تقع مزرعة "زهرة الريحان" في قرية السرحان بمنطقة المفرق، وتعد نموذجًا متميزًا للزراعة المستدامة التي تسعى لتحسين جودة الإنتاج الزراعي وتقديم الحلول للعديد من التحديات التي تواجه الزراعة في الأردن، خاصة في المناطق الريفية. تأسست هذه المزرعة بهدف توفير الخضروات الطازجة ذات الجودة العالية، وتعتبر واحدة من المساهمين الرئيسيين في تعزيز الاقتصاد المحلي وفتح آفاق جديدة أمام الشباب في المنطقة.

التحديات التي تواجه الزراعة في المفرق

من خلال العمل في هذه المنطقة النائية، تواجه مزرعة زهرة الريحان العديد من التحديات، أبرزها القضايا اللوجستية المتعلقة بنقل المنتجات الطازجة إلى الأسواق الكبرى في المدن. حيث تعاني المناطق الريفية مثل المفرق من بنية تحتية ضعيفة، خاصة فيما يتعلق بطرق النقل والتوزيع، مما يجعل الوصول إلى الأسواق المحلية والدولية أمرًا معقدًا. وقد أظهرت الدراسات أن حوالي 40% من المزارعين في المناطق الريفية يعانون من مشكلات النقل، ما يؤثر على قدرتهم على توسيع نطاق أعمالهم وتحقيق الأرباح.

إلا أن صاحبة المزرعة، آلاء كامل، التي تعد من بين الشباب الذين قرروا مواجهة هذه التحديات، أكدت أن الحلول اللوجستية والتحسين المستمر في شبكات التوزيع هي مفاتيح النجاح في ظل الظروف الصعبة. وتعمل مزرعة زهرة الريحان على تحسين عمليات النقل بشكل مستمر لضمان وصول منتجاتها إلى السوق في الوقت المحدد.

الزراعة المستدامة خطوة نحو التغيير

تسعى مزرعة زهرة الريحان إلى تبني أساليب الزراعة المستدامة، وهو ما يجعلها تركز على استخدام تقنيات الزراعة العضوية التي تحافظ على البيئة وتحد من استخدام المبيدات الكيميائية. آلاء كامل، صاحبة المزرعة، تحدثت عن أهمية الزراعة المستدامة في تصريح خاص لصوت شبابي قائلة: "الزراعة العضوية ليست مجرد وسيلة لتحسين جودة المحاصيل، بل هي مسؤولية بيئية وواجب نؤديه للمجتمع المحلي. نحن نعمل على توعية المزارعين المحليين بأهمية الزراعة الصديقة للبيئة، التي تؤدي إلى استدامة الموارد."

يهدف هذا التوجه إلى توعية المزارعين المحليين حول كيفية تنفيذ ممارسات زراعية تحافظ على البيئة وتساهم في استدامة الموارد الطبيعية. كما تسعى المزرعة إلى تعزيز مفهوم الزراعة العضوية في منطقة المفرق، حيث يرتفع الطلب على المنتجات الزراعية الصحية في السوق المحلي.

المساهمة في توفير فرص عمل للشباب

تعتبر مزرعة زهرة الريحان من المشاريع التي تساهم في تمكين الشباب الأردني في المناطق الريفية، خاصة في المفرق، التي تعاني من نسب بطالة مرتفعة بين الشباب. وفقًا للإحصاءات، تصل نسبة البطالة بين الشباب في المناطق الريفية إلى حوالي 25%، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لهذه المناطق.

آلاء كامل، بالتعاون مع فريقها، يسعى إلى توفير فرص عمل لشباب المنطقة من خلال تدريبهم على الزراعة المستدامة والمهارات المتعلقة بها. وتقدم المزرعة أيضًا استشارات زراعية تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وتحسين القدرة الإنتاجية للمزارعين المحليين، وهو ما يساعدهم على زيادة دخلهم وتحسين مستويات حياتهم.

دور الزراعة المستدامة في تعزيز الاقتصاد المحلي

تعمل مزرعة زهرة الريحان أيضًا على رفع الوعي البيئي بين المزارعين المحليين، حيث تسهم في تعزيز الاعتماد على الزراعة العضوية. كما تلعب المزرعة دورًا هامًا في تحسين دخل المزارعين من خلال توفير أسواق مستدامة لمنتجاتهم العضوية.

إلى جانب توفير الخضروات الطازجة، تقدم المزرعة ورش عمل وبرامج تدريبية تهدف إلى تعليم المزارعين كيفية تطبيق الأساليب المستدامة في الزراعة، وهو ما يعزز من قدرة المجتمع المحلي على الاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل مستدام. كما تساهم هذه المبادرات في تحسين اقتصاد المنطقة من خلال تمكين الشباب وتوفير فرص عمل جديدة.

مواجهة التحديات الاقتصادية

إضافة إلى التحديات اللوجستية، تواجه المزرعة تحديات اقتصادية تتعلق بتكلفة الإنتاج وتنافسية الأسعار في السوق. ولكن آلاء كامل أكدت أن مزرعة زهرة الريحان تواصل العمل على تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف، من خلال تطبيق أساليب الزراعة الحديثة التي تساعد على زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد.

"رغم التحديات التي نواجهها، فإن إيماننا بما نقدمه من منتجات زراعية عالية الجودة يشجعنا على الاستمرار والعمل على تخطي جميع العقبات. نؤمن أن الزراعة المستدامة هي الحل لمستقبل أفضل للمنطقة ولأجيالنا القادمة"، تقول آلاء كامل.

 مستقبل واعد للزراعة المستدامة في المفرق

مزرعة زهرة الريحان تقدم نموذجًا ملهمًا للزراعة المستدامة في المفرق، كما تمثل ركيزة أساسية في تعزيز الاقتصاد المحلي وتمكين الشباب في المناطق الريفية. ورغم التحديات اللوجستية والاقتصادية، تواصل المزرعة تقديم منتجات عالية الجودة، وتساهم في تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. إن الدعم المستمر من الحكومة والمجتمع الدولي للمبادرات الزراعية المستدامة في المفرق من شأنه أن يضمن استمرارية هذه المشاريع وتوسيع نطاقها في المستقبل، مما يعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي ويمهد الطريق لمستقبل أفضل.