فاوتشي: لا علم وراء إجراءات تباعد كورونا.. ولكن
تعج المواقع الإخبارية بخبر مفاده أن أنتوني فاوتشي المستشار الطبي للرئيس الأميركي من 2021 إلى 2022، قد اعترف باختلاقه قواعد التباعد الاجتماعي التي تم تطبيقها خلال جائحة كورونا -بترك مسافة 6 أقدام بين الأشخاص- وأنه لا علم وراءها، فهل هذا الخبر صحيح؟
الحقيقة أن الخبر ليس دقيقا، وتم تحويره بشكل يوحي بأن فاوتشي قدم معلومات ونصائح مغلوطة.
أما حقيقة تصريحاته فهي التالي:
أين أدلى فاوتشي بتصريحاته؟
أدلى الدكتور فاوتشي، المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، بتصريحاته خلال شهادته في جلسة استماع للجنة الفرعية بمجلس النواب حول استجابة الولايات المتحدة لوباء "كوفيد-19" وأصول الفيروس.
كانت جلسة الاستماع أول شهادة علنية لفاوتشي في الكابيتول هيل منذ تقاعده من الخدمة الحكومية. وقد أصبح الأمر مثيرا للجدل في بعض الأحيان عندما قام الجمهوريون باستجواب فاوتشي حول مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك أساس توصيات الصحة العامة أثناء الوباء واستخدام البريد الإلكتروني من قبل مسؤولي الصحة العامة.
كما قام فاوتشي بتفصيل بعض التهديدات التي تلقاها هو وعائلته في أعقاب الوباء.
متى أدلى فاوتشي بتصريحاته؟
اليوم الاثنين 3 يونيو/حزيران.
بماذا صرح فاوتشي؟
أوضح الدكتور أنتوني فاوتشي أن إرشادات التباعد الاجتماعي -بترك مسافة 6 أقدام (حوالي 180 سنتيمترا)- بين الأشخاص التي تم تقديمها خلال بدايات جائحة "كوفيد-19" لم تأت منه، بل من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
وقال فاوتشي: "لقد جاءت بالفعل من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وكانت مسؤولة عن هذه الأنواع من الإرشادات للمدارس، وليس أنا".
هل قال فاوتشي إنه لا علم وراء هذه الإرشادات؟
قال فاوتشي، الذي كرر هذه الإرشادات أثناء الوباء، ذات مرة إنه لا يوجد علم وراء ذلك، لكنه كان يعني أنه لا توجد تجارب سريرية تدعمها.
وقال فاوتشي: "لم تكن للأمر علاقة بي لأنني لم أقدم التوصية، وقولي "لم يكن هناك علم وراء ذلك" يعني عدم وجود تجربة سريرية وراء ذلك". (أي تجربة أجريت على البشر).
وتابع بأن هذا لا يعني أن التوصية كانت خاطئة أو غير مبنية على معطيات، بل كانت مبنية على دراسات سابقة حول الأمراض التنفسية وانتشار القطيرات، ليس منها دراسة حول "كوفيد-19" الذي لم يكن موجودا من قبل بالطبع.
وأضاف أنه يعتقد أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها استخدم دراسات حول القطيرات منذ سنوات كأساس لإرشادات الـ6 أقدام.
وعندما دعمت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لأول مرة فكرة "التباعد الاجتماعي" لمسافة 6 أقدام للأشخاص الذين يتعين عليهم الوجود بالقرب من الآخرين أثناء الوباء، اعتقد العلماء أن القطيرات الملوثة الأكبر حجما ستتساقط من الهواء بسرعة ولا يمكنها الانتقال لمسافة أبعد من 6 أقدام.
وفي ذلك الوقت، أوصت منظمة الصحة العالمية الأشخاص بالحفاظ على مسافة متر أو 3.3 أقدام بينهم. ولكن حتى في وقت مبكر من عام 2021، بدأ العلماء يدركون أن فيروس كورونا ينتقل عبر الهواء.
كان إجراء التباعد الاجتماعي في الولايات المتحدة صارما بشكل خاص، حيث اعتمدت دول أخرى مسافات أقصر؛ حددت منظمة الصحة العالمية مسافة متر واحد، أو ما يزيد قليلا على 3 أقدام.
وخلص الخبراء إلى أنها كانت فعالة تقريبا مثل علامة الـ6 أقدام في ردع العدوى، وكان من شأنها أن تسمح للمدارس بإعادة فتح أبوابها بسرعة أكبر.
وكتب سكوت جوتليب، مفوض إدارة الغذاء والدواء السابق، في كتابه عن الوباء بعنوان "الانتشار غير المنضبط": "كانت قاعدة الـ6 أقدام على الأرجح التدخل الوحيد الأكثر تكلفة الذي أوصى به مركز السيطرة على الأمراض والذي تم تطبيقه باستمرار طوال فترة الوباء".
هل إجراءات التباعد ضد كورونا كانت خاطئة؟
يتفق الخبراء على أن التباعد الاجتماعي أنقذ الأرواح، خاصة في وقت مبكر من الوباء عندما لم يكن لدى الناس أي حماية ضد فيروس جديد يصيب الملايين من الناس.
وخلصت دراسة حديثة نشرتها مؤسسة بروكينجز، إلى أن التغييرات السلوكية لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، يليها التطعيم لاحقا منع حوالي 800 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة.