هل سيُحرم البنك العربي من ايداع أمول "الضمان الفلسطيني"
شكل قانون الضمان الاجتماعي في فلسطين صراعا آخر غير متوقعا بين كبار البنوك العاملة في أراضي السلطة الفلسطينية بسبب وجود بند في القانون ينص على إيداع أموال الضمان في بنوك محلية وليس بنوك وافدة.
وحسب محللين فلسطينيين ان البنوك الوافدة هي بنوك أردنية وعلى رأسها البنك العربي، الذي تأسس عام 1930 في القدس وقد توسع وانتشر في العالم وبقيت إدارته في العاصمة الأردنية.
وسلط الصحفي الفلسطيني داود كتاب الضوء على القانون المثير للجدل في مقالة له بموقع الحرة، قائلا إن " الحكومة الفلسطينية مهتمة منذ مدة طويلة بإيجاد مؤسسة وطنية للضمان، بسبب توفر مبالغ مالية كبيرة مرصودة في إسرائيل بخصوص تعويضات نهاية الخدمة لآلاف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة العاملين في إسرائيل منذ 1970، إذ ينص اتفاق باريس لعام 1994 الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بنقل تلك الأموال إلى صندوق ضمان فلسطيني، يفترض به أن يقوم بعد ذلك بتعويض العمال الفلسطينيين مهما كان موقع عملهم.
وفيما يلي نص المقال:
يمر الشارع الفلسطيني وأماكن العمل والصالونات السياسية وكل بيت تقريبا، في نقاش حاد حول قانون الضمان الاجتماعي الذي تنوي الحكومة بدء تطبيقه في مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد أصدر قانونا بمرسوم رئاسي في 2 آذار/مارس 2016 يشرع تشكيل مجلس إدارة لمؤسسة الضمان الاجتماعي. ومنذ ذلك الوقت خرجت أصوات كبيرة معارضة، شكل على أثرها لجنة مشتركة بين ممثلين عن العاملين وعن أصحاب العمل ومؤسسات المجتمع المدني.
وأدار النائب اليساري بسام الصالحي حوارا معمقا أدى إلى إجراء عدد من التعديلات على القانون، أتت غالبيتها لصالح العامل حيث تم تخفيض مساهمة العامل إلى 7 في المئة كما تم توفير التأمين الصحي لكل مشارك في الضمان الاجتماعي الإلزامي ورفع مشاركة صاحب العمل إلى 9 في المئة من راتب كل عامل/موظف.
ورغم تلك التعديلات التي قبلتها الأطراف المختلفة، هناك أصوات عديدة تطالب بعدم تتفيد شرط إلزامية الاشتراك بالضمان لمدة ستة أشهر، لإعطاء المواطن فرصة للاطلاع أكثر على القانون وزيادة الدعم الشعبي له.
أعلنت حكومة رامي الحمد الله أنها مستعدة للاستماع إلى أي اقتراح لإدخال تعديلات على القانون، إلا أنها مصرة على بدء تنفيذه في الوقت المحدد دون أي تأخير. بعض المعارضين خرجوا بتظاهره حاشدة في 15 تشرين الأول/أكتوبر في مدينة رام الله، وكان لسان عديد من المتظاهرين يتركز على فكرة التخوف من ضعف قدرة الحكومة الفلسطينية على تنفيذ المشروع، إذ كان شعار البعض "من يضمن الضمان" في إشارة إلى هشاشة مصداقية وقدرات الحكومة الفلسطينية ضمن الوضع السياسي واستمرار الاحتلال وغياب أي أفق سياسي حول مستقبل إقامة دولة مستقلة.
طبعا، رغم الشعارات المكررة، هناك عدة أطراف لا ترغب بوجود أو تنفيذ قانون الضمان الإلزامي الذي يفرض على العامل والمشغل المشاركة في تمويل صندوق الضمان خاصة في حالة إصابات العمل والتأمين الصحي والتقاعد.
الحكومة الفلسطينية مهتمة منذ مدة طويلة بإيجاد مؤسسة وطنية للضمان، بسبب توفر مبالغ مالية كبيرة مرصودة في إسرائيل بخصوص تعويضات نهاية الخدمة لآلاف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة العاملين في إسرائيل منذ 1970، إذ ينص اتفاق باريس لعام 1994 الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بنقل تلك الأموال إلى صندوق ضمان فلسطيني، يفترض به أن يقوم بعد ذلك بتعويض العمال الفلسطينيين مهما كان موقع عملهم.
لا يوجد أي معلومات مؤكدة حول حجم تلك الأموال، تتراوح قيمة المبلغ، حسب الإشاعات، ما بين 10 إلى 50 مليار شيكل أي ما بين 3 إلى 15 مليار دولار.
هذه المبالغ كبيرة بالنسبة إلى حجم الاقتصاد الفلسطيني، وقد تساعد في حال استثمارها فلسطينيا بدعم الاقتصاد المحلي وزيادة فعاليته وقدراته.
يعتقد كثيرون أن قانونا بحجم قانون الضمان يحتاج إلى نقاش مطول ومعمق مع جميع شرائح المجتمع، وإلى موافقة ممثلي الشعب من خلال المجلس التشريعي رغم أن الأخير معطل منذ أكثر من عقد عقب أحداث قطاع غزة وسيطرة حركة "حماس" على السلطة هناك.
وفي الوقت ذاته، يتخوف آخرون من الاستمرار في التأجيل؛ ويشير هؤلاء إلى أن إلزامي القانون هو استحقاق على المشغلين وأصحاب رؤوس الأموال وليس فقط العمال، وأن تنفيذه سيشكل نقلة مهمة لحقوق العمال ويوفر الضمان الحقيقي للاستقرار في العمل وفي ترتيب البيت الفلسطيني الاقتصادي، الذي يشوبه العديد من التشوهات بسبب وجود عدد كبير من العمال غير المنظمين الذين لا تنطبق عليهم قوانين العمل بسبب عدم وجود عقود رسمية وغياب أي وثائق تثبت التزام المشغل لهم.
وقد شكل موضوع القانون الجديد صراعا آخر غير متوقع بين كبار البنوك العاملة في أراضي السلطة الفلسطينية بسبب وجود بند في القانون ينص على إيداع أموال الضمان في بنوك محلية وليس بنوك وافدة. والبنوك الوافدة هي بنوك أردنية، وغالبية مؤسسيها ومساهميها من أصول فلسطينية، مثل البنك العربي الذي تأسس عام 1930 في القدس وقد توسع وانتشر في العالم وبقيت إدارته في العاصمة الأردنية.
مر قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني في العديد من المراحل، كان آخرها تعديل جرى بالتنسيق مع القطاع الخاص والنقابات وممثلين عن المجتمع المدني، وأدار النقاش النائب بسام الصالحي (ينتمي إلى حزب الشعب الفلسطيني المشارك في كتلة بديل في المجلس التشريعي المعطل).
وبعد التعديلات التي أدخلت إليه في آخر حلقة مشاورات في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2016 أعطيت الأطراف سنتين لكي تستعد للتنفيذ العملي للقانون؛ وقد اقتربت الآن ساعة الصفر، التي تستحق في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر؛ فهل يقبل الفلسطينيون بضمان مستقبلهم من خلال وجود مؤسسة وقانون وصندوق لدعم العامل أم يستمر العامل بالبحث عمن يضمن له أو لها الحقوق؟