مبادرات شبابية رقمية لجذب الأنظار للكرك

الرابط المختصر

في زوايا مدينة الكرك القديمة، حيث يتقاطع عبق التاريخ مع نبض الحياة اليومية، يجلس أحمد، شاب في العشرينيات من عمره، محاطاً بأدوات تصوير بسيطة وشاشة كمبيوتر. وسط التحديات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة في الكرك، اختار أحمد أن يتحدى الواقع ويحقق حلمه من خلال مبادرة "كرك تراث". هذا المشروع الطموح يثير تساؤلات حول قدرته على إحداث تغيير حقيقي في حياة الشباب في الكرك.

تواجه مدينة الكرك مشكلة البطالة المتزايدة، التي تبلغ نسبتها 18%  للعام الماضي مما دفع الشباب إلى البحث عن حلول إبداعية. أحمد، الذي تخرج من الجامعة قبل ثلاث سنوات دون العثور على وظيفة، يوضح التحديات التي واجهها: "بحثت عن عمل طويلاً، لكن دون جدوى. بدلاً من الاستسلام، قررت استثمار شغفي بالتراث المحلي وإطلاق مشروع يساهم في تعزيز السياحة في منطقتي."

بذلك، أطلق أحمد مبادرة "كرك تراث" التي تهدف إلى تعزيز السياحة المحلية من خلال تقديم جولات افتراضية للمواقع التاريخية في الكرك وعرض الحرف اليدوية التقليدية عبر الإنترنت. “يسعى هذا المشروع إلى جذب السياح وزيادة الوعي بالتراث الثقافي المحلي، مما قد يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي في المدينة بحسب ما قال أحمد لـ "صوت شبابي".

التحديات والنجاحات

التحديات الاقتصادية والإبداع

مدينة الكرك، كغيرها من المدن الأردنية، تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، حيث بلغت معدلات البطالة بين الشباب مستويات غير مسبوقة. أحمد، الذي تخرج من الجامعة قبل ثلاث سنوات، وجد نفسه وسط زحام الباحثين عن العمل في سوق مشبع. لكنه اختار طريقاً مختلفاً عن الاستسلام، فبدلاً من انتظار فرصة عمل قد لا تأتي، قرر أن يخلق فرصته الخاصة. يقول أحمد: "بعد عدة محاولات فاشلة للعثور على وظيفة، أدركت أن عليّ أن أكون المبادر. قررت استثمار شغفي بالتراث المحلي وإطلاق مشروع يساهم في تعزيز السياحة في منطقتي."

رغم الظروف الصعبة، تمكن أحمد من تجاوز التحديات بفضل الإبداع والإصرار. بدأت المبادرة بإمكانات بسيطة، ولكن التسويق الفعّال عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسهم في جذب انتباه العديد من السياح وزيادة الطلب على الحرف اليدوية، مما أتاح فرص عمل جديدة. يقول أحمد : "كان المشروع تحديًا حقيقيًا، لكنه أظهر أن لدينا القدرة على النجاح حتى في أصعب الظروف."

هكذا ولدت مبادرة "كرك تراث"، وهي مشروع يسعى لتقديم جولات افتراضية للمواقع التاريخية في الكرك وعرض الحرف اليدوية التقليدية عبر الإنترنت. هذه المبادرة ليست مجرد مشروع تجاري، بل هي محاولة لإحياء التراث المحلي وزيادة الوعي الثقافي بالمدينة. من خلال هذه الفكرة، يأمل أحمد أن يجذب السياح ويعزز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل جديدة لشباب المنطقة.

تبرز مبادرة "كرك تراث" إصرار الشباب الأردني على مواجهة التحديات الاقتصادية من خلال الابتكار والإبداع. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستتخذ الجهات المعنية خطوات جادة لدعم هذه المبادرات وتوفير بيئة مناسبة لنموها، أم سيظل الأمل معلقاً على الجهود الفردية؟

في تصريح لـ "صوت شبابي"، قال جمال الصرايرة، رئيس بلدية الكرك: "ندعم كل جهد يُبذل لتحسين الوضع الاقتصادي في المدينة. مبادرة أحمد تعكس الروح الإيجابية للشباب الأردني، ونأمل أن تشجع هذه المشاريع المزيد من الشباب على تبني أفكار جديدة."

من جانبها، أكدت فاطمة الخريسات، مديرة مركز التنمية الاجتماعية في الكرك، على ضرورة تقديم دعم أكبر للمشاريع الشبابية، وقالت ل "صوت شبابي". "مشاريع مثل "كرك تراث" تمثل خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد المحلي، لكن هناك حاجة لدعم أكبر من الجهات الرسمية لتوسيع هذه المبادرات."

ساطع الحمايدة مدير سياحة الكرك أشاد بهذه المبادرات الشبابية واصفا اياها بالمهمة وذلك لعدة أسباب كما يقول " منها التعريف بالمناطق الأثرية والسياحية والتراثية في محافظة الكرك بشكل عام والمدينة بشكل خاص وزيادة الوعي بالإرث الحضاري الإنساني والطبيعي والديني، كما أنها تساهم في احياء مدينة الكرك، أما بالنسبة لاهمية المسارات فأشار الحمايدة ل "صوت شبابي"  أنها تسهم في تنشيط الحركة السياحية والتعريف بالمواقع السياحية وتنمية المجتمعات المحلي".في مدينة الكرك القديمة، حيث تتداخل آثار الماضي مع نبض الحاضر، يقف أحمد، شاب في مقتبل العشرينات، يحمل في يده كاميرا بسيطة وينظر بعينين مليئتين بالأمل نحو شاشة الكمبيوتر أمامه. أحمد ليس مجرد شاب عادي من مدينة تعاني من ارتفاع معدلات البطالة؛ بل هو شاب اختار أن يتحدى الواقع ويحول شغفه إلى أداة للتغيير من خلال مبادرته "كرك تراث". السؤال المطروح هنا: هل يمكن لمبادرة واحدة أن تحدث فرقًا حقيقيًا في مجتمع يعاني من قيود اقتصادية خانقة؟

أضف تعليقك