الغنوشي : السلفيون خطر على تونس
أعلن رئيس حزب النهضة الاسلامي راشد الغنوشي في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن السلفيين الجهاديين يشكلون "خطرًا" على تونس وأنه يجب على الدولة التونسية أن تعتمد الحزم بعد الهجوم على السفارة الأمريكية.
وقال: "في كل مرة تتجاوز فيها أحزاب أو مجموعات بطريقة واضحة الحرية، يجب اعتماد الحزم والإصرار على فرض النظام".
وأضاف الغنوشي "هؤلاء الناس يشكلون خطرًا ليس فقط على النهضة وإنما على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها، ولذلك نواجه جميعنا هذه المجموعات لكن بطرق تحترم القانون".
ومن جانب آخر، رفض الغنوشي الاتهامات الموجهة إلى الحكومة التونسية بالتراخي لأنها لم تعتقل قائدًا جهاديًا يدعى أبو عياض يشتبه في أنه يقف وراء الهجوم في 14 سبتمبر على سفارة الولايات المتحدة ومدرسة أمريكية.
وخطب سيف الله بن حسين المكنى أبو عياض، قائد مجموعة "أنصار الشريعة" في تونس بعد ظهر الإثنين في مسجد الفتح بقلب العاصمة محاطاً بأنصاره وغادر إثر ذلك المكان رغم حضور قوات الأمن بكثافة مع بداية خطبته.
ودعا الغنوشي إلى "تشديد القبضة" الأمنية و"التصدي بالوسائل القانونية" لمجموعات محسوبة على التيار السلفي الجهادي هاجمت الجمعة الفائت مقر السفارة الأمريكية في العاصمة احتجاجاً على عرض فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة.
وقتل أربعة محتجين وأصيب 49 بجروح و91 شرطياً خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتشدّدين دينيين هاجموا مقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية.
وقال الغنوشي إن "هؤلاء لا يمثلون خطرًا على النهضة فقط بل على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها لذلك ينبغي للجميع التصدي لهم بالوسائل القانونية وتشديد القبضة والإلحاح على النظام لأنه وقع إخلاله ووقع استخدام سيء للحرية من طرف مجموعات لا تؤمن بالحرية".
وأضاف "لما تجاوزوا القانون الجمعة الماضي وأرادوا أن يهدّدوا صورة تونس ومصالحها وقوانينها تصدّت لهم الدولة وقتلت واعتقلت منهم".
وأكد أن "تونس تعيش مرحلة من مراحل الانتقال الديموقراطي الذي هو ليس مسارًا صاعدًا باستمرار يصعد أحيانًا وينزل أحيانًا والمهم كيف نوفق بين ضرورات الحرية وضرورات النظام"، معتبرًا أنه "يوم الجمعة (الفائت) تم تجاوز ضرورات الحرية".
وتوقع أن "يستفيد حراس الثورة (التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي) من هذا الحدث (مهاجمة السفارة الأمريكية) من أجل سد هذه الثغرة التي تسرّب منها هؤلاء وأخذ الدروس المناسبة".
واستبعد تكرّر أحداث مشابهة في تونس لتلك التي وقعت الجمعة الماضي.
وقال إن "البوليس أخد الدرس مما حدث ولا أعتقد أن ما حدث سيتكرر".
وتابع "أن نعتقل منهم بالجملة بتهمة الانتماء (إلى التيار السلفي الجهادي) فذلك غير قانوني.
هؤلاء ليسوا فوق القانون والقانون يسري عليهم كما يسري على غيرهم.
لسنا في حرب مع أفكار أو تنظيمات نحن في حرب مع من يتجاوز القانون سواء كان إسلامياً أو علمانياً".
وأكد الغنوشي أن "حركة النهضة لن تحاكم الناس على أفكارهم بل على أفعالهم، ولذلك لما تجاوزوا القانون في بئر علي بن خليفة، لم تقف الحكومة مكتوفة الأيدي فضربت وقتلت منهم اثنين واعتقلت آخرين ما زالوا إلى الآن معتقلين".
ويشير الغنوشي بذلك إلى مقتل شابين تونسيين من أصل ثلاثة تبادلوا إطلاق النار مع وحدات من الجيش والشرطة في الأول والصاني من فبراير قرب بلدة "بئر علي بن خليفة" من ولاية صفاقس (وسط شرق).
وجرح شرطي وثلاثة جنود في المواجهات التي أعلنت وزارة الداخلية بعدها أن المسلحين الثلاثة ينتمون إلى مجموعة سلفية جهادية لها ارتباطات بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخططت لإقامة "إمارة إسلامية" في تونس.
وقالت الوزارة إنها اعتقلت 12 تونسياً من عناصر المجموعة وصادرت لديهم أسلحة وذخيرة.
وأوضحت الوزارة أن عناصر المجموعة الذين زج بهم الرئيس المخلوع بن علي في السجن بموجب قانون "مكافحة الإرهاب" تم الإفراج عنهم بموجب "عفو عام" بعد الإطاحة بنظام بن علي.
وقال راشد الغنوشي إن المجموعات السلفية المتورطة في مهاجمة السفارة الأمريكية "ليست منتوجاً نهضوياً (لحركة النهضة) بل منتوج بن علي، أعطتهم النهضة الحرية كما أعطتها لغيرهم وهؤلاء سواء في عهد حكومة النهضة أو الحكومات السابقة ارتكبوا تجاوزات للحرية".
وأشار إلى أن هذه المجموعات "استفادت من الثورة التي اطلقت سراحهم فاستفادوا من الحرية لكنهم تجاوزوا حدود القانون، ووجهوا ضربة مؤلمة للثورة وأعطوا رسالة تقول إن الثورة معناها فوضى وعنف واعتداء على الدبلوماسيين".
وحول ما اعتبره مراقبون "تراخياً" من الشرطة التونسية في اعتقال ابو عياض زعيم تيار السلفية الجهادية في تونس والمتهم بالضلوع في مهاجمة السفارة الأمريكية، قال الغنوشي إن "أسامة بن لادن ظل عدة سنوات طليقاً والمخابرات الدولية تبحث عنه.
ليس عجباً أن يختفي أحد (أبو عياض) والبوليس يلاحقه لكن سيظل يلاحقه حتى يقبض عليه".
وبشأن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الأربعاء الصحيفة الفرنسية الأسبوعية شارلي ايبدو، قال الغنوشي:
"لم ندع إلى النزول إلى الشارع (للاحتجاج) لكن عبّرنا عن سخطنا على الرسومات التي تنال من معتقدات المسلمين وتحض على الكراهية والحرب".
وأضاف "نحن دعونا المسلمين إلى ألا يقع استدراجهم إلى هذا الفخ وأن يدافعوا عن قرآنهم ونبيهم بالوسائل الإيجابية وأن يكتبوا روايات ويؤلفوا أغاني وينتجوا أفلاماً وأعمالاً فنية تظهر الحضارة الإسلامية في ثوب جميل بدل الصراخ وارتكاب أعمال عنيفة، فهذا لا يخدم الإسلام بل أعداء الإسلام".
ودعا راشد الغنوشي إلى "حوار في الأمم المتحدة لإيجاد حلّ للاعتداء على المقدسات والتوفيق بين حرية التعبير وحرية الآخرين في عدم المس من معتقداتهم"، متوقعاً أن "يفضي الحوار إلى سن قانون يضمن التوفيق بين حرية التعبير وحماية المقدسات".