هل هناك آفاق المستقبلية لدور الشباب في القضايا العامة

الرابط المختصر

يُمثل الشباب ثروة حقيقية يجب الاستفادة منها لتحقيق الاستقرار السياسي والمجتمعي، وذلك من خلال تقديم رؤى جديدة وحلول متجددة للتحديات التي تواجه المجتمع ككل، وذلك باشراكهم في صناعة القرار وإعطائهم الفرص المناسبة لإبراز قدراتهم القيادية؛ ليتمكنوا من المساهمة بفعالية في تعزيز الديمقراطية وترسيخ ركائز التنمية الشاملة.

كما أن تحفيز طاقات الشباب وتوجيهها نحو المبادرات المجتمعية سيكون له انعكاس إيجابي على تماسك النسيج الاجتماعي، بما يضمن مشاركتهم الفاعلة في صنع مستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم.

قالت الباحثة الأردنية الدكتورة زهور الغرايبة إنه عندما يتم الأخذ باراء الشباب بشكل حقيقي وإدماجهم في القضايا العامة والسياسية لرأينا حلولا واقعية للمجتمع، فهم الأقدر على التفكير بشكل ابتكاري، والأكثر  تحملا للمسؤولية، مشيرةً إلى وجودهم في المواقع القيادية والمناصب العامة.

ولفتت أن الدولة تعتبر ديمقراطية حديثة ودولة مواطنة بمقدار وجود الشباب فيها ومشاركتهم في الشأن العام والشأن السياسي، إذ تعتبر فئة الشباب من الفئات التي ترفع المجتمع بمقدار الحداثة في مختلف المجالات المتنوعة.

ورأت الغرايبة أنه لا بد من وجود تشريعات عادلة تدعم مشاركة الشباب في الشأن العام، بل لا بد من وجود عقليات حديثة تؤمن بطاقات الشباب وقدراتهم في الشأن العام لأننا مقبلون على مرحلة تحديث سياسي شاملة، وجود الشباب فيها في الصفوف الأولى وترك المجال لهم ولطاقاتهم وإبداعهم.

ووصفت الشباب بأنهم ليسوا مجرد أرقام على هذه العقليات بل هم فئة قادرة على تقديم المجتمع وتأخيره، ومن خلالهم يحدث التغيير الإيجابي، فالشباب اليوم هم رافعة الدولة والمجتمع ككل، فقد حان الوقت لاعطائهم الفرصة الأكبر.

ومن جانبه، قالت المدير التنفيذي لجمعية عون نور الدويري إنه من الواجب أن نعي بأن المشاركة الفاعلة للشباب في المجتمع وآفاقه الواسعة أحد الركائز الأساسية لقيام دولة أكثر ازدهاراً ونماءً واتحاداً لتحقيق معالجات الإختلالات أو نقاط ضعف لا يراها الآخرون لأن الشباب يحملون طموحاً تحتاج لحاضنة تسمع همومهم؛ ولذلك فأن التحديات التي تلحق بالشباب من خلال مشاركتهم في الفضاء العام تؤثر على قدراتهم في الانخراط في القضايا المجتمعية مثل نقص التوعية والتثقيف السياسي، والعوائق الاقتصادية، والإقصاء الاجتماعي والسياسي، وأيضاً القيود الثقافية وغيرها.

وأوضحت بأن الشباب وعائلاتهم لا يزالون يخشون من القبضة الامنية والملاحقات القانونية لمجرد محاولة الشباب المشاركة في الحياة السياسية مما يثنيهم عن الانخراط في النشاطات المجتمعية رغم ان القانون الجديد للأحزاب عالج هذا الخوف بشكل قطعي.

وأشارت الدويري أنه لابد من التركيز على تعزيز أدوات تعليمية تفاعلية ورفع الوعي السياسي والقانوني والإعلامي المتوازن والدفع نحو خلق وإيجاد فرص اقتصادية مستدامة ودعم الريادة والابتكار  وتعزيز السياسات الشاملة التي تضمن مشاركة الشباب، ووجوب تقديم الدعم والموارد اللازمة للمبادرات والمشاريع والأفكار الشبابية.

