تعديلات قانون العمل 2024: آمال وتحديات للشباب الأردني
يبدو أن إقرار التعديلات الجديدة على قانون العمل لعام 2024، زادت الآمال لدى العديد من الشباب الأردني الطامح لتحسين ظروف عمله أو والحصول على فرصة أفضل، شرط ان يتم بالفعل تطبيقا على أرض الواقع، كما تتمنى رنا، شابة في أوائل الثلاثينيات، تعمل في مكتب بإحدى الشركات الصغيرة في عمان، بعد عودتها من إجازة أمومة قصيرة، التي تفاءلت بهذه التعديلات وتأملت أن تحصل النساء العاملات على دعم كاف في هذا المجال وتقول " تفاءلت بالتعديلات الجديدة مثل زيادة إجازة الأمومة واتمنى ان يتم تطبيقها بالفعل في مختلف القطاعات العام والخاص".
زيادة إجازة الأمومة: دعم حقيقي للنساء العاملات
وهو الأمر الذي أكدت عليه وزيرة العمل ناديا الروابدة في تصريحات صحفية بعد إقرار تلك التعديلات قائلة "تأتي هذه التعديلات في إطار جهودنا لتحقيق توازن عادل بين مصلحة العمال وأصحاب العمل. نحن نؤمن بأن زيادة مدة إجازة الأمومة ستكون دعمًا حقيقيًا للنساء العاملات، بما في ذلك الشابات اللواتي يجدن صعوبة في الجمع بين العمل والحياة العائلية."
وعبرت ليلى، موظفة في شركة تسويق، عن تفاؤلها بالتعديلات، خاصة فيما يتعلق بزيادة إجازة الأمومة ودعم المرأة العاملة. تقول ليلى: "هذه التعديلات ليست مجرد تحسينات قانونية، بل هي اعتراف بالتحديات التي نواجهها كشباب، وبالأخص النساء اللواتي يحاولن التوفيق بين العمل والأسرة. إنها خطوة مشجعة نحو بيئة عمل أكثر إنصافًا ومرونة."
تنظيم العمالة الوافدة: فرصة للشباب الأردني
وترى مؤسسات المجتمع المدني المهتمة في هذا المجال في التعديلات الجديدة على قانون العمل خطوة إيجابية نحو تحسين ظروف العمل وتعزيز حقوق الشباب والنساء على حد سواء، وبخاصة زيادة مدة إجازة الأمومة إلى 90 يومًا تسهم في دعم النساء العاملات، و تعزز التوازن بين العمل والحياة الأسرية بحسب مديرة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ليندا الكلش، وأضافت لصوت شبابي: " فيما يخص تنظيم العمالة الوافدة، من الضروري أن يتم ذلك بشفافية وعدالة لضمان عدم تعرض أي فئة للظلم، نحن نشدد على أهمية متابعة تنفيذ هذه التعديلات ومراقبتها لضمان تحقيق الأهداف المرجوة بدون تمييز ضد أي فئة من العمال."
وجهة نظر أصحاب العمل: بين الترحيب والتحفظ
على الرغم من الترحيب الكبير بالتعديلات على قانون العمل لعام 2024، يعبر بعض أصحاب العمل عن مخاوفهم بشأن تأثيرها على بيئة الأعمال، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة. معن، صاحب شركة صغيرة في عمان، يشير إلى أن "التعديلات الجديدة، مثل زيادة إجازة الأمومة إلى 90 يومًا، رغم أهميتها، تضع عبئًا إضافيًا على الشركات الصغيرة التي تعتمد بشكل كبير على موظفيها. غياب الموظفات لفترات أطول قد يؤثر على سير العمل، ويجعلنا نضطر للبحث عن حلول مؤقتة تزيد من التكاليف التشغيلية."
كما أثار معن قلقه بشأن تنظيم العمالة الوافدة، موضحًا ل "صوت شبابي": "التنظيم يبدو خطوة جيدة لتحفيز تشغيل الأردنيين، لكن في الوقت نفسه، يعاني السوق المحلي من نقص في العمالة الماهرة في بعض المجالات المتخصصة. الحد من العمالة الوافدة قد يفرض تحديات على أصحاب الأعمال في العثور على الكفاءات اللازمة، مما يؤثر على الإنتاجية ويزيد من تكاليف التوظيف."
