وزير داخلية فرنسا يثير جدلا بحديثه عن "الإرهاب الإسلامي السني"
أثار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن قال إن "الإرهاب الإسلامي السّنّي" هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا.
جاء ذلك على هامش زيارة يؤديها الوزير الفرنسي إلى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الأمني مع واشنطن خصوصا قبل استضافة باريس أولمبياد 2024 الصيفي.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن دارمانان قوله: "أتينا لنذكّرهم أنه بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا، الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السّنّي، والتعاون لمكافحة الإرهاب بين أجهزة الاستخبارات هو ضروري للغاية".
وتابع: "بينما قد تكون للأمريكيين رؤية وطنية أكثر للأزمات (مثل) التفوق العرقي الأبيض وعمليات إطلاق النار الجماعية المتكررة والتآمر، لا يجب أن ينسوا ما يبدو لنا في أوروبا بمثابة التهديد الأول: الإرهاب السّنّي".
وأعرب عن أسفه "لرحيل الأمريكيين من أفغانستان" وانسحاب فرنسا من منطقة الساحل الأفريقية، متحدثا عن "إعادة تشكيل خلايا تنظيم الدولة في المشرق، ما يجعل من هذه التهديدات الخارجية في ضوء الأحداث التي ستنظمها فرنسا، محطات لمخاطر كبيرة من اعتداءات إرهابية".
اختتم دارمانان زيارة استمرت يومين وشملت واشنطن ونيويورك ومقر الأمم المتحدة، هدفت إلى تعزيز التعاون بين الشرطة والقضاء في فرنسا والولايات المتحدة الملحوظ في اتفاق وقّعه البلدان عام 2016، ويطال مجالات مكافحة "الإرهاب" والجرائم الكبرى.
وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الوزير الفرنسي معتبرين أنها تعكس تحامل بلاده على المسلمين، فيما أشار آخرون إلى أن "الإرهاب مصدره سياسات حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون".
ومنذ توليه حقيبة الداخلية في صائفة 2020، أصبح الوزير جيرالد دارمانان الواجهة العامة لحملة الإجراءات المشددة التي تثير مشاعر عدائية تجاه المجتمع المسلم في فرنسا.
وهذه الأفكار صاغها جده لأمه، المسلم الجزائري الذي يدعوه "بطل جمهورية"، لأنه قاتل إلى جانب الفرنسيين خلال "حرب الاستقلال"، وأهدى له مقالاً عام 2016 عن العلمانية والإسلام.
ويدعى الوزير باسمه الكامل: جيرالد موسى دارمانان، وهو ابن جيرارد الذي كان مدير مقهى في مدينة فالنسيان، شمال فرنسا، وهو من أصول يهودية مالطية، وأمه كانت عاملة نظافة من أصول جزائرية، حيث كان والدها جندياً متطوعاً في الجيش الفرنسي.
وكان دارمانان قد قال في أول تغريدة له بعد إعلان تعيينه بمنصب وزارة الداخلية: "إنه شرف كبير، لحفيد مهاجرين مثلي، أن يُعين كوزير للداخلية في بلد جميل كفرنسا".
وخلال أيامه الأولى في المنصب قال دارمانان في اجتماع مع الشرطة إنه يريد "منع شرائح معينة في المجتمع من العودة إلى البربرية"، وهي عبارة عادة ما يستخدمها اليمين المتطرف للإشارة إلى الجاليات العربية والأفريقية بشكل مباشر.
وفي سن الثلاثين أصبح جيرالد دارمانان نائبا عن اليمين المحافظ، وفي العام 2014 فاز بالانتخابات البلدية وأصبح عمدة لمدينة توركوان حيث عرف بجديته وطريقته المباشرة حتى في انتقاد زملائه من حزب اليمين المحافظ.
وقد سطع نجم دارمانان على الساحة الوطنية باعتباره خليفة الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، فانتقد ماكرون خلال حملته الانتخابية، قائلاً إنه لا بد أن يخجل من وصفه استعمار فرنسا للجزائر بجريمة ضد الإنسانية وَوَصفه بأنه "سُمّ" للوطن.
غير أن ماكرون، بدلاً من معاداته، كافأ دارمانان بوزارة المالية، قبل أن يرقيه إلى منصب وزير الداخلية، رغم مزاعم اتهامه بالاغتصاب التي ظهرت عام 2009.
وفي عام 2020، طلبت محكمة باريس العودة إلى التحقيقات التي تستهدف الوزير بشأن اتهامات بالاعتداء الجنسي والتحرش، فيما استفاد دارمانان من الإخلاء وعدم المتابعة في العام 2018 بسبب نقص الأدلة، لكن محكمة النقض طلبت إعادة فتح الملف وهذا لم يكن عائقا بالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون لتعيينه في وزارة الداخلية.
وفي ذلك الوقت، اعتبرت الوزيرة السابقة المكلفة بحقوق السيدات، لورانس روسينيول، أن تعيين دارمانان وزيرا للداخلية هو صفعة للنساء الفرنسيات اللواتي يتعرضن للعنف والتحرش الجنسي.