"بين الهرمونات والعواطف: كيف يؤثر التغير الهرموني على العلاقات بين الشباب والنساء؟"

الرابط المختصر

كان "سمير"، وهو طالب جامعي، يشعر بالتوتر عندما لاحظ تغيرات مفاجئة في مزاج شقيقته الكبرى، خصوصًا خلال فترة الامتحانات. كانت شقيقته تغضب لأتفه الأسباب، وتبكي فجأة دون تفسير، مما جعل سمير يعتقد أنها تمر بمشكلة لا يريد أحد أن يشاركه إياها. وعندما سألها عن السبب، لم تخبره بوضوح أنها تعاني من تأثير الهرمونات خلال فترة ما قبل الدورة الشهرية.

بعد ولادة طفلهما الأول، واجه "محمود" تحديًا غير متوقع عندما بدأت زوجته "أميرة" تعاني من الاكتئاب ما بعد الولادة. أصبحت أميرة أكثر عزلة وانطوائية، وفقدت اهتمامها بالأمور التي كانت تحبها. لم يكن محمود يعلم كيف يتعامل مع هذه الحالة، وشعر بالقلق من تأثيرها على طفلهما الصغير.

قرر محمود أن يسعى لفهم ما تمر به زوجته من خلال استشارة طبيب نفسي، وأدرك أن التغيرات الهرمونية تلعب دورًا كبيرًا في حالتها النفسية. يقول محمود: "بدأت أقضي وقتًا أطول معها، وأقوم بالأعمال المنزلية، وأحاول إراحة ذهنها قدر الإمكان. علمت أن مجرد وجودي بجانبها يخفف من شعورها بالعزلة. لم أكن أعلم ما أقول أحيانًا، لكن اهتمامي وتواجدي كانا كافيين".

في بداية خطوبته، كان "يوسف" يشعر بالحيرة من تغير مزاج خطيبته "نادية" خلال فترات معينة من الشهر. كانت نادية أحيانًا تتصرف بانفعال غير معتاد أو تشعر بالإحباط والحزن دون سبب واضح. في البداية، شعر يوسف بالتوتر واعتقد أن المشكلة في علاقتهما، ولكن أجرى بحث على الإنترنت، فهم أن التغيرات الهرمونية تلعب دورًا رئيسيًا في ما تشعر به نادية.

يشكل التغير الهرموني لدى النساء تحديًا يوميًا ليس فقط لهن، ولكن أيضًا لمن حولهن، خاصة للشباب الذين يجدون أنفسهم أمام تغييرات مفاجئة في المزاج والسلوك قد تؤثر على العلاقات. من الصعب أحيانًا فهم هذه التقلبات أو التعامل معها بشكل صحيح، ولكن بعض الشباب يثبتون أن التفهم والصبر يمكن أن يكونا المفتاح للتعامل بنجاح مع هذه المواقف.

 

اضطرابات ما قبل الطمث تؤثر على2-5%من النساء

أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Molecular Psychiatry أن اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD) يؤثر على 2-5% من النساء في سن الإنجاب. تلقي الدراسة الضوء على كيفية تفاعل الخلايا الجسدية مع الهرمونات، حيث أُثبت أن النساء اللاتي يعانين من PMDD لديهن استجابة غير طبيعية تجاه التغيرات الهرمونية الطبيعية، حتى مع وجود مستويات هرمونية طبيعية.

أوضح الباحثون أنه من خلال إيقاف إنتاج الهرمونات الاستروجين والبروجستيرون، تختفي أعراض PMDD، ولكن عند إعادة هذه الهرمونات، تعود الأعراض. وقد أظهرت الدراسة أن استجابة الخلايا لهذه الهرمونات تختلف بشكل ملحوظ بين النساء المصابات بالاضطراب والمجموعة الضابطة. كما كشفت نتائج التحليل الجيني أن هناك زيادة في التعبير الجيني لبعض الجينات المرتبطة بتنظيم الاستجابة للهرمونات، مما يشير إلى وجود آليات جزيئية معقدة تلعب دورًا في ظهور الأعراض.

 

أعراض إضرابات ما قبل الطمث

ويقول الأخصائي النفسي الدكتور الصبيحي أن الأعراض المرتبطة باضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD) يمكن أن تؤثر بشكل كبير على جودة حياة النساء. 

