روسيا تقترح طائف سوري

روسيا تقترح طائف سوري
الرابط المختصر

ذكرت مصادر أمريكية رفيعة المستوى أن "الحل السياسي" الذي قدمه الدبلوماسيون الروس لنظرائهم الأمريكيين تمحور حول التوصل إلى "طائف سوري"، على غرار الاتفاق الذي وافقت عليه الفصائل اللبنانية المتنازعة في مدينة الطائف السعودية في العام 1989 وأدى إلى إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية وإدخال تعديلات على الدستور وعلى تركيبة السلطة السياسية.

وأوضحت المصادر لصحيفة "الرأي" الكويتية اثر اجتماع وزيري خارجية روسيا سيرجي لافروف والولايات المتحدة هيلاري كلينتون في دبلن الخميس الماضي، انه تمت متابعة اللقاء الوزاري المذكور بآخر على مستوى نواب وزراء الخارجية، فالتقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف نظيره الأميركي وليام بيرنز، أول من أمس، بحضور مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي.

وأوضحت المصادر أن الروس قدموا مطالعة اعتبروا فيها انه "بغض النظر عن الوضع العسكري على الأرض، فان الحسم متعذر في سورية، ولن يكون هناك غالب ولا مغلوب".

ويعتقد الروس انه من اجل "أن تتمكن المعارضة السنية من حسم المعركة في وجه الأسد، سيكون عليها التخلص من أكثر من مليوني سوري علوي، وقرابة مليوني سوري من الأقليات"، وهذا، حسب رأي الروس، غير ممكن، ما يفرض تعادلا في النتيجة على الأرض ويحتم التوصل إلى حل سياسي يرضي الجميع.

وتابعت المصادر أن "الروس أسهبوا في المقارنة بين اتفاق الطائف في لبنان وبين الحل المرتجى في سوريا"، وإنهم اعتبروا "أن لا حل ممكن في سوريا من دون الحفاظ على حقوق الأقليات ودورها وتمثيلها السياسي".

ورأت روسيا انه "من المبكر الحديث في التفاصيل التي يجب أن يتوصل السوريون في ما بينهم إلى اتفاق حولها، لكن ما يمكن فعله الآن هو ان تقوم الدول الداعمة للثوار السوريين بإقناعهم بوقف إطلاق النار، والمشاركة في محادثات سلمية مع الحكومة السورية للتوصل إلى صيغة سياسية جديدة تضمن حقوق الأقليات، ويكون ممكنا البدء بالعمل على تنفيذها في العامين المقبلين".

وشدد الروس على انه "يمكن للمعارضين والحكومة التوصل إلى اتفاق حول صيغة الحكم المقبلة، ويبدأ العمل بموجبها مع نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد في العام 2014".

وعلى نسق "الطائف اللبناني"، رأى الروس انه ممكن بقاء الأسد أو من يسميه رئيسا لسوريا، إلى جانب رئيس حكومة سني تختاره المعارضة وربما رئيس برلمان كردي، "ويكون القرار بيد مجلس الوزراء السوري مجتمعا، الذي يمثله بدوره كل الطوائف".

إلا أن "القرار الأخير في التفاصيل يبقى بيد السوريين"، كما ينقل المسئولون الأميركيون عن نظرائهم الروس.

بدورهم، رد الأمريكيون أنهم مع "الحوار بين السوريين، والحل السياسي، وكل ما يقرره الشعب السوري".

وأضافوا أن "الهدنة التي يطالب بها الروس يبدأ تنفيذها بسحب الأسد لدباباته من المدن ووقف غارته الجوية واستخدام المروحيات والمدفعية".

وأكد الأمريكيون للروس انه "من غير المعقول الطلب إلى مجموعة سوريين يدافعون عن أنفسهم بإلقاء السلاح قبل أن تتوقف القوات الحكومية عن مطاردتهم وقتلهم ودك منازلهم وإحيائهم وقراهم".

واتهم الأمريكيون الأسد بعدم التزامه خطة النقاط الست، وانه أن "كان يريد الهدنة، فعليه أولا أمر قواته بالتوقف عن قتل السوريين".

ويقول المسؤولون الامريكيون انهم شددوا انه بغض النظر عن الصيغة السياسية المقبلة للحكم في سوريا، "لا يمكن للأسد او اي ممن يعملون بأمرته وممن ارتكبوا جرائم بحق السوريين ان يكونوا جزءا من الحل".

وتابعوا ان "المجموعات الدولية، والمعارضة السورية، واطراف اخرى عمدت على توثيق الجرائم التي تم ارتكابها بحق سوريين، وان المسؤولين عن هذه المجازر ستتم احالتهم الى محاكم سورية مستقلة، وان تعذر ذلك، تقوم المؤسسات الدولية بمحاكمتهم على جرائمهم".

هذا وكشفت "الراي" نقلا عن مصادر اوروبية دبلوماسية في واشنطن ان "الامريكيين قالوا للروس انهم لا يمانعون ان يكون عناصر من النظام جزءا من الحل، وهو ما اعتبره الروس نافذة اختراق، وربما يعتقد الروس انه يمكن للأسد اختيار هذه العناصر للمشاركة في حوار المرحلة الانتقالية".

ويقول الاروبيون ان هذا الاتفاق الضيق هو "الذي جعل الأخضر الابراهيمي والامم المتحدة يخرجان على الملأ بتفاؤل، لكن من الصعب رؤية كيفية التوصل الى اتفاق من هذا النوع عند الخوض بالتفاصيل".

ويضيف الاروبيون ان "المشكلة التي تبدو انها عالقة هو مصير الاسد فقط، والروس يعتقدون انه يمكن ايجاد مخرج مشرف له وابقاءه بصفته زعيما للاقلية العلوية التي يفترض ان يكون لها حصة في الحل، فيما يعتقد الاميركيون انه ممكن استبدال الاسد بعناصر علوية من نظامه ممن لم تتلطخ ايديهم بالدماء، وبذلك ترضى روسيا، وتبدأ العملية الانتقالية من دون بشار".

وعلق الدبلوماسيون الاوروبيون على مجريات المحادثات الروسية-الاميركية في شأن سوريا بالقول ان "بعض الحسابات الروسية خاطئة"، وانها "مبنية على اعتبار انه يتعذر الحسم العسكري بسبب وقوف مليوني علوي خلف الاسد، ولكن اي استعراض لاحداث الاشهر الثمانية عشر الاخيرة يظهر ان الاسد في تراجع مستمر".

ويختم هؤلاء انه "لو لم يكن الاسد في وضع حرج، لما بادر الروس الى طلب الحوار مع الاميركيين للتوصل الى مخرج هو بمثابة وعد منهم ومن الاسد بقبوله مشاركة السلطة مع الاطراف السورية الاخرى... ولكن الاقتراح الروسي يبدو انه جاء متأخرا بعض الشيء".