مراكز الاقتراع تغلق بعد إقبال أقل من المتوقع في انتخابات الرئاسة بمصر
أغلقت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها في التاسعة مساء اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي وبدأ فرز الأصوات بعد إقبال أقل من المتوقع في انتخابات الرئاسة التي يتوقع على نطاق واسع أن يفوز بها قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي.
وأظهر فرز أولى اللجان الذي أذيع على التلفزيون الرسمي تقدما ساحقا للسيسي على منافسه السياسي اليساري حمدين صباحي.
وأظهر الفرز الأولي أن عدد الأصوات الباطلة أكثر من عدد الأصوات التي حصل عليها صباحي.
وفي مركز اقتراع بوسط القاهرة قالت رشا عادل (36 عاما) وهي ربة منزل قبل غلق أبواب المركز بنحو نصف ساعة "محدش حيستناه. صبر المصريين نفد خلاص. إحنا انتخبناه على أمل ان البلد تتحسن بسرعة."
وكانت تشير إلى السيسي الذي قال خلال الحملة الانتخابية إنه يحتاج إلى عامين لحل المشاكل المصرية إذا ساعده المصريون في ذلك.
وقال مراقبون إن الإقبال الأقل من المتوقع ربما لا يعطي السيسي المهلة التي يطلبها لتحقيق تحسن في أوضاع الدولة التي تعاني اضطرابا سياسيا انطوى على عنف واسع وتدهور اقتصادي ومشاكل أمنية منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة 2011.
وقال أيمن سيد (53 عاما) إن السيسي يواجه تحديات كثيرة يجب أن يتغلب عليها بسرعة مثل البطالة.
وأضاف "فيه (هناك) شباب أنهوا دراستهم الجامعية منذ سنين طويلة ولم يلتحقوا بأعمال رغم أنهم تزوجوا وأنجبوا. حيعيشوا باقي عمرهم ازاي من غير دخل ثابت وتأمين صحي ومعاشات (أجور تقاعد)؟"
وقال مشرف إن عدد الناخبين المسجلين في إحدى اللجان 4600. وأضاف "لم يأت ناخبون اليوم سوى قبل غلق أبواب المركز بحوالي ساعة. طول النهار مكانش فيه حد."
ونقل موقع بوابة الأهرام عن طارق شبل عضو اللجنة الانتخابية قوله إن أكثر من 21 مليونا شاركوا في التصويت أي نحو 39 في المئة من مجموع عدد الناخبين البالغ 54 مليونا تقريبا.
وكان السيسي قد دعا الأسبوع الماضي إلى مشاركة 40 مليون ناخب في التصويت أي ما يقرب من 80 في المئة من اجمالي عدد الناخبين.
إلا أن دبلوماسيا غربيا قدر عدد المشاركين بما بين عشرة و15 مليونا أي ما بين 19 و28 في المئة من الناخبين.
وتمثل نسبة المشاركة في التصويت مؤشرا رئيسيا على مدى التأييد الشعبي الذي يحظى به السيسي وقد يضر ضعف الاقبال بشرعيته في الداخل وعلى المستويين الاقليمي والعالمي بعد أن عزل محمد مرسي -أول رئيس انتخب في اقتراع حر بمصر- بعد احتجاجات شعبية حاشدة مطالبة بإنهاء حكمه.
وأظهرت جولة في عدد من اللجان الانتخابية في القاهرة اليوم قبل غلق مراكز الاقتراع ضعفا في إقبال الناخبين على التصويت. وقال مراسلون لرويترز إن الصورة نفسها تكررت في الاسكندرية ثاني أكبر مدن مصر.
وفي بلد شهد استقطابا حادا منذ الانتفاضة ربط البعض انخفاض نسبة الاقبال عما هو متوقع بلا مبالاة بعض الناخبين واعتراض آخرين على تولي ضابط من القوات المسلحة رئاسة البلاد واستياء بين الشباب ذوي الميول الليبرالية مما يرون أنه قمع للحريات وكذلك دعوة الإخوان المسلمين لمقاطعة الانتخابات.
وكان من المقرر أن تكون مدة التصويت يومين لكن اللجنة المشرفة على الانتخابات قررت تمديدها يوما ثالثا لاتاحة الفرصة أمام أكبر عدد ممكن من الناخبين للادلاء بأصواتهم.
وصدرت صحيفة المصري اليوم بعنوان كبير اليوم يقول "الدولة تبحث عن صوت".
* العملية الانتخابية
قالت بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الديمقراطية الدولية إن قرار تمديد التصويت يثير تساؤلات حول سلامة العملية الانتخابية.
وقال ايريك بيورنلوند رئيس المنظمة في بيان "القرارات التي تتخذ في اللحظات الأخيرة عن إجراءات انتخابية مهمة مثل قرار تمديد التصويت يوما اضافيا يجب الا تتخذ سوى في ظروف استثنائية."
وبثت حملة السيسي صورا لصفوف طويلة من الناخبين بعضهم يلوح بالأعلام المصرية ويرفع صور السيسي. ورفعت الحملة على صفحتها على الفيسبوك شعار "انزل وارفع علم بلدك".
