محمد صلاح: الكرة كسلاح؟

في عالم الكرة، يوصف الكثير من اللاعبين بمصطلح (الظاهرة )، تمييزا لهم عن غيرهم من اللاعبين، بسبب المستويات غير المسبوقة التي يقدمونها عادة في مجال اللعبة، مما يؤدي لظهور مفاهيم جديدة ومستويات مختلفة ومغايرة للمعهود في كرة القدم، فمثلا كان الظاهرة رونالدو سببا في دفع اللعبة نحو الإعتماد على المهاجم الفردي صاحب المهارات العالية، والتركيز أكثر على القدرات الفردية، كما كان الظاهرة يوهان كرويف رمزا لما بات يعرف بالكرة الشاملة والكرات العرضية حتى لقب ب ( الطائر )، وكذلك زيدان وكذلك بيليه ومارادونا ومؤخرا فعل ميسي وكريستانو كل أمر مؤد إلى تربع قمة اللاعبين الأفضل تاريخيا.

الذي تلاحظه هنا، أن كل لاعب من هؤلاء يمتلك شيئا ما، يميزه عن البقية، البقية من اللاعبين التي تبلغ ما يقارب ( 250 ) مليون لاعبا حول العالم، فما الذي يميز محمد صلاح عن هؤلاء جميعا؟



بالنظر إلى صلاح وتحليل طريقة لعبه، نجد أن الفارق الجوهري يتمثل في سرعة صلاح الهائلة، وانسيابيته وقدرته على التحكم بالكرة، لكن قد تبدو هذا سمات يشترك صلاح فيها مع غيره، أليس كذلك ؟



محتار؟ لا أظن، في الحقيقة أعتقد أن للأمر أسبابا تتعلق بالوعي والصورة والنمط والإطار، فصلاح  لاعب من الطراز الأول، إلا أن ميزته تكمن في خلفيته الثقافية وكيفية تعامله هو مع هذه الخلفية وكيفية تعامل الجميع معه، ولعل وجهه المصري النقي، والدماثة التي تشتعل في وجهه، ولطفه الفائق، كل هذا كان من دلائل تأكيد نظريتنا في هذا الخصوص. 



فصلاح لاعب عربي ومسلم، في مجتمع اعتاد على تكريس النظرة السلبية لهؤلاء، والتعامل بجدية مع كل محاولة للتقرب منه، إذ دائما ما يبدو الشرق أوسطي، في صورة من يحاول مهاجمة المجتمعات الأوروبية وحصد عدد كبير من الأرواح، أو ذلك العربي البدين والجشع الذي عليك أن تتوقع دائما عملية احتيال، او تبذيرا مبالغا فيه للمال، أو شهوانية مرعبة تجاه النساء. 



صلاح لم يكن واحد من هؤلاء أبدا، كان على العكس مثالا مغايرا لكل صفة سلبية أحيط بها العربي المسلم، وكان نموذجا مقلقا للوعي الشعبوي الأوروبي، حيث هزّ ذلك الركود النمطي، وصنع نمطية جديدة، فصلاح نشيط ( هداف الدوري الإنجليزي ) ومثابر ( ترشيحات عدة وجوائز ) ومحب ( لطالما ساعد الفقراء والمحتاجين ) وغير جشع أو أناني ( دائما ما يهدي زملاءه جوائزه الخاصة ) وهو والد جيد ومستقيم وملتزم بعائلته. 



إذ دائما ما يبدو الشرق أوسطي ، في صورة من يحاول مهاجمة المجتمعات الأوروبية وحصد عدد كبير من الأرواح.



كل هذا جعل من صلاح نموذجا غريبا ( بالنسبة لخلفيته ) ولطيفا ( نسبة للمجتمع المضيف )، ووجد الجمهور نفسه مجبرا على التعامل مع حقيقة أن صلاح أصبح نجم الفريق الأول، وقائده على الحقيقة، وان المباراة التي تجري دونه، عادة ما تكون مباراة باهتة، أما من جانب صلاح، فالرجل على يبدو ذكي للغاية، فقد استثمر بطريقة أو بأخرى شخصيته اللطيفة، واكتسب ود واحترام الجميع ، ليصنع بذلك ظاهرة كروية مميزة، تذكر فيها شخصية اللاعب عوضا عن ذكر مهاراته. 

صلاح ساهم بتخفيض نسبة الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في ليفربول، مما يدل على تأثيره الإيجابي في بيئته، فصلاح لم يعد مجرد لاعب في فريق كرة قدم، إنما أصبح شبيها بأيقونة جالبة للفرح والسعادة، وغالبا أصبح هو الأيقونة. 

بالتعاون مع موقع عربي360

أضف تعليقك