يعيش العاملون في شركة مصانع الاسمنت الأردنية "لافارج" في حالة من القلق الشديد، خوفا من تقليص رواتبهم أو تسريحهم وانقطاع أرزاقهم، خاصة بعد صدور قرار قضائي بالموافقة على إشهار إعسار الشركة، لتكون الأولى التي يسري عليها هذا القانون منذ نفاذه قبل عامين.
ويأتي قرار الشركة باللجوء إلى هذا القانون، وفق تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي لها سمعان سمعان، بسبب تراجع الظروف المالية وتفاقمها بسبب جائحة كورونا ما انعكس على إمكانيات الشركة، وعدم قدرتها على سداد التزاماتها تجاه الموظفين والمتقاعدين.
وكانت الشركة قد قامت بتسريح عدد من الموظفين ووقف خدمات التأمين الصحي للمتقاعدين قبل طلب الإعسار، فيما يشكل اللجوء إلى القانون مدخلا لإنهاء خدمات المزيد من الموظفين بأقل التكاليف، بحسب العضو في نقابة العاملين في البناء العامل المتقاعد في الشركة أحمد زايد.
ويؤكد زايد ان وفق مخططات الشركة بعد الموافقة على الاعسار، هو تخفيض الكلف التشغيلية، وإعادة هيكلة الموارد البشرية من خلال تخفيض عدد العاملين وعمال المياومة والمتعهدين، وتخفيض الكلف الصناعية، بالاضافة الى ادخال تعديلات على التغطيات التأمينية للموظفين العاملين والمتقاعدين.
وكانت الشركة منذ عام 2001 قد أنهت نحو 2400 موظفا، رغم تعهد الادارة بعدم إنهاء خدمات أي موظف وفق اتفاقية الشراء ما بين الحكومة والشركة، إلا أنه بعد ثلاثة سنوات أنهيت خدماتهم، بحسب العاملين في الشركة.
ويبلغ عدد العاملين والعاملات في الشركة نحو 324 عاملا وعاملة لم يتم صرف رواتبهم منذ شهر حزيران الماضي، وحوالي 8500 عامل على رأس عملهم ومتقاعدين مهددين بوقف تأمينهم الصحي.
ويعرف القانون "الاعسار"، هو توقف المدين او عجزه عن سداد ديون مستحقة عليه بانتظام او عند تجاوز إجمالي الالتزامات المترتبة عليه إجمالي أمواله.
ويؤكد المحامي صلاح الداود ان القانون جاء بديلا عن قانون الصلح الواقي من الإفلاس والمقصود فيه تنظيم او جدولة الديون على المدين، بهدف ديمومة عمله لعدم مقدرته على سداد الديون.
و يوضح الداود أن القانون يشكل خطورة على العمال في حال تقدم وكيل الإعسار بانهاء عقود العمل او تعديلها ، حيث ان التعويض الذي يستحقه العامل عند انتهاء عقده هو الحد الأدنى والمقدر بثلاثة أشهر مهما بلغت سنوات خدمته في الشركة.
ويمنح القانون الصلاحيات بتشكيل لجنة متخصصة لتحديد الأوضاع المالية والاقتصادية للشركة، وبناء عليها يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة تنظيم وهيكلة الشركة.
ويشير الداود الى ان مجلس الادارة لا يعد من الموظفين ومن حق اللجنة أن تعطي المشورة بتخفيض مكافآتهم، أما المدراء التنفيذيين فيعاملوا معاملة العمال ويسري عليهم تطبيق القانون.
شعبيا، توضح اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت أن طلب الشركة هو حجة للاستيلاء على أراضي الفحيص المقام عليها المصنع وبيعها وهو ما عجزت عن فرضه طوال السنوات الماضية.
وتوضح اللجنة أنه لا يوجد ما يبرر اللجوء إلى الإعسار خاصة وان”لافارج” جزء من شركة عالمية وتقدر أرباحها خلال العقدين الماضيين بمليار ونصف المليار دينار.
وتأتي خطورة الوضع على مستقبل المدينة وأهلها الذين هم الأحق بالانتفاع من هذه الأراضي التي استملكت بالاصل للمنفعة العامة، داعيا الحكومة تحمل مسؤولياتها تجاه المدينة التي عانت طويلا من الآثار البيئية للمصنع والعمل على منع ما تصفها اللجنة بالكارثة.
عضو اللجنة الشعبية الدكتور سليمان صويص يؤكد أن الشركة لم تبدي جديتها للتوصل الى اتفاق يحمي حقوق ومصالح سكان مدينة الفحيص، رغم أنها المسؤولة عن إعادة تأهيل أراضيها، وهناك استحقاقات قانونية يجب أن تستجيب لها الشركة.
ويصف صويص لجوء الشركة إلى الاعسار بالـ مفتعل وليس امرا حقيقيا، يهدف الى بيع اراضي الفحيص المقام عليها المصنع بحجة تأمين السيولة للشركة من أجل تسديد الديون المترتبة عليها.
وفي مقال للمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي نشر بصحيفة الغد مؤخرا يصف لجوء شركة "لافارج" كاحدى الشركات الكبرى في المملكة الى قانون الإعسار لتجنب التصفية التي باتت اجبارية بحكم ان خسائرها تجاوزت الـ120 بالمائة من رأسمالها .
ويشير الدرعاوي خلال مقاله إلى أن ما وصلت إليه الشركة من ترد في أوضاعها المالية هو نتيجة مباشرة للتقاعس الحكومي في تطبيق القانون واتخاذ الإجراءات اللازمة منذ سنوات لحماية الشركة من الانهيار ووصولها الى هذا المستوى بعد أن خدمت في الاقتصاد الوطني لأكثر من 70 عاما، وكانت من أوائل الشركات التي تم خصخصتها ودخول شريك استراتيجي بمستوى لافارج العالمية .
الشركة كانت توزع أرباحا سنوية تتجاوز الـ90 مليون دينار على مساهميها الذين يقدر عددهم بحوالي 30 ألف مساهم، وتشكل حصة الشريك الأجنبي ما نسبته الـ51 بالمائة، والضمان الاجتماعي ما يقارب الـ22 بالمائة من رأس مالها البالغ 60 مليون دينار.
يرى المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن قانون الإعسار يعد بمثابة رسالة ايجابية من قبل مقدم الإعسار بأنه لا يريد ان يخرج من السوق أو التصفية فهو إعادة إحياء للشركة ويعيد نشاطها الاقتصادي.
ويؤكد الدرعاوي أن هذا القانون الوحيد الذي يساعد على تحسين ومرونة بيئة الاستثمار ويحمي حقوق المستثمرين والمساهمين والعاملين في الشركة، نظرا لعدم تصفيتها و يسمح لها الاستمرار بالعمل واعادة نموها وفق أسس جديدة.
ويشير إلى أن الشركة لها الحق بأن تعمل على إعادة هيكلة العاملين فيها وفق القانون لديمومتها ، ويحق لها التصرف بالأراضي المملوكة للشركة، فلا يجوز الاستقواء على المستثمرين من قبل المجتمع المحلي.
هذا وتبلغ مساحة الأراضي التي يستملكها مصنع " لافارج، نحو (2000) دونم ، وذلك قبل نحو 65 عاما وفق دائرة الاراضي والمساحة.