قنوات الأطفال..تعزيز العنف و إغراق بعالم الخيال (فيديو)

قنوات الأطفال..تعزيز العنف و إغراق بعالم الخيال  (فيديو)
الرابط المختصر

انتشرت مؤخرا قنوات برامج الأطفال عبر شاشات الفضائيات والتي تبث برامجها 24 ساعة، في ظل تخوفات من بعض الأهالي من عرض بعض القنوات لمشاهد عنف و إغراقهم بعالم الخيال في أحيان أخرى.

أم هيثم والدة طفلين 5 سنوات و 3 سنوات لها مأخذ كبير على ما يتابع أبناءها من عنف و عدائية تؤثر على سلوكهم، تقول أنها لا تستطيع منعهم بسبب قلة البدائل"

اما أم سارة والدة لطفلة في الثالثة تجد الخيال المغرق بما تشاهده ابنتها هو المشكلة الأعظم لأنها تعجز عن التفسير و تعجز أيضا عن تغيير اهتمامها عنه لأنه مصدر تسليتها الوحيد.

و تأمل الأمهات أن تعرض الرسوم المتحركة و قنوات الأطفال أفكار تعليمية تثري الطفل في مراحله المبكرة، الا ان المضمون عكس ذلك تماما فالأفكار المطروحة أن لم تكن مكررة فهي قد تحمل رسائل سلبية في مجملها اكثر من الايجابيات المرجوة لمن هم في طور النمو و تكوين الأفكار و المفاهيم و قد يغيب في مناخ الضغوطات الحياتية الجديدة متابعة الاهل و الام خصوصا لما يعرض على الطفل و يسهم في بناء أفكاره و اعتقاداته و آراءه على المدى البعيد" وذلك كما تقول خالدة نصر طبيبة أسنان و ام لخمسة أبناء .

وتضيف السيدة نصر ان من "إحدى السلبيات التي تقدم للأطفال في سن قد تعتبر سن الخطر على سبيل المثال لا الحصر هي ربط الثنائي المادي و هما الجمال و المال كضرورات للحصول على مكتسبات عاطفية و مكانة اجتماعية و جعلها ضرورة لا تتجزأ للوصول للشهرة و الاحترام و الإعجاب و طريقة وحيدة للحكم على الآخرين بالإيجاب أو بالسلب و تقييمهم بطريقة لا تناسب الواقع".

تقول: ان "الجمال الذي يعرض للأطفال في الغالب نابع من المجتمعات التي أنتجت هذه البرامج كالشعر الاشقر و العيون الزرقاء و الجسم الرشيق و التي تمثل على الأغلب الإنسان الغربي و صاحب هذه الصفات الجسدية _لم يبذل جهدا للحصول عليها_ يحظى بقدر أعلى من الحظ و بالشهرة و النجاح و الإشارة للشخص بملامح عادية و بشرة سمراء لا تناسب تلك المعايير على انه سيعاني بالطبع من مشاكل الاندماج في المجتمع و الحصول على صداقات و سيكون بالتالي منبوذا سواء في محيط المدرسة او الحي بالإضافة إلى ارتباط الجمال بالنهايات السعيدة فالفتاة الأجمل تتزوج الأمير الوسيم أو تكون ذات قلب طيب و روح معطاءة بعكس من له صفات خلقية مختلفة بدون مراعاة حقيقية لمعالجة تلك الفكرة و سبب حدوثها".

ومن السلبيات الأخرى لما تعرضه بعض الفضائيات "تصوير المال الوسيلة الأكيدة للحصول على كل ملذات الحياة بدون إشارة الى اهمية العمل و قيمته المادية و المعنوية و ضرورته للحصول على المال فتبدو الحياة للثري نزهة طويلة و يرتبط به احترام المجتمع و تقديره للغني و احتقاره للفقير بدون أي اضاءة على نظرة المجتمع لأخلاق كل منهما و هذا يجعل الطفل يفكر اكثر بالحصول على الماديات مثل المال و الجمال كوسيلة للسعادة و شعور الطفل انه اقل حظا اذا كانت ما يملكه من كل منهما اقل مما يشاهده مما يقلل ثقته بنفسه و بعائلته احيانا و يشعره بعدم الرضا عما قسم له".

بالإضافة إلى "ارتباط تلك المعايير المادية بمعايير أخلاقية لا تربطها في الواقع مثل الجمال المرتبط بالطيبة و القبح المرتبط بالشر او ان الغني إنسان استغلالي و انتهازي و لا يتوانى عن فعل أي شيء لزيادة ثروته و الفقير الذي يكون بالضرورة طيبا و هذا بالطبع و ان قدم بحسن نية فهو لا يعطي للطفل قيمة حقيقية عن الحياة".

