اللغة الأردنية، أصل العربية!

الأردنيون الأنباط أول من طور الخط العربي..

أجدادنا طوروا الخط الارامي ليفضي أخيرا إلى الخط العربي الحالي..

’’رطانة الأنباط‘‘لغة أردنية خاصة طورها الأردنيون الأنباط بخليط من العربية والآرامية.. دائما ما كانت اللغات والثقافة جزءا مهما من الإرث الوطني والإنساني، والذي يعبر عن تاريخ الدول والحضارات العريقة والتي تمتد لألاف السنين.

 



رطانة الأنباط

في بحث لموقع إرث الأردن المهتم بالتاريخ الأردني والإرث الوطني قيل فيه أنه وعبر التجارة اختلط الأردنيون الأنباط مع القبائل العربية المرتحلة جنوبا ومع الكنعانيين واليهود غربا وأهل العراق وصولا إلى الرومان، وقد أدى ولا بد إلى تأثر لغتهم وإثرائها وبالتالي زيادة قوتها، ورغم هذا الإنفتاح، صاغ الأردنيون الأنباط مع الوقت لهجة خاصة بهم يمكن اعتبارها خليطا من العربية والآرامية وقد سميت”رطانة الأنباط“.

وبحسب البحث”ورد ذكر اللهجة النبطية في عدة مصادر عربية فقال الجاحظ في كتابه البيان والتبيين أن النبطي القُح يجعل حرف الزاي سين فيقول بدل زورق: سورق، كما يقلب العين همزة ويفتح المكسور‘‘(ولفنسون: 1929).

بين الارامية والعربية

وهذا يدلنا على أن الأردنيين الأنباط لم ينطقوا بالعربية التي ننطق بها الآن إنما كانوا ينطقون بالآرامية وقد تصبغوا بالعربية نتيجة احتكاكهم بالقبائل العربية المرتحلة ونرى نتيجة هذا الاحتكاك في النقوش التي تتضمن بعض الكلام العربي.

 ويأتي ضمن البحث أنه من تلك النقوش نستنتج أن الخط الذي طوره الأردنيون الأنباط وسمي لاحقا”الخط النبطي“ما هو إلا الصورة الأولى الأصلية للخط العربي بشكله الحالي، فالقبائل العربية المرتحلة لم تعرف الكتابة والتدوين ولم تملك خطا أو أبجدية مكتوبة إنما اقتبست الخط النبطي وطورته لتغطي الحاجة للتدوين التي انبثقت من تأسيس الدولة في الحقبة الإسلامية الأولى لاحقا.

النبطية الأردنية حروف آرامية استقلت لوحدها

وبحسب البحث فان الأبجدية النبطية الأردنية هي حروف آرامية استقلت وبدأت رحلة تطور خاصة، فقد مالت الحروف النبطية الأردنية للرسم المربع مما أدى لتشابه الكثير من الحروف مثل (ب، ي، ن) و(ق، ف، هـ) وهنا صعدت مشكلة التنقيط والقدرة على التفريق بين الحروف ولم تغب هذه المشكلة عن الأردنيين الأنباط فاستخدموا بعض الأحيان النقاط للتفريق بين الحروف خصوصا الراء والدال (كانتينو: 2016).

ومن الجدير بالذكر أن الكتابة العربية غابت عنها مشكلة التنقيط حتى جاء أبو الأسود الدؤلي عام 643 ونقّط الحروف.

ويوضح البحث ان أجدادنا الأنباط طوروا خطا عرف بالخط النبطي وهو خط مربع مشتق عن الخط الآرامي الذي اشتق في الأصل من الخط الكنعاني.

وقد ظهرت العديد من الخطوط المحلية المشتقة عن الخط الآرامي إلا أن الخط النبطي كان من أقواها وأكثرها انتشارا وهو ما ساعده على البقاء والتطور سريعا ليفضي أخيرا إلى الخط العربي الحالي.

(كانتينو: 2016).

اللغات جزء مهم من الإرث البشري

ويقول المهتم والناشط في الإرث الوطني بكر الرقاد أن اللغات تشكل جزءاً مهما من الإرث البشري خصوصاً لما تحمله اللغة من خصائص اجتماعية تعكس وضع ذاك المجتمع.

ويكمل حديثه بأن اللغة تساعد على نقل التدوين التاريخي لتلك الشعوب وفهم طبيعتها، ويبرر ذلك بأن اللغة تؤثر وتتأثر فقد تفقد اللغة أهميتها إذ ما تعرض الشعب الناطق بها إلى ظروف قسرية تحول بينه وبينها، كالتهجير القسري أو الاحتلال وغيره.

