لبنان يسدل الستارة على "وسام"

لبنان يسدل الستارة على "وسام"
الرابط المختصر

اسدلت الستارة على مرحلة اللواء وسام الحسن الذي بقي طيفه يجول في الأرجاء حتى لحظة العودة إلى التراب، مع كل ما كان يمثل هذا الرجل من رمزية أمنية وسياسية جنبت لبنان الكثير من المنزلاقات، واستفاق البلد على واقع يحمل المزيد من الانقسامات العمودية سياسياً ومذهبياً في ظل خلافات على كل الملفات الداخلية والخارجية.

واستيقظت بيروت على ظهور مسلح في بعض انحاء العاصمة، حيث قطع طريق كورنيش المزرعة بين البربير ومفرق برج أبي حيدر ـ الكولا وسط ظهور مسلّح في الشوارع الداخلية المحاذية، بعدما كانت سُمعت على مدى أكثر من ساعة فجر اليوم، أصوات إطلاق نار كثيف بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية في منطقة الطريق الجديدة التي ينتشر الجيش في محيطها ويمنع الدخول اليها، ليعود الهدوء الحذر يخيم على مناطق الكولا وقصقص والطريق الجديدة في العاصمة بيروت، فيما فرض الجيش طوقاً أمنيا حول مقر السراي الحكومي.

وكان لبنان ودع الحسن في مأتم مهيب، تخللته مواقف متقدمة، حيث استعجل الرئيس ميشال سليمان القضاء بإصدار القرار الاتهامي بحق الوزير السابق ميشال سماحة، فيما أعلن رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة رفضه أي حوار قبل استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتشكيل حكومة محايدة، محملاً هذه الحكومة مسؤوليّة جريمة اغتيال الحسن وباقي الشهداء"، في حين شدد مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، على "متابعة المسيرة والتصدي لكل من يعبث بالأمن".

إلا أن الغضب الشعبي انفلت من عقاله عند مجموعات من الشبان بدعوة من الإعلامي نديم قطيش بالتوجه إلى السراي الحكومي لإسقاط الحكومة، بعدما أنهى السنيورة كلمته في التأبين، فأدي تدفق هذه المجموعات في اتجاه مقر رئاسة الحكومة إلى صدام بينها وبين القوى الأمنية المولجة حراسته، عندما أصرت على تخطي الأسلاك الشائكة والعوائق التي وضعت حوله، فأطلقت قوى الأمن قنابل مسيلة للدموع لمنعهم من التقدم.

ولم يطل المشهد، وذلك عندما تدخل الرئيس سعد الحريري سريعاً مطالباً مناصريه بالابتعاد عن السراي، وواضعاً حرس "بيت الوسط" بتصرف حرس السراي، وتبعه بعد ذلك بدقائق السنيورة ببيان، أكد فيه رفضه لما يجرى، ثم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الذي رفض اسقاط الحكومة في الشارع، وتباعاً أصدر رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع موقفاً مشابهاً وحذا حذوه حزب الكتائب، فهدأت الساحة.

أمام هذه المشهدية، كتبت صحيفة "السفير" في صدر صفحتها الاولى أن "ما حصل خلال تشييع الحسن في وسط بيروت، ليس سوى وصفة مثالية للانتحار السياسي. لم يكن جثمان الشهيد قد وُوري بعد في الثرى، حين ارتكب بعض الذين ساروا في جنازته من "تيار المستقبل" وفريق "14آذار" خطيئة موصوفة"، فيما رأت صحيفة "اللواء" في افتتاحيتها "أن جريمة الاغتيال، توقيتاً وأهدافاً وملابسات فتحت البلاد على احتمالات مجهولة، وعلى آفاق مسدودة، وكأن "غيوماً سوداء" بدأت تتجمع فوق سماء لبنان".

"الجمهورية" كتبت من جهتها أن "لبنان دخل مرحلة سياسية جديدة يصعب التكهن بنهاياتها ومؤدياتها. ولكن الأكيد، لغاية اللحظة، أن هناك توجهين متناقضين أو موقفين يصر أصحابهما على الذهاب بهما إلى النهاية، فقوى 14 آذار التي قالت لحظة اغتيال اللواء وسام الحسن سيكون لنا كلام آخر في التشييع، أكدت أن لا حديث ولا حوار قبل رحيل الحكومة، فيما أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: إذا أرادوها معركة فلتكن، مستنداً في ذلك على عضلات "حزب الله" والنظامين السوري والإيراني".

صحيفة "الاخبار" كتبت في تعليقها" "غداً يوم آخر. يجب أن يكون يوماً آخر. منطق الحياة يفرضه يوماً آخر. المصابون بالضربة والفاجعة يريدونه يوماً آخر. وقاتل وسام الحسن يريده يوماً آخر. وخطاب الرئيس فؤاد السنيورة كان واضحاً في أن غداً يوم آخر. وردود الفعل المكتومة عند خصومه السياسيين تدل، أيضاً، على أننا حتماً أمام يوم آخر!".

وأضافت الصحيفة: "لأن الأمور تقال بصراحة، فلتكن مقاربة الحدث بالصراحة نفسها. نعم، كان وسام الحسن ضابطاً في قوى الأمن الداخلي. قام بأشياء كثيرة لخدمة مواطنين في بلده. لكن وسام الحسن كان، أيضاً، سياسياً منضوياً في مشروع سياسي يتجاوز حدود لبنان، وبالتالي من الغباء، لا بل من الحرام، تصوير جريمة اغتيال الحسن على أنها عملية أمنية ــــ سياسية لأهداف محلية".