في أقصى الجنوب الأردني، بين جبال معان الشامخة وصحرائها الهادرة، ينبعث نبض حي من الأرض، حاملاً معه إيقاعات تراث عريق تتحدى الزمن، هنا حيث تتشابك الأصالة مع الفخر، تخرج "فرقة معان للفلكلور الشعبي" لتعكس قوة الروابط بين الأجيال وتروي قصصًا من الماضي تحيا في حركات الشباب وأصواتهم ، هؤلاء الشباب هم الحراس الحقيقيون تراث أجدادهم ، وهم الجسر الذي ينقل هذا التراث للأجيال القادمة.
منذ تأسيس الفرقة عام 2016 ، كانت فرقة معان للفلكلور الشعبي بمثابة القلب النابض الذي ينقل حكايات التراث بين الأجيال ، تأسست على يد مجموعة من الشباب الذين أدركوا أن الحفاظ على تراث أجدادهم ليس مجرد مهمة ثقافية ، بل هو واجب وطني وشخصي "نحن الشباب نحمل هذه الفنون في قلوبنا ، ونريد أن ننقلها كما تعلمناها من آبائنا وأجدادنا ، لكن بأسلوب يعبر عن روح عصرنا"، يقول محمود أبو حيدر، رئيس الفرقة ، الذي يرى في الفلكلور الشعبي وسيلة للتواصل بين الأجيال.
يتعلم شباب الفرقة الفنون الشعبية من خلال تدريبات مكثفة ومتواصلة ، يتلقون فيها من كبار السن حركات الدبكة وألحان الأهازيج التقليدية التي تعود إلى أصول بعيدة ، في كل تدريب يكون هناك تبادل حي بين القديم والجديد ؛ حيث ينقل كبار السن خبرتهم وحكمتهم للشباب ، بينما يجلب الشباب حيوية العصر الحديث وأفكارهم المبدعة ، "كل خطوة نخطوها ، كل إيقاع نسمعه ، يحمل في داخله شيئًا من قصص أجدادنا" ، يقول أحمد أحد أعضاء الفرقة الشبان.
تعليم الفنون الشعبية للأجيال الصاعدة لا يقتصر على الجانب التقني فقط ، بل يشمل القيم والمبادئ التي تجسدها هذه الفنون يتعلم الشباب من كبارهم أن كل رقصة تمثل قصة ، وكل أغنية تحمل معنى أعمق من مجرد كلمات وألحان ؛ إنها تجسد الشجاعة ، الكرامة ، والحب العميق للأرض ، "نحن نتعلم من آبائنا ليس فقط الرقص ، بل كيف نحمل قيم المجتمع في كل حركة نقوم بها" ، يقول أحد أعضاء الفرقة ، مؤكداً على أهمية هذا التواصل بين الأجيال.
إن استمرار هذه الفنون الشعبية بين الأجيال يعزز الهوية والانتماء ، يشعر الشباب في معان بأنهم جزء من سلسلة طويلة من التراث ، وأن مسؤوليتهم تتمثل في تمرير هذا الإرث للأجيال القادمة ، من خلال عروضهم داخل الأردن وخارجه ، لا يقتصر دورهم على إحياء التراث ، بل يشكلون رمزًا للتواصل بين الماضي والحاضر ، مما يساعد في نقل هذا التراث إلى المستقبل ، وكما قال محمود أبو حيدر : "نحن لا نقدم فقط عروضًا، بل نعيش التراث ونعلم الآخرين كيف يعيشونه معنا."
مثّلت فرقة معان للفلكلور الشعبي مدينة معان في العديد من المحافل داخل الأردن ، وارتقت بتراثها لتكون سفيراً للأردن في المهرجانات العالمية خارج البلاد ، من خلال عروضهم داخل الأردن وخارجه ، لا يقتصر دورهم على إحياء التراث ، بل يشكلون رمزًا للتواصل بين الماضي والحاضر ، مما يساعد في نقل هذا التراث إلى المستقبل ، وكما قال محمود أبو حيدر: "نحن لا نقدم فقط عروضًا، بل نعيش التراث ونعلم الآخرين كيف يعيشونه معنا."
الفرقة ليست فقط مساحة لأداء الرقصات الشعبية ، بل هي مدرسة متكاملة تعلم الشباب كيف يحملون هذه الفنون ويضمن استمرارها ، من خلال التفاني والتدريب ، ومن خلال الفخر بأصولهم ، يساهمون في نقل التراث الشعبي بأسلوب يواكب العصر ، دون التخلي عن جذوره العميقة ، إنهم يدركون أنهم الجسر الذي يربط بين الماضي والمستقبل ، ويحملون في كل عرضٍ يقدمونه رسالة جيل يؤمن بأهمية استمرارية هذا التراث.
