شباب في المفرق يطلقون مبادرة لتعزيز الإستثمار في إدارة النفايات

الرابط المختصر

حقق الأردن تقدما كبيراً في تطوير السياسات والأطر التي تركز على الاستدامة. وقامت وزارة البيئة، التي تأسست قبل عقدين من الزمن بدور رائد في دمج الجوانب البيئية بعمليات التخطيط والتنمية الوطنية.

ولا شك أن تعزيز المشاركة المجتمعية في حل مشكلة إدارة النفايات أمر ضروري وملحّ لمواجهة آثار التغير المناخي والتخفيف من وطأته، والمساهمة تالياً في بناء مستقبل أكثر استدامة وسط عالم مناخي متغير.

وبحسب "تحالف المناخ والهواء النظيف" ccacoalition فإن ثلث النفايات العالمية لا تتم إدارتها بطريقة آمنة بيئياً. في البلدان الفقيرة ، وأكثر من 90 % من النفايات يتم إلقاؤها أو حرقها أو كليهما علانية ، مما يؤدي إلى آثار مدمرة على الصحة والبيئة.

وتشير إحصائيات شبه رسمية إلى أن الأردن يولّد أكثر من 3 ملايين طن من النفايات البلدية الصلبة سنوياً؛ ومن المتوقع أن يتضاعف الحجم خلال الـ 15 سنة القادمة، في حين يبلغ معدل إعادة التدوير 7٪ فقط.

ونظراً لعدم وجود إدارة منهجية للنفايات، غالباً ما يتم التخلص من النفايات دون فرز ولا يتم فصل المواد الخطرة.

وفي مواجهة هذه التحديات أطلق عدد من ناشطي البيئة والمناخ في محافظة المفرق مؤخراً مبادرة بعنوان "تعزيز الإستثمار في إدارة النفايات المستدامة" بهدف تشجيع الاستثمار في إدارة النفايات بشكل مستدام في المحافظة التي تتفاقم فيها مشكلة النفايات بسبب الضغط السكاني ووجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين داخل وخارج مخيم الزعتري، وصولاً إلى خلق سبل عيش مستدامة للمجتمعات المحلية.

ويشرف على هذه المبادرة الريادية الشابة "مجد الشديفات" وهي ناشطة بيئية من محافظة المفرق، وأحد قادة برنامج "صون" التي حصلت على درجة الماجستير في التغير المناخي، وهو المجال الذي بدأت تركز عليه طوال سنوات دراستها وما بعدها بسبب التحديات البيئية الملحة التي تواجه الأردن. وبدأ شغفها بالعمل المناخي مع إدراكها للتأثيرات السلبية التي يحدثها تغير المناخ على الزراعة، والبيئة، وحتى المجتمعات المحلية.

ومن خلال تدريبها ومشاركتها في مبادرات توعية وتثقيف المجتمع، أصبح هدفها هو تعزيز الاستدامة والمساهمة في الحد من تأثيرات التغير المناخي من خلال العمل التطوعي والمبادرات الفردية.

وبصفتها قائدة مناخية للشباب، درّبت مجد شباباً آخرين في مجتمعها على المفاهيم التي تعلمتها من خلال برنامج "صون" للعمل الشبابي المناخي، وإلى جانب مشاركة معرفتها المتعلقة بالمناخ مع زملائها، فإنها تضيف دائماً رسالة ملهمة إلى أقرانها من أجل خلق واقع أفضل، خطوة بخطوة.

وحول "مبادرة تعزيز الاستثمار في إدارة النفايات المستدامة" ودوافع إطلاقها تقول الشديفات لـ "صوت شبابي" إن الدافع الرئيسي وراء هذه المبادرة النوعية كان الحاجة الملحّة للتعامل مع مشكلة النفايات في محافظة المفرق، وهي من المناطق التي تعاني بشكل خاص من تراكم النفايات.

وتضيف محدثتنا أن الفكرة ولدت من نقاشاتهم كفريق شاب يبحث عن حلول مبتكرة ومستدامة لواحدة من أكبر التحديات البيئية التي يواجهها الأردنيون.

ولفتت مجد إلى أن "الهدف الرئيسي كان تعزيز الوعي بين أفراد المجتمع والشباب خاصة، وتشجيع الاستثمار في إدارة النفايات بشكل مستدام، وذلك من خلال مبادرات بسيطة مثل إعادة التدوير، وتقليل استخدام المواد البلاستيكية، والعمل على تنظيف الساحات العامة.