ويضيف معن:"التعديلات تحمل أهدافًا نبيلة في حماية حقوق العمال وتنظيم سوق العمل، لكننا كأصحاب عمل نأمل أن تواكبها سياسات داعمة، مثل تقديم حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على التكيف مع هذه المتغيرات دون أن تتعرض لضغوط تؤثر على استمراريتها واستدامتها."
ويرى الخبير الاقتصادي موسى الساكت ان هذه التعديلات من شانها تنظيم سوق العمل الأردني بشكل عام، وخصوصاً العمالة الوافدة، من خلال إحلال العمالة الأردنية محلها. هذا التوجه يحمل أبعاداً إيجابية، خاصةً في تعزيز توظيف الشباب العاطلين عن العمل، ولكنه قد يسبب تحديات لبعض القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة، مثل صناعة المحيكات.
ويضيف الساكت ل صوت شبابي: حاولنا كصناعيين أن نوظف أردنيين بدلاً من العمالة الوافدة، ولكن الإنتاجية كانت أقل بكثير، بسبب نقص المهارات اللازمة. صادرات المحيكات إلى الولايات المتحدة شهدت تراجعاً كبيراً من 1.8 مليار دولار إلى نحو 200 مليون دولار خلال العشرين سنة الماضية.
وأكد الساكت " صحيح أن إحلال العمالة الأردنية محل الأجنبية وتعزيز دخول المرأة إلى سوق العمل من خلال تحسين إجازة الأمومة هما أهداف إيجابية، إلا أن القانون لا يتناول بعمق الحالة العمالية وسوق العمل. يركز القانون فقط على إجراءات استراتيجيات دون دراسة كافية للأثر الاقتصادي والتأثير الفعلي على العمل والعمال، مشددا على أن "الشراكة مع القطاع الخاص في صياغة هذا القانون كانت ضعيفة، مما ساهم في عدم معالجة القضايا الجوهرية بشكل فعال. عدم استقرار التشريعات قد يخلق حالة من عدم اليقين لدى العمال وأصحاب العمل، مما يتطلب دراسة معمقة وشاملة لجميع جوانب القانون لضمان تحقيق أهدافه بشكل فعّال."
تنظيم سوق العمل: خطوات مدروسة نحو التوازن
قال الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، " إن التعديلات المقترحة على قانون العمل في مشروع القانون المعدل لعام 2024 لا تزال قيد الاستعراض على منصة ديوان التشريع الإلكترونية، حيث يتم تلقي الاقتراحات من الجمهور. لإقرار المشروع بصيغته النهائية، يجب أن يمر بعدة مراحل: بدءًا بموافقة مجلس الوزراء، ثم إرساله إلى مجلس الأمة لمناقشته وإقراره من قبل مجلس الأعيان ومجلس النواب، وأخيرًا توشيحه بالإرادة الملكية السامية. ستقوم الوزارة بنشر كافة تفاصيل التعديلات عبر وسائل الإعلام ومنصات الوزارة على وسائل التواصل الاجتماعي فور صدور القانون في الجريدة الرسمية.
كما ستقوم الوزارة بإطلاع غرف الصناعة والتجارة، والاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، ونقابات أصحاب العمل، ونقابات العمال في مختلف القطاعات على هذه التعديلات." وأضاف لـ"صوت شبابي": "الوزارة تركز على تعزيز تشغيل الأردنيين في القطاع الخاص من خلال تنظيم سوق العمل وضبط العمالة غير الأردنية المخالفة. التعديلات السابقة على قانون العمل في عام 2023 فرضت عقوبات مشددة على أصحاب العمل الذين يشغلون عمالة غير أردنية بشكل مخالف، والتعديلات الجديدة في مشروع قانون 2024 تتضمن نصًا صريحًا يمنع تخفيض العقوبات بحق من يشغل عمالة غير أردنية بشكل مخالف."
وأكد مركز "بيت العمال" لحقوق العمل أن تعزيز مرونة سوق العمل، رغم تأييد بعض خبراء صندوق النقد الدولي له باعتباره وسيلة فعالة لخفض معدلات البطالة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، قد يتسبب في نتائج غير مرغوب فيها. ولفت المركز إلى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى زيادة في الوظائف المؤقتة وغير المستقرة، مما يفاقم العمل غير المنظم ويؤدي إلى انخفاض متكرر في الدخل. كما أشار المركز إلى أن هذه التغيرات قد تُفضي إلى توترات في علاقات العمل، مما ينعكس سلباً على الإنتاجية، النمو الاقتصادي، والأمن المجتمعي.