يشير د.الصبيحي إلى أن PMDD يتسبب في مجموعة من الأعراض الجسدية والسلوكية، والتي تبدأ عادةً في النصف الثاني من الدورة الشهرية. الأعراض تشمل التوتر، القلق، الاكتئاب، وأيضًا أعراض جسدية مثل آلام العضلات والشعور بالتعب.

الصبيحي يوضح أن الأسباب ليست واضحة تمامًا، ولكن يُعتقد أنها مرتبطة بتقلبات الهرمونات وتأثيرها على النواقل العصبية مثل السيروتونين. كما يشير إلى أن النساء اللواتي يعانين من PMDD قد يشعرن بتدهور كبير في نوعية حياتهن، وقد يواجهن صعوبات في العمل، الدراسة، أو التفاعل الاجتماعي بسبب الأعراض المتطرفة التي تظهر بشكل دوري.

تابع الصبيحي، يُنصح بالبحث عن العلاج، حيث أظهرت الدراسات أن حوالي 60% إلى 70% من النساء يجدن تحسنًا في الأعراض عند استخدام الأدوية الموصوفة مثل مضادات الاكتئاب أو حبوب منع الحمل. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر التمارين البدنية والعلاجات البديلة مثل التأمل خيارات مفيدة لتخفيف الأعراض.

 

 

التغيرات الهرمونية تؤثرعلى العلاقات بين الرجل والمرأة

يشير الأخصائي النفسي منير الصبيحي إلى أن التغيرات الهرمونية، وخاصة تلك المرتبطة باضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD)، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين الرجل والمرأة. يوضح ماثيوز أن الأعراض المرتبطة بـ PMDD، مثل القلق والتهيج، قد تؤدي إلى تدهور التواصل والتفاهم بين الشريكين. هذه التغيرات المزاجية قد تجعل من الصعب على النساء التعبير عن مشاعرهن بشكل واضح، مما يؤدي إلى تفاقم النزاعات أو سوء الفهم في العلاقة.

 

 

أهمية الوعي للشريك فيما يتعلق بهرمونات المرأة

بالإضافة إلى ذلك، يبرز الصبيحي أهمية الوعي والفهم المتبادل بين الشركاء. يشير إلى أنه عندما يدرك الرجل كيفية تأثير الهرمونات على سلوك شريكته، فإنه يمكن أن يكون أكثر صبرًا وتفهمًا خلال فترات التوتر. يقول الصبيحي: "فهم التغيرات الهرمونية يساعد في تعزيز الدعم العاطفي، مما يمكن أن يحسن جودة العلاقة بشكل كبير."

ضرورة المساندة العاطفية والتواصل الجيد

يتابع الدكتور الصبيحي، كما تشير الدراسات إلى أن العديد من الرجال قد يشعرون بالعجز أو الارتباك في مواجهة التقلبات المزاجية لشريكاتهم، مما قد يؤدي إلى توتر إضافي. لذا، فإن الحوار المفتوح والمساندة العاطفية تلعبان دورًا حيويًا في التعامل مع هذه التحديات.

في النهاية، يشدد الصبيحي على ضرورة تعزيز الفهم والاحترام المتبادل بين الشريكين للتغلب على تأثيرات الهرمونات على العلاقات. فالتواصل الجيد يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في كيفية مواجهة الضغوطات اليومية.

تم نشرها على موقع Newport Academy، وهي مؤسسة معروفة بتقديم المعلومات المتعلقة بالصحة النفسية ورفاهية المراهقين، إلى وعي الشباب بتأثير الهرمونات الأنثوية.

تشير الإحصائيات إلى أن 69% من الشباب يعتقدون أن الهرمونات تؤثر سلبًا على مزاج المرأة، مما يدل على مستوى من الوعي بين هذه الفئة العمرية. ومع ذلك، يفتقر العديد منهم إلى المعلومات الكافية حول كيفية التعامل مع هذه التغيرات.

في دراسة شاملة أُجريت لاستقصاء آراء الشباب حول تأثير الهرمونات الأنثوية، لوحظ أن معظم المشاركين يعترفون بأن التغيرات الهرمونية قد تؤدي إلى تقلبات مزاجية، لكنهم يشعرون بعدم الارتياح أو عدم القدرة على دعم الشريكات خلال هذه الفترات.

تشير هذه النتائج إلى أهمية التعليم والتثقيف حول الصحة النفسية والهرمونية في صفوف الشباب. تعزيز الفهم لدى الشباب حول هذه القضايا يمكن أن يساعدهم في التعامل مع الشريكات بشكل أفضل خلال فترات التقلبات الهرمونية، وبالتالي تحسين العلاقات.