الوجبات السريعة.. خطر يداهم صحة الشباب

الرابط المختصر

"صار الطلب من المطاعم أو الخروج لمطعم جزء من روتيني اليومي، يعني هذا من متطلبات هذه الأيام وما عندي وقت مع دوام الجامعة أفكر بخيارات ثانية"، هكذا استهلت ريما زياد الطالبة الجامعية حديثها حول الإقبال على الوجبات السريعة واصفةً الأمر بالعادة اليومية خلال أيام الدراسة، مضيفةً أن الطالب الجامعي لديه ضغط كبير من المحاضرات خلال اليوم وقد لا يجد بديلًا صحيًا أو لا يفكر بالبحث عن بديل في ظل انتشار المطاعم والعروض على الوجبات السريعة كأسرع حل وانتشارها الواسع بالقرب من الجامعات.

 

لا تتفق راما حسن الطالبة الجامعية في تخصص التغذية مع ريما وتوضح لـ"صوت شبابي" قائلةً: "إن الأسرع والأسهل للشباب والطلبة عمومًا شراء أي وجبة من مطعم سريع دون التفكير في بدائل أو اختيار تحضير طعام لساعات الدوام الطويلة في المنزل لكن هذه المشكلة نستطيع تفاديها بالتنظيم واعتماد نمط الحياة الصحي" بينما تؤكد أن السنوات الأخيرة تشهد إقبالًا واسعًا جدًا من الشباب على الوجبات السريعة، مبينةً أن ذلك يعود للعدد الكبير من المطاعم المنتشرة والتسويق لها بشكل دائم، وعروض التوصيل وتطبيقات الطعام، وتواصل أن ذلك يؤثر على الأجسام كثيرًا على المدى الطويل وهذا ما لا يحسب الشباب حسابه.

 في هذا الصدد تقول  أخصائية التغذية منال محمد إن الإقبال الواسع من الشباب على الوجبات السريعة يعود لما  تعطيهم من متعة وسرعة ولذة في طعامهم مؤكدة " على أن العناصر الغذائية المستعملة عادة ما تكون كثيرة الدهون المهدرجة، فكثرة المضافات الغذائية من أجل هدف واحد هو سرعة تقديم الوجبة مع تشكيل منظر وذوق لايُقاوم بمكونات اصطناعية"

وتوضح منال لـ"صوت شبابي" بحسب  الإحصائيات 1 من 5 أشخاص عالميا يتعرضون للموت بسبب تغذية غير صحيحة، 11 مليون وفاة سنويا بسبب سوء التغذية و 913000 وفاة يتعرضون للسرطان بسبب السمنة.

كما تنصح الشباب أن يعرفوا كيفية تصنيع الوجبات في المطاعم وأن يكون لهم وعي أن أكثر المواد المستعملة اصطناعية وغير طبيعية و مهدرجة وتضر بالصحة، ويمكنهم لتفادي ذلك أن يحضوا بالمتعة في تحضير غذائهم بأنفسهم ليعلموا المواد المستعملة وكمية السعرات الحرارية، ويتحكمون هم في غذائهم لا أن يتحكم غذاؤهم بهم.

 

في سياق متصل تشتكي الأمهات فيما بينهن وعلى مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي من عدم رغبة كثير من أبنائهن في طعام المنزل وخياراتهم المحدودة لأكلات المنزل التي يحبونها وتفضيلهم للوجبات السريعة والخروج إلى المطاعم، تقول منى سعيد والدة ثلاثة شباب لـ"صوت شبابي" : "إن أبناءها لا يرغبون في الكثير من أصناف الخضراوات المفيدة والأكلات المنزلية ويفضلون الطلب من المطاعم أو الخروج مع أصدقائهم بشكل متكرر خلال الأسبوع،  وهذا أمر مزعج ويؤثر بلا شك على صحتهم"، وتتابع أن هناك انتشارًا سريعًا للمطاعم في كل مكان "وكل مطعم بعمل عروض وتطبيقات الطعام بتعمل عروض وهذا يشجعهم أكثر على الإقبال على المطاعم"

 

*خيار الموظفين الأسرع* 

وقال عدد من الموظفين لـ"صوت شبابي"  انهم أحيانا يلجأون مرغمين لخيار الوجبات السريعة  باعتبارها أفضل استثمار للوقت والطلب من أي مطعم إلى حين العودة للمنزل رغم إنه علمهم بأنه خيار غير صحي .