وتعد مشكلة تدوير النفايات والتخلص من المواد الصلبة من أبرز التحديات البيئية التي تواجه الأردنيين وبخاصة في محافظة المفرق، وحول أسباب هذه المشكلة والحلول المقترحة من خلال المبادرة تقول مطلقتها إن أسباب هذه المشكلة متعددة. وأحد أهم الأسباب-حسب قولها- هو نقص البنية التحتية المخصصة لإعادة التدوير في العديد من المحافظات، ولا تملك البلديات أموالاً كافية لإنشاء البنية التحتية الحديثة لجمع النفايات ومرافق إعادة التدوير وأنظمة التخلص منها ومحطات تحويلها   إلى طاقة، بالإضافة إلى غياب الوعي المجتمعي حول أهمية إعادة التدوير وفصل النفايات. وأيضًا، قلة وجود حوافز اقتصادية تشجع الأفراد والمؤسسات على تبني ممارسات مستدامة في إدارة النفايات.

وتابعت: "من خلال مبادرتنا، قمنا بالتركيز على رفع الوعي لدى السكان المحليين، وتقديم ورش عمل حول كيفية فصل النفايات بشكل صحيح. كما أطلقنا أدوات عملية مثل الحاويات المخصصة لفرز النفايات، والتي تم توزيعها في عدة حاويات".

برنامج "صون"

وعن آلية تنفيذ المبادرة على أرض الواقع والأنشطة المرتبطة بها أوضحت الريادية الشابة أن برنامج "صون" يتكون من ثلاثة مراحل، أولها تدريب الفئة المستهدفة من شباب وشابات في محافظات الشمال ومنها المفرق، والمرحلة الثانية عمل فعالية وكانت بالنسبة لمبادرتنا عن إعادة تدوير النفايات واستثمارها، وارتبطت المرحلة الثالثة بتنفيذ المبادرة، وأضافت محدثتنا أن هذه المبادرات كانت مبنية على الفعاليات وعما يريد فعله الشبان أنفسهم بعد تلقي التدريبات.

رسومات وإعادة تدوير

ونوّهت إلى أنه تم الاتفاق مابين فريق المبادرة ومنظمة أجيال السلام من خلال برنامج "صون" التابع لهم واليونسيف وحاول الفريق –كما تقول- التشبيك مع أناس من المجتمع المحلي وبدأ بالتجهيز للمبادرة والأدوات ودعوة المشاركين وتنوعت أنشطة المبادرة بين الرسومات على الجدران وإعادة التدوير وتوزيع سلل وغيرها.

وحول وجود تشبيك وتنسيق بين فريق المبادرة والجهات ذات الصلة بموضوع البيئة والمناخ ألمحت محدثتنا إلى أن المبادرة تمت بدعم من هيئة أجيال السلام وبرعاية منظمة اليونيسيف وبتنسيق مع وزارة الشباب، إلا أن ذلك لم يمنع من ملاحظة  غياب التعاون المطلوب مع بعض الجهات الرسمية المحلية، واستدركت موضحة: "كان من الممكن أن يكون هناك دعماً أكبر من خلال توفير الموارد اللوجستية أو البنية التحتية، مما كان سيساهم بشكل أكبر في نجاح المبادرة. مع ذلك، استطاع فريق المبادرة المضي قدماً وتحقيق نتائج ملموسة بفضل جهود الشباب والشركاء الآخرين.

الحلول المبتكرة

وعن الدور المنوط بفئة الشباب في ترسيخ الوعي بمعالجة مشكلة النفايات لفتت مجد إلى أن الشباب هم القوة الدافعة نحو التغيير. ودورهم ليس فقط في نشر الوعي، بل في قيادة المبادرات وتنفيذ الحلول المبتكرة.

وأردفت أن "شباب اليوم قادرون على استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات وإلهام الآخرين للانخراط في حماية البيئة. من خلال برامج التوعية والتدريب، ويمكن للشباب أن يصبحوا قادة في مجتمعهم في مجال إدارة النفايات المستدامة.

ولكن هل لمس فريق المبادرة فارقاً أو تأثيراً إيجابياً على البيئة وبخاصة في أوساط الشباب لناحية الوعي بالتغيير المناخي والتعامل مع النفايات تقول مجد في سياق إجابتها على هذا السؤال بنبرة واثقة:" لاشك أن المبادرة أحدثت فارقاً كبيراً في حياة الشباب منذ إطلاقها فهم بدأوا يفهمون العلاقة بين إدارة النفايات وتغير المناخ بشكل أوضح، وبدؤوا بتطبيق ممارسات بسيطة في حياتهم اليومية، مثل تقليل استخدام البلاستيك، والحرص على فصل النفايات. أيضاً، لوحظ إهتمام واسع من قبل الأهالي والشباب في العمل على مشاريع تطوعية تهدف إلى تحسين البيئة، وهذا كان من أبرز الإنجازات التي أسعدت الفريق.