العراق يتهم تنظيم "داعش" بارتكاب فظائع لليزيديين

العراق يتهم تنظيم "داعش" بارتكاب فظائع لليزيديين
الرابط المختصر

بينما عادت الطائرات الأمريكية لقصف المسلحين المتشددين في شمال العراق قال وزير حقوق الإنسان العراقي محمد شياع السوداني اليوم الأحد إن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بـ"داعش" قتلوا المئات من أفراد الأقلية اليزيدية ودفنوا بعضهم أحياء واتخذوا مئات من النساء سبايا لهم.

وأمر المتشددون السنة الذين يعتبرون اليزيديين عبدة للشيطان باعتناق الإسلام أو الموت. واتهم الوزير العراقي المتشددين بأنهم كانوا يحتفلون "بالمذابح الشنيعة" بالتهليل والتلويح بالأسلحة في الهواء. ولم يتسن الحصول على تأكيد من مصدر مستقل.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية اليوم إن طائرات بدون طيار ومقاتلات أمريكية ضربت شاحنات مسلحة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية ومواقع يتم فيها إطلاق قذائف المورتر بالقرب من أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

وهذا هو اليوم الثالث على التوالي الذي تشن فيه الولايات المتحدة ضربات جوية وقالت القيادة المركزية في بيان إن الضربات استهدفت حماية قوات البشمركة الكردية التي تتصدى للمتشددين الإسلاميين قرب أربيل موقع القنصلية الأمريكية ومركز العمليات العسكرية الأمريكية-العراقية المشتركة.

وأجبر تقدم المتشددين المسلحين عبر شمال العراق عشرات الالاف على الهرب وهدد أربيل ودفع الولايات المتحدة لشن أول ضربات جوية في المنطقة منذ سحبت واشنطن قواتها من العراق في عام 2011.

وأضاف السوداني في مقابلة عبر الهاتف أن الروايات بشأن أعمال القتل جاءت من أشخاص فروا من بلدة سنجار وهي موطن لليزيديين -الذين يتحدثون الكردية- منذ القدم وأدت معتقداتهم الدينية إلى أن انعزلوا عن المسلمين وغيرهم من أصحاب المعتقدات في العراق.

وقال السوداني "لدينا أدلة قاطعة حصلنا عليها من اليزيديين الناجين من الموت وكذلك صور لمواقع الجرائم تظهر بصورة لا تقبل الشك أن عصابات داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) قد أعدمت ما لا يقل عن 500 من اليزيديين بعد دخولها سنجار."

وأضاف السوداني "بعض الضحايا وبينهم نساء وأطفال دفنوا أحياء في مقابر جماعية متفرقة في منطقة سنجار وأطرافها."

وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس من أنه لا يوجد حل سريع للأزمة التي تهدد بتمزيق العراق.

ودعا رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني حلفاءه بإمداد الأكراد بالسلاح لدعمهم في مواجهة متشددي الدولة الاسلامية الذين لديهم قواعد وراء الحدود السورية.

وقال البرزاني في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "نحن لا نقاتل منظمة ارهابية .. نحن نقاتل دولة إرهابية."

وقال مسؤول كردي كبير آخر إن القوات الكردية المدعومة بضربات جوية أمريكية استعادت بلدتي الكوير ومخمور.

وفي تصريحات يرجح أن تشكل ضغطا على واشنطن كي تصعد تحركها في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية قال وزير حقوق الإنسان العراقي إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أخذ 300 امرأة يزيدية سبايا لهم وحبسوا عددا منهن في مركز للشرطة في سنجار ونقلوا أخريات إلى بلدة تلعفر. وأبدى مخاوف من أن يأخذوهن خارج البلاد.

وأضاف أنه في بعض اللقطات التي تم الحصول عليها تشاهد طوابير من اليزيديين المقتولين بإطلاق النار في الرأس بينما يهلل مقاتلو الدولة الإسلامية ويلوحون بأسلحتهم فوق الجثث. وقال "هذه مذابح شنيعة".

وانقضت عند ظهر اليوم المهلة التي أعطيت لنحو 300 أسرة من اليزيديين كي يعتنقوا الإسلام أو يقتلوا. ولم يتضح على الفور إذا كان هؤلاء من الضحايا الذين أشار إليهم الوزير.

وأسقطت طائرات عسكرية أمريكية مواد إغاثة لعشرات الآلاف من اليزيديين الذين تجمعوا على جبل سنجار بحثا عن ملاذ من المتشددين المسلحين.