ما يجعل فرقة معان متميزة هو التزامها العميق بتعليم الشباب ليس فقط الرقصات ، بل روح الفلكلور نفسه ، هذا التركيز على نقل القيم والتقاليد يعزز من قدرتهم على التواصل مع جمهورهم الشاب ، مما يجعل الفنون الشعبية جزءًا حيويًا من حياتهم اليومية ، وفي النهاية تبقى فرقة معان للفلكلور الشعبي رمزًا حيًا لاستمرارية التراث بين الأجيال ، وصوتًا للشباب الذين يحملون شعلة الماضي ويضيئون بها درب المستقبل ، وكما يقول محمود أبو حيدر عن الجيل الجديد: " الجيل الجديد أثبت لنا أنه على قدر المسؤولية في الحفاظ على التراث الشعبي ، هؤلاء الشباب يمتلكون حماساً كبيراً وطاقة لا حدود لها ، وهذا ما نحتاجه لضمان استمرارية الفلكلور الشعبي بين الأجيال ، رغم التطورات السريعة التي يشهدها العالم ، إلا أنهم يدركون قيمة التراث وأهميته ، ما يميزهم هو قدرتهم على المزج بين الأصالة والحداثة فهم يحترمون ما تعلموه من أجدادهم ولكنهم أيضاً يضيفون لمساتهم الخاصة ، مما يجعل الفلكلور أكثر حيوية وقرباً من الشباب المعاصر ، بالنسبة لي أرى فيهم أمل المستقبل وضمانة استمرار هذا الإرث الثقافي."
يقول أحمد ياسين علوش وهو أحد أعضاء الفرقة : "الانضمام إلى فرقة معان للفلكلور الشعبي كان بمثابة فرصة ذهبية بالنسبة لي ، منذ الطفولة كنت أشاهد الفلكلور وأشعر بفخر كبير عندما أرى الحركات التقليدية والدبكات ، عندما علمت بإمكانية الانضمام ، لم أتردد لحظة ، هذه الفرقة تمثل أكثر من مجرد مجموعة للرقص؛ إنها مدرسة تراثية تعلمنا قيم الأجداد ، كل تدريب يعزز انتمائي لهويتي الأردنية ويزيد من فخري بأنني جزء من هذا الإرث."
وهكذا عبر عبدالرحمن وليد الشراري وهو أحد أعضاء الفرقة : "التحاقي بفرقة معان للفلكلور الشعبي كان تجربة غنية بالتعلم والمشاركة ، التسجيل في الفرقة منحني الفرصة لأكون جزءاً من شيء أكبر من مجرد تقديم عروض ؛ إنها رسالة نعيشها يومياً ، نحن لا نتعلم فقط الحركات والأغاني ، بل أيضاً كيف نحافظ على تاريخنا وثقافتنا ، أشجع كل شاب لديه الرغبة في التعرف على تراثه والانخراط في المجتمع على التسجيل في الفرقة ، إنها تجربة تملأ القلب بالفخر والمسؤولية "
وتحدث أحمد عبدالله أبو كركي وهو شاب من معان لم يسجل في الفرقة : " أكنّ الكثير من الاحترام لفرقة معان للفلكلور الشعبي وللعمل الذي يقومون به في الحفاظ على التراث ، أرى أن الفلكلور يمثل جزءاً مهماً من هويتنا الثقافية ، لكن حتى الآن لم أتخذ خطوة التسجيل في الفرقة ، ربما يعود ذلك لانشغالي أو لأنني أشعر أن المشاركة تتطلب مهارات خاصة قد لا أمتلكها في الوقت الحالي ، على الرغم من ذلك ، أتابع عروضهم بشغف وأشعر بالفخر كلما رأيتهم يقدمون التراث بأسلوب رائع "
بهذا النهج، يظل التراث الشعبي حيًا وقويًا، متجددًا بين أيدي الشباب الذين يدركون أهمية هذا الإرث ويحملونه بفخر ليقدموه للعالم بأسره. كل خطوة دبكة، كل إيقاع طبلة، هو تأكيد على أن هذا التراث سيستمر في الوجود من جيل إلى جيل، حاملاً معه روح معان وتاريخها العريق.