نادي الإبداع في محافظة الكرك: محطة شبابية لصقل المواهب

الرابط المختصر

"بدأ النادي بحلم، ثم فكرة، ثم التطبيق المتواضع للمبادرة ، البداية كانت  في بناء مستأجر من غرفتين وميزانية صفر، لكن بإرادة وعزيمة اليوم النادي يملك بناءً مكونًا من أربع طبقات ومختبرات وقاعات تدريب حديثة" هكذا يصف المهندس حسام الطراوة بداية مركز نادي الإبداع في محافظة الكرك، ويضيف "كان الهدف من البداية هو توفير مساحة آمنة وداعمة للشباب في الكرك، تساعدهم على اكتشاف طاقاتهم الكامنة وتطويرها من خلال التعليم والتدريب المجاني".

من فكره بسيطة إلى منارة للشباب

لم يكن الطريق إلى النجاح سهلاً، بل كان مليئًا بالتحديات والصعوبات، تمكن النادي من تجاوزها ليصبح اليوم منارة للشباب في الكرك، يقول حسام الطراونة ل"صوت شبابي": "النادي اليوم  مجتمع حيّ ونابض بالحياة يتيح للشباب فرصة للتعلم والنمو في بيئة داعمة ومحفزة، لقد نفذنا مئات الدورات التدريبية المجانية وخلقنا فرصًا لا تعد ولا تحصى للشباب للمشاركة في هذه الدورات، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير".

تقول  وسن البيايضة، إحدى الأعضاء النشطين في النادي"النادي قدم لي الكثير، لقد بدأت فيه وأنا مهتمة بالمبادرات الشبابية، وعملت النادي الإعلامي وقدمت تدريبات في الإعلام، من خلال هذه التجربة، استطعنا تنفيذ 32 مبادرة على مستوى الكرك، وتضيف ل"صوت شبابي":  يصل الشباب  إلى المركز بهدف التسلية ليكتشف بعد مدة قصيرة موهبته الكبيرة ونساعدهم للوصول  إلى الطريق الصحيح واكتشاف  شغفه الحقيقي"، مبينة " النادي لا يقدم فقط التدريبات، بل هو أيضًا منصة للشباب لعرض مواهبهم وتطويرها، نحن نركز على التفكير النقدي والإبداعي، لدينا العديد من الأنشطة التي تشمل مجالات الإعلام، البرمجة، الرياضة، والمبادرات البيئية ومن الثقافة والفنون بجميع أشكالها، إلى التدريبات في الموسيقى، الرسم، المسرح، ومن أبرز الأنشطة التي ننظمها ورش العمل التقنية، المعسكرات التدريبية، والمبادرات المجتمعية، التي تهدف إلى تعزيز دور الشباب في المجتمع."



يصف  محمد الذي شارك ببعض الورشات في نادي الإبداع الكرك  تجربته القصيرة " كانت بلا شك مثمرة، ما لفت انتباهي بشكل خاص هو التنوع الهائل في النشاطات التي يقدمها النادي، فهو لا يقتصر فقط على توفير دورات تدريبية في مجالات مختلفة- بل يضعك على الطريق الصحيح لاكتشاف موهبتك الخاصة، ويضيف لـ "صوت شبابي" لمسنا عن قرب سعي  النادي إلى صقل تلك المواهب وتنميتها بشكل محترف، وهو ما جعلني أشعر بأنني في المكان المناسب لتنمية قدراتي".

الأنشطة والمجالات: تعليم متنوع وشامل

يقدم نادي الإبداع-الكرك مجموعة واسعة من الأنشطة المجانية التي تلبي اهتمامات الشباب المختلفة، لتطوير ثلاث قطاعات رئيسية هي: العلوم والتكنولوجيا، الفنون بكافة أشكالها من رسم وموسيقى ومسرح وصناعة الأفلام والتصوير، وريادة الأعمال، عبر مختبرات متقدمة تلبي احتياجات الشباب، مثل مختبر التصنيع الرقمي، مختبر صناعة الألعاب الإلكترونية، مختبرات الحاسوب، ومختبر الروبوتكس والإلكترونيات، مختبر 'فاب لاب' للتصنيع الرقمي المجهز بالطابعات ثلاثية الأبعاد، وهو مفتوح دائمًا للشباب، هذا المختبر يساعد الشباب على الابتكار وتطوير مشاريعهم الخاصة باستخدام التكنولوجيا الحديثة.