وفي الفاتيكان أقام البابا صلاة صامتة على أرواح ضحايا الصراع في العراق خلال خطابه الأسبوعي في روما اليوم الأحد.

وقال البابا "آلاف الأشخاص ومن بينهم الكثير من المسيحيين طردوا من منازلهم بطريقة وحشية. اطفال يموتون من العطش والجوع اثناء الهرب. نساء تختطف أشخاص يقتلون. عنف من كل نوع. دمار في كل مكان...كل هذا يغضب الله بشدة ويسيء للبشرية بشدة."

* انتقاد المالكي

وقال أوباما إن الأمر سيتطلب أكثر من القنابل لاستعادة الاستقرار في العراق وانتقد حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها الشيعة لعدم تمكين السنة من المشاركة في السلطة.

وانضمت فرنسا إلى الدعوات التي تطالب قادة العراق المتناحرين بتشكيل حكومة لا تقصى أحدا حتى تتمكن من التصدي للمتشددين. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مؤتمر صحفي مع نظيره العراقي في بغداد "العراق بحاجة إلى حكومة وحدة واسعة ويجب أن يشعر جميع العراقيين أنهم ممثلون في هذه الحكومة.. كي يشاركوا في تلك المعركة ضد الارهاب."

ويقول منتقدو المالكي إن سياساته الطائفية دفعت العشائر السنية المدججة بالسلاح للانضمام للمتشددين. لكن المالكي الذي يقود حكومة تسيير أعمال منذ الانتخابات التي جرت في أبريل نيسان رفض دعوات السنة والأكراد وحتى الشيعة وإيران للتنحي لفتح الطريق أمام شخصية توحد الكتل السياسية في البلاد.

وتأتي الضغوط من جانب فرنسا بعد يوم من وصف أوباما للاضطرابات في شمال العراق بأنها "جرس إنذار" لتنبيه العراقيين الذين انزلقوا مرة أخرى إلى هاوية العنف الطائفي الذي بلغ ذروته عامي 2006 و 2007.

ولم تلق الدولة الإسلامية مقاومة تذكر. وهرب آلاف من الجنود الذين دربتهم الولايات المتحدة عندما اجتاح مقاتلو التنظيم الذين يتألفون من عرب وأجانب المنطقة. وأدت الهزيمة الساحقة للجيش إلى تدخل الأكراد والميليشيات الشيعية لكنهما حققا نجاحا محدودا.

وخلال تقدمه الأخير الأسبوع الماضي ألحق التنظيم هزيمة بالأكراد بفضل الدبابات والمدفعية وقذائف المورتر والمركبات التي استولوا عليها من الجنود الهاربين مما هز سمعة الأكراد كمقاتلين مرهوبي الجانب "لا يهابون الموت".

وأيد أوجاست هانينج الرئيس السابق للمخابرات الألمانية مطالبة الأكراد بالسلاح وقال لصحيفة بيلد أم زونتاج إن "ميزان التسليح ليس في مصلحة الأكراد وهم في وضع يائس."

وقد تكون لمقاتلي الميليشيات الشيعية فرصة أفضل من الأكراد لكنهم متهمون بخطف وقتل السنة مما يصب في مصلحة الدولة الإسلامية التي تسيطر أيضا على جزء كبير من غرب العراق.

وبعد أن دحروا القوات الكردية في وقت سابق الأسبوع الماضي أصبح مسلحو الدولة الإسلامية على بعد 30 دقيقة بالسيارة من أربيل عاصمة إقليم كردستان الذي تفادى الصراع الطائفي في العراق على مدى عشرة أعوام.

ودفع احتمال الهجوم على أربيل العاملين الأجانب في شركات النفط لمغادرة المدينة في حين سارع الأكراد لشراء بنادق الكلاشنيكوف للدفاع عن أنفسهم.

وخلال تقدمهم الأخير في شمال العراق هزم التنظيم القوات الكردية واستولى على خامس حقل للنفط وعدة بلدات وأكبر سد في العراق الأمر الذي قد يمكنه من إغراق مدن بالمياه أو قطع المياه والكهرباء عنها.

وبعد أن أنفقت أكثر من تريليوني دولار على حربها في العراق وخسارة آلاف الجنود يتعين على الولايات المتحدة الآن أن تجد سبلا للتصدي للتنظيم الأكثر تشددا حتى من القاعدة والذي هدد بالزحف على بغداد.