ويوضح الرقاد بان أجدادنا”الأردنيون القدماء“تكلموا لغات عدة متقاربة في ممالك عمون وآدوم ومؤاب وبترا، فاللغة العمونية التي اتخذ أجدادنا من عمان عاصمة لدولتهم قد حكمت من الموجب جنوباً حتى سيل الزرقاء امتدادا لنهر الأردن قبل 3250عاماً وكان طوبيا العموني آخر ملك حكم مملكة عمون الأردنية وارتبط اسمه بآثار عراق الأمير وقصر العبد في وادي السير.

ويضيف أن هذه اللغة وجدت في العديد من الاثار الأردنية أهمها على قارورة تل سيران الشهيرة، ووجد فيها بعض التأثيرات من الخط الآرامي، بالإضافة إلى خصائص مشتركة مع الخطوط الأردنية كالمؤابية والأدومية، وقد صنفت كلغة مستقلة في عام 1970 على يد الإيطالي جيوفاني غاربيني.

الدولة الوطنية

أما اللغة الإدومية أو أدوميت بالإدومية التي انتشرت في جنوب الأردن من أيلة حتى البحر الميت فمن المميز في هذه اللغة أنها تصنف ضمن اللغات السامية الغربية وأنها استخدمت الأبجدية الفينيقية بحسب الرقاد.

’’وعلى شواطئ البحر الميت أسس أجدادنا المؤابيون دولتهم، ذات الدولة التي أنجبت لغة خطت حجر ميشع الشهير ونقش الكرك‘‘يقول الرقاد.

ويشير إلى أن الجامع بين هذه الممالك هي اللغة النبطية وهي شكل من أشكال تأسس الدولة الأردنية، حيث أن مرحلة إنتهاء الممالك الثلاث السابقة وبداية المملكة الأردنية النبطية تشكل نقطة الإنتقال من حالة دولة المدينة إلى دولة الأمة أو الدولة الوطنية.

ومما سبق هذه المرحلة الجامعة بين الأردنيين، هي مرحلة تشكل المدن إذ أن الدولة كدولة هي نظام وأرض وشعب، وما يجمع الشعب هي الثقافة المشتركة سواء كانت الدين أو العادات أو اللغة بحسب الرقاد.

ويوضح ان نشأة المدن الأردنية في العصور الحجرية المتأخرة كالعصر الحجري النحاسي (4500 – 3600 ق.م) الذي ظهرت فيه مدينة تليلات الغسول وأبو حامد وطبقة فحل وتلّ الشونة الشمالية وسحاب وقطّار وأبو سنيسلة وعراق الأمير، وفي العصر البرونزي المبكر (3600-2000 ق.م) كباب الذراع وخربة الزيرقون ونميرة وتلّ الحندقوق الشمالي وتل الحمام واللجّون.

من الناحية السياسية يقول الرقاد أن الأردن تكوّن في العصر البرونزي الوسيط من الدول – المدن الصغيرة والضعيفة الترابط – ومع تقدم هذا العصر، سيطرت البلدات الأكبر على القرى المجاورة الأصغر.

ويكمل”وإذا اعتبرنا أن حجم المستوطنة يرتبط بالقوة السياسية، فإن حفنة من المستوطنات (بيلا، ودير علا، وإربد، والسلط، وعمان، ومادبا) قد انتهى بها الأمر إلى السيطرة على المشهد الحضاري في الأردن في العصر البرونزي الوسيط“. 

ويضيف الرقاد بأن الشعب قد تشكل من أعداد صغيرة شكلت تجمعات سكانية في العصور السحيقة وتطورت تلك القرى بفعل الأنظمة الحاكمة البسيطة الداخلية لبلدات ومستوطنات ومدن تطورت وتعقدت معها أنظمة الإدارة والثقافة واللغة وانصهرت ببوتقة واحدة جمعت الأردنيين في كيان سياسي واحد في نهاية الأمر ألا وهي المملكة الأردنية النبطية التي جمعت بين ثلاثة ممالك أردنية متحالفة ذات أنظمة أبسط.

التكيف 

ويؤكد أهمية التطرق إلى الجوانب الاجتماعية للغة النبطية وما نستطيع قراءته منها، فإن اللغة النبطية استطاعت التكيف في الفترة التي كانت بها فقد جمعت بين أصالة اللغة الآرامية والسريانية وتفرد الأردنيين بلغة خاصة احتوت على إرث اللغات الاردنية القديمة بالإضافة للآرامية ولغات المنطقة والرومانية وطورت الكتابة الخاصة بها بمرور الوقت لتناسب نسق الكتابة المتصل قدر الإمكان.