اما أكثر تلك السلبيات التي تشتكي منها الأمهات بشكل عام هو "العنف المتزايد و العدائية الغير مبررة و الذي يقدم للأطفال على شكل مزاح او فكاهة تارة مثل توم وجيري او صراع من اجل مصلحة الخير ضد الشر بما يتضمنه ذلك من مشاهد الاذى و إيقاع الآخرين بالأخطار و قتال بالأسلحة والمسدسات او بالسلاح الأبيض و الموت و نزف الدم و المطاردة بالسيارات و الطائرات و الوحوش و الكائنات الفضائية و التحول من شكل إلى اخر و غير ذلك كثير و التي تقدم كأنها شيء سهل و طريف ممكن الحدوث و يسهل اصلاح الأضرار الناتجة منه و علاجه مما يدفع بالأطفال الى تكرار الحركات التي يشاهدونها من شخصيات كرتونية تعتبر مثلهم الاعلى و تطبيقها على انفسهم او اطفال اخرين ربما تكون نتائجها خطيرة".

وتقول إحدى الأمهات أيضا ان " الناحية العاطفية لا تستثنى من السوء, من ذلك توجيه الطفل للتعلق بالأشخاص و التركيز على المشاعر ذات البعد الواحد و ان كانت أهميتها كبيرة إلا ان عدم وجودها يجب ان يصبح مشكلة تحتاج الى حل بدل ان يكون حدثا حياتيا يتعلم الأطفال التعايش معه فبعض الافلام التي يبحث بها البطل " الطفل عادة " عن والدته الغائبة بتواصل و يقطع المسافات الطويلة و الاقطار البعيدة و يجتاز المخاطر للقائها، و الإشارة الى ان عدم وجود الام في الحياة هو امر كارثي لا تستمر الحياة بدونه بالرغم من ان الكثير من الأنبياء و الذين تعتبرهم كل المجتمعات من اعظم الشخصيات التي اسهمت في نهضة الأمم كالرسول محمد و السيد المسيح عاشوا حياتهم بعد فقد إحدى او كلا والديهم الا ان هذا لا يقلل من شأنهم او من الخير الذي قدموه للبشرية و كذلك الاشارة الى العلاقة بين الجنسين بشكل لا يناسب سن الأطفال المشاهدين أولا و لا يقدم نفس القيم الشرقية والتعاليم الدينية لمجتمعاتنا ثانيا فيظهر ذلك اما من خلال السعي لرضاء الطرف الاخر في هذه العلاقة او المنافسة بين شخصين للحصول على طرف ثالث مثل صراع بين فتاتين لإثارة إعجاب شاب معين أو بين شابين للوصول إلى فتاة و التركيز على اهمية بلوغ تلك العلاقة يجعلهما في محك يجعل أي منهما يقدم على أسوأ المقالب_ التي تبدو ظريفة و فكاهية_ و فعل أي ضرر قد يلحق بالطرف الاخر _ المنافس_ بدون اعتبارات أخلاقية فقط للحصول على ذلك الشاب او الفتاة و هذا يرسخ بالطفل اهمية العاطفة و الاستجداء او السعي المتواصل للحصول عليها لأن الحياة بدونها شبه مستحيلة".

من زاوية اخرى تقول الطبيبة خالدة نصر" هذا لا يجعل بعض البرامج التي تبدو أحيانا في ظاهرها تقدم القيم الجيدة الا انها تحتاج لعين الناقد لاظهار الرسائل المبطنة خلالها مثل السوبرمان و الرجل الوطواط و أمثلتها التي تجعل العالم كله دوما في حاله استنفار من الشرير الواحد الذي يريد تدمير العالم و السيطرة عليه بدون سبب و ان العالم بكل اجهزته لا يستطيع فعل شيء امامه و يعتمد دوما على البطل الاوحد الذي يمتلك قدرات خارقة لا توجد في الواقع و هو المخلص الذي يقف دوما بوجه الشر و ينتصر عليه و ان كل الشخصيات الاخرى في تلك الرسوم لا تقدم على أي فعل مهما الحق بها الشرير من اذى و تعجز عن مساعدة نفسها و تبقى في انتظار البطل !!".

