غير مسبوق، فالمقاومة صنعت سلاحها بنفسها رغم الحصار المفروض عليها".

كما لفت في سياق حديثه عن الأحداث ذاتها بأن "المقاومة نجحت في توحيد الصف الفلسطيني، كما استطاعت بأن تجبر الموقف العالمي على التعاطي مع ما جرى، وبأن تكون القضية الفلسطينية هي الأولى على أجندة السياسة العالمية".

ولفت إلى أن الموقفين العربي والإسلامي تجاه ما جرى كان "تقليديا، لم يخرج عنها أكثر من بيانات، ولم يكن بمستوى الحدث".

أما عن موقف بلاده، فقد شدد العضايلة على أن الأردن "صاحب قضية وتوأم لفلسطين، نصف سكانه من اللاجئين الفلسطينيين، وأكثر دولة عربية لها اشتباك مع هذه القضية".

واستدرك: "هذا الاشتباك يجعل المطلوب من الأردن أكثر مما هو مطلوب من أي دولة عربية، خاصة مع امتلاكه لأكثر من ورقة ضغط على الكيان الإسرائيلي، سياسيا وأمنيا واقتصاديا".

وأوضح: "حتى عام 1999 كانت لدينا ورقة حماس، وفرطنا بها ولم نحاول للحظة أن نستعيدها".

وكان الأردن في هذا العام قد أغلق مكاتب "حماس" بعمان، بعد 5 أعوام من توقيعه اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1994، لما اعتبرته السلطة الفلسطينية حينها بأنه جاء بناء على طلب منها.

لكن الأردن سمح لقيادات الحركة بدخول أراضي المملكة لاعتبارات إنسانية، كان آخرها لرئيسها في الخارج خالد مشعل؛ للمشاركة في تشييع جثمان والدته في سبتمبر/أيلول 2016.

ضرورة الإصلاح

وعلى المستوى الداخلي، شدد العضايلة على ضرورة "الإصلاح" بالأردن، مشيرا أن البعض يعتقد بأن الحديث عنه "هو مطلب المعارضة، بل هو ضرورة للنظام السياسي الأردني".

وأردف: "النظام السياسي يعيش اليوم أزمة غير مسبوقة، فحجم الثقة بكل مؤسسات الدولة، بدون استثناء، مفتقدة تماما"

وتابع: "الأخطر من ذلك هو أن حتى قواعد دعم النظام التاريخية هي الأكثر غضبا على النظام (..) كان يسكتها عبر الدعم الاقتصادي والتنمية والوظيفة والرعوية، اليوم هذا غير متوفر، ولا ويوجد قدرة للدولة على فعل هذا".

واستطرد: "صوت العشائر اليوم يرتفع نحو تقاسم السلطة؛ كونه لا يوجد ثروات لتقاسمها، لذلك إن الأصوات التي علت مؤخرا تستحضر الحكومات التي كانت قبل الإمارة (1921- 1946)، وهي إشارة لا معنى لها سوى أن الناس تريد خطوة سياسية في دور الشعب".

وشدد بأنه "لا مخرج للدولة إلا بإصلاح سياسي عميق وليس شكليا، فالقصة ليست بتعديل قانون انتخاب أو أحزاب أو إدارة محلية، المطلوب اليوم خطوة متعلقة بوضوح بالسلطات ودور الشعب في الحكم، الشعب لا يمكن أن يقبل أن يكون خارج إدارة الحكم".

وزاد: "هذا ما يجب أن يدركه صانع القرار، فإن تلكّأ فالبلد تسير نحو أزمات وانفجار اجتماعي، أبسط مشكلة تتحول إلى أزمة".

واستطرد في السياق: "الحصانة (للدولة) بالتفاف الشعب وتماسكه، وتماسكه هو أن يكون شريكا في القرار".

وعن اتهامات الحزب وجماعة الإخوان المسلمين بغيابهم الأخير عن حراك الشارع خلال احتجاجات شعبية في بعض الأزمات، قال العضايلة: "حراك الشارع يقدر في وقته، ونحن نقدر ظرف الأردن الحساس جدا في ظل الأزمات الإقليمية، ونحن لا نريد له إلا أن يكون مستقرا".

وشهد الأردن خلال الأعوام القليلة الماضية العديد من الأزمات الداخلية، دفعت باحتجاجات شعبية، طالبت في معظمها بضرورة تحقيق إصلاحات شاملة في البلاد، إضافة إلى تغيير النهج المتبع في سياسات الحكومات لإدارة شؤون الدولة.