ويتابع حديثه بأن تلك إشارة لكثرة التدوين في ذاك الوقت والحاجة لنسق كتابة سريع وسهل، فالملاحظ بين الخط النبطي القديم والحديث هو تطور قابلية أحرفه لربط أحرف الكلمات فأصبح الخط النبطي المتأخر يكتب بحروف متصلة غالباً تتسم بعدة أشكال للحرف الواحد حسب مكانه في الجملة، هذا التطور على الخط جعله الأساس الأنسب والأصل للخط العربي.

’’فالمقالة التي تقرأها الآن عزيزي القارئ فيها من إسهامات الأجداد في اللغة، واستعان الاردنيون باللغات العالمية في ذاك العصر من آرامية وإغريقية وغيرها في المعاملات التجارية الدولية خصوصاً مع دول حوض بحر المتوسط‘‘يقول الرقاد.

 ويؤكد أن التجارة هي أحد أبرز مقومات الحضارة الأردنية النبطية بتجارة تزعمت المنطقة وامتدت علاقاتها من الهند والخليج العربي شرقاً حتى موانئ روما غرباً حتى أصبحت معابدهم وجالياتهم منتشرة في روما ودمشق ومصر، وهنا نرى في اللغة أن التكيف سمة الأردنيين؛ كيف لا وقد طوّع الحجر والطبيعة الصعبة وصنع منها وطناً

وبين أنه عن النظر إلى حروف هذه اللغة فسنجد أنها اختلفت عما تبنته من أبجدية آرامية في صفة، ألا وهي ميل الحروف النبطية للشكل المربع أكثر، مما قد يعطي لمحة عن سبب هذا الاختلاف هو ميل الأردنيين للعمارة والفن المبني على الأشكال الهندسية والعناصر الطبيعية.

ويكمل”فالخزنة تجمع ما بين العمارة النبطية والإغريقية اللواتي يتشابهن في هذا التبني الفني لدرجة ما، ومن المميز أن الأردنيون قد أوجدوا التنقيط للتمييز بين الأحرف بعهد مبكر جداً في حين أن اللغة العربية اكتسبت هذه الميزة في عام 643 ميلادية“. 

وأعرب الرقاد عن فخره واعتزازه بإنجازات الأردنيين الأنباط وهويتهم العظيمة، واصفا إياها بأنها عظيمة جدا، ومثال عظيم على حالة الدولة الوطنية الجامعة التي عاشوها إدارةً وثقافًة.

وذكر أنها ثقافة عززت من لغة ينطقها اليوم أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، وما زال هنالك الكثير من الأعاجيب غير المكتشفة أو تلك التي تراكم الردم عليها حتى غدت منسية، أعاجيب تذهل لسماعها الآذان والعقول لعبقرية الإنسان وعزمه في كافة مجالات الحياة، ومن الواجب علينا أن نستشعر حجم لغتنا الأولى وكيف جمعتنا كأردنيين في مركب واحد في تلك الحقبة وكيف عكست سمة من أهم وأجمل سمات الأردنيين، ألا وهي التكيف

 وبحسب دراسة قام بها الدكتور عصام الموسى أثبتت ان الأنباط العرب كانت لهم إسهاماتهم الاولى في تطوير الابجدية العربية التي تستخدم اليوم في تطوير الحرف العربي الذي اشتق من الحرف الآرامي.

 وجاء في دراسة الموسى أن الحرف النبطي المتأخر الذي ظهر في شبه جزيرة سيناء وأطلق عليه اسم الحرف النبطي السينائي هو الحرف الذي تحدرت منه الابجدية العربية الحالية وتطورت ابجدية الانباط لتصبح الحروف نصف موصولة مع نهاية الربع الثاني من القرن الثاني قبل الميلاد.

وكشف الباحث روبرت لوجان في كتابه (تأثير الابجدية) أن الحرف النبطي هو الحرف الذي سبق الحرف العربي التقليدي.

وبحسب دراسة للباحث العراقي هاشم طه رحيم بعنوان النظرية النبطية حول أصل الخط العربي الحديث يقول فيها”ويفسر البعض كيفية اشتقاق الخط العربي من النبطي بأن الاخير المشتق أصلا من الآرامية أصبح يبتعد شيئاً فشيئاً عن أصله الارامي حتى تميز منه وأصبح يعرف بالخط النبطي والذي بدوره تطور في حدود القرن الثالث الميلادي الى الخط المألوف في لغة عرب الشمال لغة القرآن الكريم ولغة العصر الحاضر“.

ويكمل ان أحدث الأبحاث في فقه اللغة التاريخي المقارن دلت أن اشتقاق الخط العربي كان من الخط النبطي.

 

بالتعاون مع موقع عربي360

 

أضف تعليقك