و ينتقد بعض الاهالي قنوات الاطفال الغنائية اذ "ان بعض القنوات الغنائية التي لا تبث سوى أغاني طوال اليوم و لا تعرض الا فتيات و أولادا بعمر صغير يسكنون منازل فارهة و يرقصون و يغنون طوال اليوم بشكل لا يتناسب مع الطفولة لا يجعل منها الا قناه ترفيهيه فقط تقدم ما يكون اشبه بالاستمتاع بتلك البراءة الظاهرة".

تلك المشاهدات السلبية التي يتلقاها أطفالنا لساعات طويلة متتالية و قد تستمر طوال اليوم بدون رقابة يدخل الأطفال خلالها الى عالم من الخيال المحض او ما يسمى بغيبوبة التلفاز يفصل خلالها عن العالم الواقعي و يعجز لصغر سنه بعد انتهاء الوقت المخصص له ان يفصل العالم الخيالي عن العالم الحقيقي مع عائلته و في مدرسته مع اصدقائه و يشوه مفاهيم تقييم الصح و الخطأ لديه.

ويرى احد أولياء الامور ان "الطفل يلعب دور المتلقي فقط بدون متابعة او اشراف من الام على الاغلب لأن معظم الامهات حاليا يعتمدن على التلفاز كمصدر الهاء للطفل يجعله هادئا جدا و مفصولا عن ما حوله اثناء مشاهدته و يساعد الام على الحصول على قدر من الحرية و الفراغ لاتمام مستلزمات اخرى و كل هذه التي تعتبر في نظر البعض ميزات تحتسب لتلك القنوات الكثيرة التي يعكف عليها الاطفال مع ظروف الحياة الحالية و التي تجعل الاهل بحاجة لمثل تلك المساحة من الوقت مثل عمل الام خارج المنزل و داخل المنزل و السكن بشقق لا تتوفر بها مساحات مخصصة للعب و تفريع طاقة الاطفال و تمضية يومهم و عدم شعور الاهل بالامان لتركهم لوحدهم لوقت طويل خارج المنزل و ان كانت تلك الاسباب غير مبررة لأهمال الاطفال من الناحية الفكرية و ترك عملية التربية و زرع الافكار و الاعتقادات لأفلام او قنوات لا يهمها الا البث المتواصل و المشاهدة الاعلى و الربح المادي ".

ويقول ان من "واجب الام ان تخصص من وقتها لأبنائها و ان كان لا بد من متابعة الرسوم المتحركة فانه بالتالي يجب ان تتابع الام بدورها ما يقدم لأطفالها و تشرح لهم الاحداث و الافعال و العلاقات و ان كانت تلك احداث منطقية ام لا مثل الاختفاء تحت رداء او بسبب بشرب مشروب سحري و السقوط من مكان مرتفع بدون الاصابة بأذى و تفسير التحريض المستمر على العنف و كانه شيء عادي و ربما يكون خفيف الظل او يؤدي الى مساعدة الغير و توضيح ضرره و التركيز على القيم التي لا تناسب مجتمعاتنا و بيان تناقضها او ما يعاكسها لدينا و شرح العلاقات للطفل و الاحداث و القيم الاخلاقية و معايير الحكم على الاخر و عدم اهمال البعد الروحي و الديني فان التواصل مع الطفل يجعل منه متلقيا و ناقدا لما يتابعه على الدوام فيكون بمأمن من الغزو الفكري_ ان صحّ التعبير".

و لا يهمل بالطبع اهمية البحث المستمر لأطفالنا عن بدائل اخرى لتفريغ طاقتهم الابداعية مثل المطالعة و الرياضة و الرسم و غيره و اشراكهم في نشاطات يندمجون بها مع اطفال بمثل اعمارهم تساعدهم على تنمية مهاراتهم الحركية و الفكرية و الاجتماعية و السلوكية و التركيز على اهمية العلاقة الفكرية و اللفظية بين الام و أطفالها و تخصيص وقت للحديث معهم و فهم ما علق في اذهانهم و تصحيح اعتقاداتهم

من حق الطفل على عائلته ان تتابع نموه الفكري و تكون هي السباقة و الرائدة في هذا المجال على اكمل وجه الذي يضمن انشاء جيل يفخر به الوالدين و يفيد مجتمعه و وطنه لأن الجهد المبذول اثناء عملية التربية و انشاء عقول شباب المستقبل ليس عبئا او هما ثقيلا نرمي به على شركات انتاج برامج الاطفال و التلفاز يحمله عنا بل هو واجب يستحق ان يؤدى على اكمل وجه و يحسب لنا لا علينا

أضف تعليقك