شباب في معان ضحايا للتداول الوهمي: بين وهم الثراء وخسائر محققة
في محافظة معان، حيث ترتفع معدلات البطالة وتتفاقم الأوضاع الاقتصادية، يجد العديد من الشباب أنفسهم في مواجهة مع منصات التداول الوهمية التي تعدهم بأرباح سريعة وتحقيق الثروة بسهولة، مع انتشار الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تغري بالثراء السريع ، يدخل الشباب في دوامة من المخاطر المالية غير المحسوبة.
محمد (23 عامًا)، شاب من معان كان واحدًا من هؤلاء الذين خاضوا التجربة، استثمر كل مدخراته في منصة تداول، لكنه اكتشف بعد فترة وجيزة أن كل أمواله قد تبخرت، وقال ل "صوت شبابي" "ظننت أن هذه فرصتي للهروب من البطالة ، لكن النتيجة كانت خسائر كبيرة"، يقول محمد بأسً.
خالد (25 عامًا) هو شاب آخر من معان وقع في نفس الفخ ، بعد أن شاهد إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ، واستمع لنصائح أصدقائه ، استثمر مبلغًا كبيرًا من المال الذي اقترضه من البنك ، بعد أسابيع قليلة ، اختفت المنصة بالكامل ولم يتمكن من استرجاع أمواله ، كما قال ل "صوت شبابي" : "كنت أعيش في وهم أنني سأصبح غنيًا بسرعة ، ولكنني الآن مديون ولا أعرف كيف أبدأ من جديد".
في مجتمع محافظ مثل معان، حيث للمكانة الاجتماعية تأثيرا كبيرًا، يسعى الشباب إلى تحسين أوضاعهم بأي وسيلة متاحة، التداول عبر الإنترنت يُعرض كطريق سريع لتحقيق الثروة، ولكن بدون الوعي المالي الكافي، يصبح هذا الطريق محفوفًا بالمخاطر ، يقول أحمد (28 عامًا)، الذي خسر أمواله في منصة وهمية :"الأمر لم يكن متعلقًا بالمال فقط، بل شعرت أنني فشلت أمام نفسي وعائلتي".
يوضح الخبير المالي ماجد أدلبي أن هناك العديد من العلامات التحذيرية التي يجب أن ينتبه لها الشباب عند التعامل مع منصات التداول عبر الإنترنت ، من بين هذه العلامات وعود بأرباح سريعة وضخمة ، عدم وجود شفافية في الشروط والسياسات المالية، وضغط متواصل لإيداع المزيد من الأموال، ينصح أدلبي بالتحقق دائمًا من تراخيص المنصات لدى هيئات رقابية رسمية مثل هيئة الأوراق المالية أو البنوك المركزية لضمان مصداقيتها.
ويضيف أدلبي ل "صوت شبابي" أن الظروف الاقتصادية الصعبة، مثل البطالة المرتفعة في معان ، تدفع العديد من الشباب إلى اللجوء إلى التداول كوسيلة للهروب من واقعهم المالي، لكنه يشدد على أن هذا السعي نحو الربح السريع غالبًا ما يكون محفوفًا بالمخاطر ، إذ يفتقر العديد من هؤلاء الشباب إلى المعرفة المالية اللازمة، مما يجعلهم عرضة للاحتيال والخسارة.
من أهم المخاطر المالية التي يواجهها الشباب عند التداول في هذه المنصات هو الاستخدام غير المدروس للرافعة المالية ، التي قد تضاعف من الخسائر بشكل كبير ، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق السريعة، وقلة الفهم حول آليات التداول، ينصح أدلبي الشباب بتجنب أي منصة تقدم عروضًا غير منطقية وتروج للربح السريع دون مخاطر ، مشيرًا إلى أن التوعية المالية ضرورة أساسية لتجنب هذه المخاطر.
ويشدد ماجد أدلبي على أهمية تعزيز الوعي المالي لدى الشباب كوسيلة لمكافحة انتشار هذه المنصات الوهمية ، يجب على المؤسسات الحكومية والخاصة تنظيم ورش عمل وبرامج توعوية تستهدف فئة الشباب ، لتعليمهم أساسيات الاستثمار وكيفية التمييز بين المنصات المرخصة وتلك المشبوهة ، كما يقترح إدراج التعليم المالي ضمن المناهج الدراسية لتمكين الشباب من اتخاذ قرارات مالية مستنيرة.
ويؤكد أدلبي أيضًا على ضرورة أن تقدم الحكومة والجهات المالية الرسمية بدائل استثمارية آمنة للشباب ، مثل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمكنهم من تحقيق دخل مستدام دون المخاطرة بأموالهم في منصات غير مضمونة.
من الناحية القانونية ، يوضح المحامي صخر الخصاونة أن التداول يجب أن يتم فقط من خلال الشركات الرسمية المعتمدة والمسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة ، والتي تخضع لرقابة البنك المركزي الأردني ، أما المنصات التي انتشرت مؤخرًا فهي في الغالب منصات وهمية ، يديرها أشخاص غير معترف بهم قانونيًا ، ويهدفون إلى الاحتيال على المستثمرين.
وأشار الخصاونة ل "صوت شبابي" إلى أن هؤلاء المحتالين قد يُعاقبون وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية، ولكن الصعوبة تكمن في أن معظم هذه المنصات تعمل خارج النطاق الجغرافي للأردن ، مما يجعل من الصعب تتبعهم وإلقاء القبض عليهم، ورغم أن القانون يسمح للضحايا بالمطالبة بالتعويض المالي والمعنوي في حال القبض على الجناة، إلا أن هذه العمليات غالبًا ما تكون معقدة بسبب وجود المنصات خارج الأردن.
وأضاف أن الحكومة لا يمكن تحميلها اللوم على هذه الحالات، لأنها خارج التنظيم القانوني الأردني ولا تملك سيطرة مباشرة على هذه المنصات، لذلك يجب على الأفراد التحلي بالحذر والتحقق من شرعية المنصات قبل وضع أموالهم فيها.
تظل قصص مثل محمد، خالد، وأحمد شاهدة على حجم الأزمة التي يواجهها الشباب في معان، إن توجيههم نحو استثمارات آمنة وتعزيز الوعي المالي والقانوني سيقلل من تعرضهم للاحتيال عبر المنصات الوهمية ، كما أن توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة يعد الحل الأمثل لمساعدة الشباب في تحسين أوضاعهم الاقتصادية دون الوقوع في فخ التداول الوهمي