وعند أحد مراكز الاقتراع قالت سماء (45 عاما) التي تملك متجرا بالقاهرة إنها تؤيد السيسي. وأضافت "بلدنا لازمه دلوقتي رجل عسكري. نحتاج للنظام."
لكن غابت عن المراكز أي صفوف طويلة. وقال ضابط بالجيش وهو يقرأ صحيفة أمام نفس مركز الاقتراع بالقاهرة "عايزة تتكلمي مع ناخبين؟ شايفة أي ناخبين؟ مش عارف ليه مابيجوش. يمكن رافضين السياسة."
واتهم النشط الليبرالي خالد داود اللجنة الانتخابية والحكومة بالفوضى في إدارة الانتخابات.
وقال "هناك شعور بأن النتيجة معروفة سلفا وهذا النوع من الاحتفال الذي يقيمونه للسيسي جاء بأثر عكسي لأن الناس لم تعد تقتنع بهذه الدعاية.
"الناس أيام مبارك لم تكن تشارك لأنها كانت تعرف أن صوتها لن يفرق وهذا ما يحدث الآن."
وكانت السلطات قد اتخذت مجموعة من التدابير لحث الناخبين على المشاركة في العملية الانتخابية فقالت وزارة العدل إن المصريين الذين لا يصوتون ستفرض عليهم غرامة وأعلن عن اتاحة تذاكر مجانية للمسافرين بالقطارات حتى يتمكنوا من التصويت.
ورغم الحملة الرسمية لحمل الناخبين على التصويت كان الحضور في اللجان محدودا لأسباب عدة.
وكانت جماعة الاخوان المسلمين التي يعتقد أن عدد أعضائها يبلغ نحو مليون عضو في بلد عدد سكانه أكثر من 85 مليون نسمة قد أعلنت رفضها للانتخابات ووصفتها بأنها استمرار لاستيلاء الجيش على السلطة.
وكانت مصر قد أعلنت الجماعة منظمة ارهابية. وقتل نحو ألف من أنصار الاخوان في حملة أمنية.
وقال محمد عبد الحفيظ عضو الاخوان "إجراء الانتخابات باطل في ظل الانقلاب العسكري... لا يمكن للانتخابات أو أي وسيلة أخرى أن تمنحه الشرعية."
كما تغيرت آراء الشباب الليبراليين حتى من أيدوا قرار عزل مرسي في يوليو تموز الماضي وذلك بعد اعتقال كثيرين منهم في الحملة الأمنية التي أدت إلى الحد من الاحتجاجات والمظاهرات.
وربما يكون من أسباب انخفاض نسبة المشاركة ان بعض الناخبين المصريين اعتبروا فوز السيسي أمرا محسوما ولم يروا فائدة في الادلاء بأصواتهم. وربما امتنع آخرون لانهم يرفضون التصويت لرجل ذي خلفية عسكرية.
من ناحية أخرى أعلن صباحي في بيان صدر في وقت سابق اليوم سحب مندوبيه من اللجان الانتخابية. وقال في البيان "بدا أن الانتخابات تتجه نحو عملية خالية من المضمون الديمقراطي وتفتقر للحد الأدنى من ضمانات حرية تعبير المصريين عن رأيهم وإرادتهم فضلا عن عدم ضمان أمن وسلامة مندوبي الحملة وما تعرضوا له من اعتداء وقبض وهو ما وصل إلى إحالة بعضهم إلى النيابة العسكرية."
وحمل البيان المسؤولية الكاملة عن سلامة الانتخابات ونزاهتها للجنة العليا للانتخابات وللسلطات والأجهزة الأمنية.
وكانت وسائل الاعلام المحلية ركزت على ضعف الاقبال ووجه بعض المذيعين السباب للناخبين الذين لم يشاركوا في التصويت. ووصف معلق في إحدى القنوات التلفزيونية الممتنعين عن التصويت بأنهم "خونة خونة خونة".
وبلغت نسبة الاقبال في انتخابات الرئاسة التي فاز فيها مرسي 52 في المئة. وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن من الضروري أن يتجاوز الإقبال هذه المرة تلك النسبة حتى يتمتع السيسي بالشرعية السياسية كاملة.
وأضاف نافعة أنه إذا لم تتحقق هذه النسبة فسيكون السيسي قد فشل في قراءة المشهد السياسي ولا بد من تصحيح خطأ حساباته من خلال التوافق.
وعلق الكاتب الصحفي أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الاهرام على قرار تمديد التصويت ليوم الثالث قائلا على صفحته على فيسبوك إن القرار يظهر مصر وكأنها تتسول التصويت ويفتح الباب أمام كل التأويلات ويسيء للالتزام بالقواعد ونزاهة العملية الانتخابية.
وقال رشاد زيدان (60 عاما) الذي يعمل سائقا لاسرة ثرية في حي الزمالك بالقاهرة "الناس بتقول لنفسها ايه فايدة التصويت؟ أنا شخصيا صوتي مش هيفرق وعشان كده مش هاصوت."
رويترز