ملاحظات قانونية: تقييم شامل لتعديلات قانون العمل 2024 بين التقدم والتحديات
قال المحامي والخبير القانوني خليف الزيود"في حديث حول التعديلات الجديدة على قانون العمل لعام 2024 في الأردن، أوضح أن "التعديلات الجديدة تتضمن إيجابيات، مثل تمديد إجازة الأمومة ومنع فصل العاملة الحامل، ولكنها تحمل أيضًا سلبيات منها السماح لصاحب العمل بإنهاء عقود 15% من العمال سنويًا، وعدم إعادة العامل الذي فُصل لأسباب اقتصادية إذا تحسنت الظروف.
كما أن تخفيض عدد أيام الغياب التي تتيح إنهاء خدمات العامل من 20 إلى 10 أيام يمثل تراجعًا في حقوق العمال. لذا، يُوصى البرلمان بمناقشة القانون المعدل بعناية وتطويره بما يضمن مصلحة العمال."
وبشأن توافق التعديلات مع المعايير الدولية، وأشار الزيود لـ"صوت شبابي" إلى أن "زيادة إجازة الأمومة إلى 90 يومًا خطوة إيجابية، لكنها لا تزال أقل من المعايير الدولية التي تحدد الحد الأدنى بـ 98 يومًا وتُفضل 126 يومًا.
كما أن حماية المرأة الحامل من الفصل تُعد تعديلًا هامًا يتوافق مع الممارسات الفضلى، لكن يُفضل العمل على تمديد الإجازة لتحقيق معايير أفضل." وأضاف الزيود: "زيادة إجازة الأمومة قد تُسهم في تخفيف قلق النساء العاملات، لكنها لا تكفي لتحقيق تأثير كبير على مشاركتهن في سوق العمل. يُنصح بزيادة المدة لتتوافق مع توصيات منظمة العمل الدولية."
أما بخصوص التعديلات الاقتصادية لتصاريح العمالة غير الأردنية، فقد أوضح أنه "لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال لأنه يتطلب خبيرًا اقتصاديًا لبحث التأثير المحتمل." وفيما يتعلق بالتعديلات المتعلقة بالفصل التعسفي، بيَّن الزيود أن "التعديلات تحدد حالات الفصل التعسفي بموجب نظام تنفيذي، مما قد يحد من قدرة القضاء على تحديد حالات جديدة من التعسف. يُفضل إبقاء المسألة للهيئة الحاكمة للحفاظ على مرونة التفسير."
وأكد على أن "التعديلات الجديدة قد لا تُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين العلاقة بين العمال وأصحاب العمل في القطاع الخاص، باستثناء بعض التعديلات البسيطة، مثل إجازة الأمومة. وكان من المتوقع أن تتضمن نصوصًا أكثر تقدمية." وأضاف: "فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل، فإن تحديد حالات الفصل التعسفي في نظام تنفيذي قد يخلق تحديات، خاصة إذا ظهرت حالات غير مشمولة بالنظام، مما يترك فراغات تشريعية تؤثر سلبًا على حقوق العمال."
وعن تأثير التعديلات على العقود محددة المدة، قال: "تجديد العقود محددة المدة لفترات مماثلة قد يُسهم في تحقيق استقرار أكبر لسوق العمل." وأشار إلى أنه: "لضمان تنفيذ التعديلات الجديدة بما يحفظ حقوق الجميع، يجب تعزيز التوعية المجتمعية وتوضيح التعديلات لجميع الأطراف المعنية، مع ممارسة الهيئات القضائية لدورها الرقابي."
وختم بقوله: "التعديلات الحالية ليست كافية للحد من نسبة العمالة الوافدة وتنظيمها بشكل افضل، إذ أن التعديلات المتعلقة بهذا الجانب محدودة."
وهذا يعكس رغبة مشتركة لدى الشباب في رؤية إصلاحات عملية تسهم في تحسين ظروف العمل وزيادة فرصهم المهنية. مع دخول هذه التعديلات حيز التنفيذ، ينتظر الشباب بحماس تأثيرها الإيجابي على حياتهم، ويأملون أن تكون بداية جديدة لتحقيق طموحاتهم في سوق عمل متجدد يوفر لهم الأمان والاستقرار.