معتصم الحسنات: يتحدى "حساسية القمح " بالأمل بالتغيير

الرابط المختصر

يعيش معتصم الحسنات ، الطالب في الصف الثامن ، واقعًا مختلفًا تمامًا , تملؤه تحديات جسيمة تتطلب شجاعة يومية في مواجهة مرض غير مرئي ولكنه حاضر في كل لحظة وهو حساسية القمح وهذه الحالة الصحية تتطلب منه تجنب جميع الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين ، ما يجعل حياته اليومية معقدة بشكل يصعب على كثيرين تخيله.

 

حساسية القمح أو السيلياك ليست مجرد انزعاج بسيط ، بل هي حالة صحية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة ويقول معتصم الذي يعيش في وادي موسى / محافظة معان ل" صوت شبابي: "عندما أتناول طعامًا يحتوي على القمح ، أشعر بصعوبة في التنفس وأحتاج إلى العلاج فورًا" ، بالنسبة له ما قد يبدو للبعض وجبة عادية يمثل خطرًا مباشرًا على حياته.

 علميا تعرف " حساسية القمح" على أنها اضطراب مناعي مزمن يصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة استهلاك الجلوتين ، وهو بروتين موجود في القمح والشعير والشوفان ، عند تناول الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين ، يحدث تفاعل مناعي يؤدي إلى تلف بطانة الأمعاء الدقيقة ، مما يؤثر سلبًا على قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية الضرورية ، ما يجعل هذا المرض صعبًا هو أنه يظل غير مُشخَّص لدى الكثيرين ، ويحتاج إلى متابعة دقيقة لمدى الالتزام بالنظام الغذائي الخالي من الجلوتين. 

 

أعراض حساسية القمح تتجاوز الانزعاج لتصل إلى تورم في أجزاء من الجسم وضيق حاد في التنفس ، مما يضع حياة معتصم على المحك ، كما تصف والدته الوضع: "حياتنا أصبحت معركة يومية لتأمين غذاء آمن له" ، وتضيف بنبرة يملؤها الإحباط: "الطعام الآمن نادر وغالي ، والمدارس لا تقدم خيارات تناسبه" ، في إشارة إلى الأعباء المالية التي تواجهها العائلة ، في المدرسة يواجه معتصم تحديات أخرى ، المقصف المدرسي مثل معظم المؤسسات التعليمية في الأردن  ، يفتقر إلى الخيارات الغذائية المناسبة لحالته يقول بحزن: "أشعر أحيانًا أنني مختلف ، فأصدقائي يأكلون ما يشاؤون ، بينما عليّ أن أكون حذرًا دائمًا" ، هذا الشعور بالعزلة يزيد من العبء النفسي عليه.

 

إن حياة الأطفال المصابين بحساسية القمح ، مثل معتصم، تتطلب بيئة داعمة في المدارس والمجتمع ومن الضروري أن توفر المؤسسات التعليمية وجبات خالية من الجلوتين ، وأن يتم تدريب العاملين فيها على كيفية التعامل مع الطلاب الذين يعانون من هذا النوع من الحساسية، بحسب سهير عبد القادر ، رئيسة جمعية أصدقاء مرضى حساسية القمح الخيرية .

وأضافت عبد القادر ل "صوت شبابي" أمن الضروري وضع علامة 'خالي من الجلوتين' على المنتجات لضمان استخدامها بأمان ، كما نواجه تحديات في توفر الأغذية الخالية من الجلوتين والمخبوزات في جميع محافظات المملكة ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار هذه الأغذية ، وخاصة المستوردة ،  كما أن التشخيص الدقيق من قبل الأطباء والاهتمام بالسيرة المرضية أمر بالغ الأهمية."

 

قصة معتصم ليست حالة فردية ، بل هي انعكاس لمحنة يعيشها العديد من الأطفال المصابين بحساسية القمح في مجتمع يفتقر إلى الوعي والدعم الكافي ، توفير الأطعمة الخالية من الجلوتين بأسعار معقولة ، وضمان توفرها في المدارس والمطاعم ، هو أكثر من مجرد مطلب صحي ؛ إنه حق أساسي لهؤلاء الأطفال ، وتشير دائرة الإحصاءات العامة الأردنية إلى أن أعداد المصابين بحساسية القمح في المملكة تتزايد ، وأن حوالي 1.5% الى %2 من اجمالي سكان الأردن يعانون من هذا المرض ، وهو ما يعزز ضرورة التوعية المجتمعية والتدخل المبكر لتفادي المضاعفات.

 

وفي هذا السياق، يوضح الدكتور غازي الطعامنة، رئيس فرع نقابة الأطباء الأردنيين في معان، أن حساسية القمح أو السيلياك هي اضطراب مناعي يتفاعل فيه الجسم بشكل سلبي مع الجلوتين الموجود في القمح ، ويضيف: "عند تناول الجلوتين ، يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الأمعاء الدقيقة ، مما يؤدي إلى تلف بطانة الأمعاء، وهو ما يتسبب في أعراض مثل آلام البطن، والانتفاخ، والإسهال، والإرهاق".

 

ويؤكد الدكتور الطعامنة أن: "العلاج الوحيد المتاح لهذا المرض هو اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين مدى الحياة ، ما يعني ضرورة توعية المجتمع وتوفير الأطعمة المناسبة بشكل أكبر" ويشير إلى أهمية رفع الوعي بالمرض لتقليل العبء على المصابين وأسرهم ، قائلاً: "المجتمع بحاجة لمزيد من التوعية لضمان توفير بيئة مناسبة للأطفال مثل معتصم ليعيشوا حياتهم بشكل طبيعي وآمن" .