سمير علي موظف في إحدى الشركات  يشتكي "أنه لا يملك وقتًا طويلًا أثناء الاستراحة لتحضير طعام وأن خياره الأسرع والأسهل هو وزملاؤه بشكل يومي طلب وجبات سريعة من أحد المطاعم، موضحًا "ربما هذا مش النظام الأمثل للغذاء الجيد بالنسبة للشباب لكنه أكثر حل عملي، يعني إني أحضر طعام قبل الخروج من المنزل وأخذه معي أو تحضيره في العمل هذا خيار صعب ومش عملي بالنسبة لي".

 

من جانبها وضحت الموظفة آية عبد الرحيم أنها كانت في فترة عملها الأولى تقوم هي وزملاؤها بتناول الإفطار وأحيانًا الغداء من المطاعم القريبة لعملهم، كحل سريع في خيار الطعام وإكمال العمل ما جعلها تتعب بعد فترة من هذا النظام، تقول: "تعبت معدتي بعد فترة غير قليلة من طعام المطاعم يوميًا في العمل، فقررت استبدال ذلك بوجبات بسيطة للإفطار تحتوي خضراوات وفواكه أصحبها معي للعمل ولو كان ذلك سيأخذ مني وقتًا للتحضير لكنني سأحافظ على صحتي بشكل أكبر وفعلًا شعرت بالفرق بعد مدة من ابتعادي عن المطاعم".

 

ويوضح عمر سالم العامل في أحد مطاعم الوجبات السريعة أن معظم الزبائن من الشباب على مدار اليوم وحتى ساعات متأخرة من الليل، مضيفًا  أنه وبقية العمال يتناولون وجبات سريعة من المطعم يوميًا، كما يسعى المطعم لاستقطاب الشباب بسياسات تسويقية وعروض مستمرة واستعراض على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عصري وجذاب.

يختار كثير من الشباب وجبات المطاعم السريعة بديلًا عن الأكلات المنزلية، ونسمع كل يوم عبر منصات التواصل الاجتماعي بافتتاح مطاعم جديدة بأصناف مختلفة وأفكار مبتكرة ونجد إقبالًا واسعًا عليها وضجةً كبيرة تحصل حولها، ما يثير الفضول لدى الشباب لتجربتها في إغفال الأضرار والآثار الجانبية التي تتركها الوجبات السريعة على صحة الإنسان.

في هذا السياق تبيِّن أخصائية التغذية، سوزان خالد لـ"صوت شبابي" أن مضار الوجبات السريعة كثيرة تتركز في زيادة الوزن والسمنة والإدمان عليها "فعادة يتم إضافة الصبغات والمنكهات والسكر للوجبات السريعة لزيادة الإقبال عليها ما يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالمشاكل الصحية والأمراض المزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومشاكل الكبد.

وتضيف أن أثرها على المدى البعيد يكمُنُ في احتمالية الإصابة بمرض تصلب الشرايين بسبب احتواء الوجبات السريعة على كميات عالية من الكوليسترول والملح، وهذان العنصران يساهمان في العديد من المشاكل مثل: التأثيرات السلبية على ضغط الدم، وتراكم الترسبات في الشرايين أو تصلب الشرايين نتيجة الإفراط في تناول الكوليسترول.

كما تنصح الشباب بالابتعاد قدر المستطاع عن الوجبات السريعة ومحاولة تناولها مرة أسبوعيًا ومن ثم التأقلم والتعوّد وتخفيفها إلى مرتين شهريًا، وتنوه إلى ضرورة الذكاء في اختيار وجبات نوعًا ما صحيّة مثل تناول طعام مشوي بدلًا من مقلي واحتوائه على بروتين وكربوهيدرات ودهون صحيّة، مضيفةً أن شرب الكثير من الماء ما يقارب 2-3 لتر يوميًا، وتناول الخضار أثناء الوجبة الرئيسية من أهم الأمور التي يجب على الشباب مراعاتها خلال يومهم.

 

يحتاج جسم الإنسان للطاقة كي يعمل، وهذه الطاقة تأتي عن طريق الغذاء، ولكن تختلف كيفية كل شخص في اختيار عناصر وطريقة غذائه، وبناءً على هذا الاختيار يتشكل نظام حياته الغذائي صحيًّا كان أم ضار!