وأضافت أن تمكين الشباب في الحوكمة السياسية يساهم في تطوير المجتمع من خلال التوعية والتعليم في المناهج الدراسية والنشاطات اللامنهجية التي تركز على مبادئ الحوكمة والديمقراطية وتساهم بانخراط الشباب في الانشطة السياسية بشكل فعال وتعزز قدراتهم بشكل أكثر كفاءة ولا يجب ان نتجاوز الدور الكبير الذي تقوم به الدولة اليوم في تذليل الصعاب أمام الشباب لضمان تنشئة جيل واعي قادر على قيادة المستقبل وتحدياته ويحقق التنمية المستدامة.

"تعد المشاركة السياسية والمجتمعية من الأمور الحيوية لبناء مجتمع متكامل وديمقراطي، ولنتمكن من تشجيع الشباب على الانخراط في الحياة العامة والسياسية؛ يجب أن نقدم حوافز متنوعة تتماشى مع اهتماماتهم واحتياجاتهم مثل؛ التعليم والتوعية، والفرص التطوعية، والمنح المالي، وأيضاً رفع معنويات الشباب، وغيرها" ..   وفق الدويري

وفي ذات السياق، قال المحامي المهتم بالشأن العام سند أبو حسان إن ثُلاثيَّة "الهيكلية الحزبية" و "الوضع المعيشي والحالة الإقتصاديَّة العامَّة" و"إرث الأحكام العرفية والقبضة الأمنيَّة" عباراتٌ مفتاحيَّة ترسُم مؤشِّرات تَذبذُب ثقة الشباب في مضمار التَّحديث السِّياسي بِرُمَّته، إضافةً لمدى فاعليَّة اشتباكهم في الشأن السياسي العام من خلال الأُطر الحداثية العديدة وعلى رأسها الأحزاب السِّياسيَّة.

وأضاف يمكننا تصور تحدّي تفعيل مشاركة الشباب وانخراطهم في الفضاء العام بأنه يمرّ عبر زيادة تكتُّلهم ونشاطهم في الأحزاب السِّياسيَّة. ولكن إذا ما سلَّطنا الضوء على حيثيات المسألة سنرى أن هنالك تحدِّيات يواجهها الشباب داخل الأحزاب قد لا تقل صعوبة عن التحدِّيات العامة المصاحبة لتحدِّي الحالة المعيشية وإرث الأحكام العرفية بوصفهما مجموعة مراكز قوى تتفاوض للوطن.

وتساءل أبو حسان قائلاً:"هل يجد الشباب أن لديهم قدرة على التأثير وهل يكفيهم دائماً ما يُمنح لهم من دور لجهة إحداث أثر سياسي على صعيد الحزب قبل الدولة؟ فيتلمَّس الشباب في العديد من الأحزاب أثر الهرمية الصارمة وإنعكاساتها في إقصاء الأعضاء عمومًا والشباب خصوصًا عن دائرة صنع القرار بينما يكون الوصول أحيانًا بزخم الإرث العائلي للمنظِّر الحزبي الأول على صعيد الهيكلية.

وقال الناشط الشبابي عبادة الوردات منذ إن خلصت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بالعديد من مخرجات التحديث السياسي, كان هناك اهتمام كبير بتفعيل دور الشباب سياسياً حزبياً، وقد لاحظنا أن أعداد كبير من الشباب استطاعت اختراق الفضاء العام بل والذهاب الى ما مدى ابعد من ذلك بكونهم كانو قد تميزوا على الساحة السياسية والمدنية.

وأعتقد، أن الشباب اليوم يواجه تحديات اقتصادية أكثر مما هي سياسية، ويرى انه يقع على عاتق الحكومة أن تولي الاهتمام الأكبر في تمكين الشباب اقتصادياً.

واختتم الوردات لافتاً، بأن الأردن من أكثر الدول التي تعاني من ارتفاع في مستويات البطالة بين الشباب، ولا سيما أن الوعي السياسي لا يأتي فقط وحده دون غرس الوعي الثقافي، والوعي الثقافي يستلزم وضع اقتصادي جيد يمنح الشباب مظلة كبيرة للتفكير العقلاني بعيداً عن الاجترار وراء أمور يحققون بها مآرب شخصية بسبب الصعوبات التي تواجههم.