تساهم الورشات المتنوعة التي يقدمها النادي في مختلف الحقول بشكل كبير في تعزيز إدراك الشباب وتوسيع آفاقهم، كما حصل مع خالد بعد تجربة عدة ورشات في نادي الإبداع، الذي يقول "اكتشفت شغفي العميق بالمسرح والفنون بشكل عام، هذا الاكتشاف لم يكن ليتحقق لولا الفرص التي أتاحها لي النادي، كما أن هذه التجربة ساعدتني كثيراً في رسم أهدافي المستقبلية بصورة احترافية وعززت من المهارات التي سأحتاجها في سوق العمل."
 

حقق نادي الإبداع-الكرك إنجازات كبيرة على مدار السنوات الماضية، مما جعله نموذجًا يُحتذى به على مستوى الأردن والمنطقة، منذ تأسيس النادي في عام 2010،  ساهم بتعليم وتدريب  أكثر من 35 ألف متدرب مجانًا، ومئات المشاركات في منتديات، مؤتمرات، ومسابقات عالمية، وحاز على  جوائز وتقديرات محلية وعربية وعالمية،  منها جائزة 'مبادرون نحو ثقافة إيجابية' من وزارة الثقافة الأردنية، وجائزة وزمالة منظمة أشوكا العالمية من واشنطن، التي تُعد أرفع جائزة عالمية في الريادة الاجتماعية، والوسام العربي الذهبي للإبداع من المؤتمر العربي للإبداع في بيروت، بالإضافة إلى تكريم من المجلس العربي للإبداع والابتكار في القاهرة، ما يعكس مدى تأثير النادي على الشباب في الكرك وخارجها.

التحديات والصعوبات: صراع من أجل الاستمرارية

رغم النجاحات التي حققها النادي، إلا أنه يواجه العديد من التحديات، خاصة فيما يتعلق بالتمويل واستمرارية العمل، تقول وسن ل"صوت شبابي "اخاصًة مع قلة الدعم الحكومي وضعف مساهمة القطاع الخاص، نحن نعمل ليل نهار للحصول على التمويل اللازم للاستمرار وتقديم خدماتنا للشباب، ورغم هذه التحديات، بالإضافة قلة الموارد اللوجستية من مسارح ومدربين وغيرهم، أحيانًا البنية التحتية وقلة الموارد اللوجستية تُشكّل عائقّا كبيرًا، إذ لربما يكون هناك مسرح واحد في الكرك مجهز بشكل كامل وحتى على مستوى الموارد البشرية المتمثلة في المدربين وغيرهم، مما يدفع الشباب إلى مغادرة الكرك للبحث عن الفرص المكتملة، بالإضافة إلى  نظرة المجتمع لهذه المراكز، مؤكدة أنه " نستطيع التغلب على هذه الصعوبات والاستمرار في تقديم خدماتنا للشباب وسد الثغرات والتقصير الحكومي في هذا الجانب".

مبادرات وزارة الشباب في الكرك

بحسب  بيانات وزارة الشباب، يوجد في المحافظة 11 مركزًا شبابا  مختصًا للذكور، و18 مركزًا للإناث، بالإضافة إلى مركزين مدمجين، وعبر هذه المواقع تسعى الوزارة  إلى توفير بيئة آمنة ومُحفِّزة للشباب، حيث يتم التركيز على تنمية مهاراتهم وإبداعهم، وتلعب هذه المراكز دورًا حيويًا في بناء قدرات الشباب وإعدادهم للمستقبل، كما تسعى الوزارة من خلال هذه المراكز إلى تعزيز القيم الوطنية والمجتمعية وتقديم الدعم اللازم للشباب ليكونوا عوامل إيجابية للتغيير والتنمية في مجتمعهم. بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الشباب .

الآمال والطموحات: رؤية لمستقبل مشرق

بالرغم من التحديات المستمرة، فإن نادي الإبداع-الكرك لا يزال يحمل رؤية لمستقبل مشرق يسعى لتحقيقه، يعبر الطراونة عن طموحه في توسيع نطاق خدمات النادي والوصول إلى عدد أكبر من الشباب في مختلف أنحاء الأردن، إذ تعتبر قصة نادي الإبداع-الكرك قصة تحدي وإرادة، تُظهر كيف يمكن لفكرة صغيرة أن تتحول إلى واقع ملموس يؤثر إيجابًا في حياة الكثيرين، يحمل النادي رسالة أمل إلى جميع الشباب في الأردن وخارجه، بأن لديهم القدرة على صنع مستقبلهم بأيديهم، مهما كانت الصعوبات"  كما يقول محمد  "في كل مرة كنت أدخل المركز، كنت أشعر بالطمأنينة حيال مستقبل الشباب هنا، الاهتمام والرعاية جعلاني أشعر بأننا في أيدٍ آمنة تهتم بنا وتحرص على تمكيننا، مما يزيد من إيماني بقدرتنا على تحقيق طموحاتنا."