كيف يتذكر النمل طريق العودة إلى مخبئه؟ 🙄

الرابط المختصر

نشر موقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي تقريرًا تحدث فيه عن الكيفية التي يستطيع من خلالها النمل تذكر طريق العودة إلى جحره بفضل تركيبة دماغه الفريدة من نوعها.



وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الحشرات قد تمتلك مهارات أفضل من البشر؛ حيث يتميز بعضها بذاكرة قوية تساعدها على تذكر  طريق العودة إلى مخبئها بعد رحلة طويلة، ومن هذه الحشرات النمل، الذي يمتلك - على وجه الخصوص - مهارات مثيرة للإعجاب؛ فيمكن للنمل الذي يعيش في منطقة أحواض الملح الصحراوية السفر لأكثر من كيلومتر، وأن يتذكر موقع عشه في جميع الأوقات. 

 



ويبين الموقع أن النمل لا يستعين بالمعالم أو ميزات أخرى موجودة في تلك التضاريس للتعرف على مكان وجوده، ولكنه يستخدم موقع الشمس في السماء كبوصلة وحركته الخاصة لتقدير المسافات، وهذا ما يسمح له بالعودة بأمان إلى جحره بعد العثور على الطعام؛ حيث يكون على علم في جميع الأوقات بالاتجاه الصحيح والمسافة التي يتعين عليه قطعها دون استخدام نقاط الاستدلال، فيما يشير الموقع إلى أن الكيلومتر الواحد يساوي حوالي 100 ألف ضعف طول جسم النملة، وهو ما يعادل المسافة التي يقطعها الإنسان من نيويورك إلى واشنطن العاصمة ذهابًا وإيابًا.



داخل دماغ الحشرة



ويلفت الموقع إلى أنه بفضل التطورات الأخيرة في الفحص المجهري وعلم الوراثة؛ فقد تمكن العلماء من جعل خلايا المخ المختلفة تُشع ألوانًا مختلفة من الضوء، وقد سمح هذا الإنجاز الهام للباحثين بتمييز الخلايا العصبية الفردية وفك ارتباطها ببعضها البعض في الخلايا العصبية التي يتكون منها الدماغ؛ حيث تم استخدام هذه التقنية لمعرفة كيف يتتبع دماغ الحشرة اتجاهها، وتحديد خلايا الدماغ التي تشفر سرعة الحشرة أثناء تحركها، وباستخدام هذه المعلومات؛ يمكن لدماغ الحشرة أن يحسب المسافة التي قطعها عن طريق إضافة سرعته الحالية باستمرار إلى ذاكرته أثناء الرحلة.

 



ويوضح الموقع أن النمل يقوم بترميز كل من الاتجاه والمسافة التي تقطعها الحشرة بواسطة الخلايا العصبية في دماغها أثناء تنقلها بعيدًا عن جحرها، وهو ما يطرح السؤال: كيف يتم تخزين ذلك في ذاكرتها حتى تتمكن من العودة؟



دراسة الذاكرة



وتابع الموقع قائلًا إن الحشرات سريعة الحركة تحتاج إلى تحديث ذاكرتها عن الاتجاه والمسافة باستمرار أثناء الطيران، ومع ذلك يمكنها أن تحتفظ بذاكرتها لعدة أيام، مبينًا أن هذان الجانبان من الذاكرة، التحديث السريع والطويل الأمد، يتعارضان عادة، ولكن يبدو أن الحشرات تمكنت من الجمع بينهما، ولكي يتم التحقيق بالضبط في كيفية تمكُّن الحشرات من تذكر تحديث الذكريات باستمرار على امتداد فترة طويلة من الزمن؛ قرر الباحثون تجميد الحشرات باعتبارها أفضل طريقة للعثور على الإجابة، بحسب الموقع. 



وأضاف الموقع أن أطباء التخدير يُدرك أنه عندما يخضع شخص ما للتخدير، فإنه ينسى أشياء معينة حدثت قبل التخدير، ولكنه يتذكر أشياء أخرى، اعتمادًا على كيفية تخزين هذه الذكريات، ولهذا كان تجميد الحشرات أفضل طريقة مشابهة للتخدير، فعندما تنخفض درجة حرارتها إلى درجة حرارة ذوبان الجليد (0 درجة مئوية)، يتوقف النشاط الكهربائي في الدماغ، وتدخل الحشرات في غيبوبة، وإذا كان يتم الحفاظ على ذكريات الاتجاه والمسافة كنشاط كهربائي قصير المدى، فسوف تُمحى هذه الذكريات عندما يتم تجميد الحشرات، ولكن إذا تم تخزينها في نقاط الاشتباك العصبي بين الخلايا العصبية (كذكريات طويلة الأمد)، فسيتم الحفاظ عليها.

 



لهذا السبب، بحسب الموقع؛ قام الباحثون بإمساك النمل والخنافس عندما كانت بعيدة عن أعشاشها وقاموا بتبريدها حتى درجة حرارة ذوبان الجليد (0 درجة مئوية) لمدة 30 دقيقة، ثم أعادوا إنعاشها في درجة الحرارة الغرفة، وبمجرد شفائها، أطلقوا سراحها في مكان غير مألوف ليروا ماذا ستفعل؛ حيث يوضح الموقع أنه في العادة عندما يتم إطلاق سراح هذه الحشرات في مكان غير مألوف في بيئتها المنزلية، فإنها ستركض مباشرة نحو المكان الذي يُفترض أن يتواجد فيه عشها، وهذا يعني أنهم سيركضون بالتوازي مع مسارهم الطبيعي، وبمجرد قطعهم للمسافة المتوقعة، سيبدأون في البحث عن مدخل جحرهم.



ويقول الموقع إن الباحثين وجدوا أن الحشرات التي جُمدت تحركت في الاتجاه المتوقع، لكنها نسيت المسافة التي يجب أن تقطعها، وهذا يعني أنها بدأت في البحث عن مدخل الجحر قبل الأوان.

وينقل الموقع عن الباحثين أنه كان من المحير بالنسبة لهم - في البداية - أن تتدهور ذاكرة المسافة بينما تم الحفاظ على ذاكرة الاتجاه، ولم تبرز هذه النتيجة الفرق الواضح بين الذاكرة قصيرة المدى (المنسية) والذاكرة طويلة المدى (المحفوظة) التي توقعها الباحثون، ولكنهم يعتقدون أن أفضل تفسير لهذه الظاهرة ليس وجود ذاكرتين منفصلتين، وإنما وجود ذاكرة مشتركة واحدة تقوم بتشفير كل من الاتجاه والمسافة معًا، وتتحلل جزئيًّا عند التجميد.

 



ويختتم الموقع التقرير بالقول إنه يبدو أن الحشرات كانت تستخدم أنظمة الإحداثيات الديكارتية للوصول إلى جحرها قبل فترة طويلة من قيام رينيه ديكارت بإضفاء الطابع الرسمي على المفهوم. أليس ذلك رائعًا؟!