الشعارات والرموز أدوات الشباب الأردني لمناصرة الفلسطينيين

الرابط المختصر

جولة بصرية سريعة للحراك الشعبي الأردني اليومي أو الأسبوعي المناصر للفلسطينيين، كفيلة لأن تظهر لك أن السواد الأعظم من المشاركين هم من الشباب ذكورا وإناثا، وهذا ما يؤكد "فشل الاحتلال الإسرائيلي" من وجهة نظر العشرينية إيناس طعمة في محو أهمية القضية الفلسطينية من عقول الأجيال الجديدة.

ففي كل يوم جمعة تستيقظ إيناس باكرا لكتابة ورسم اللافتات هي ومجموعة من زملائها في الجامعة وجيرانها، قبيل المشاركة في المسيرة الأسبوعية المنددة بالحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وهي تعتبر هذه اللافتات جزء من حراكها وأبناء جيلها المناصر لحقوق الفلسطينيين في أرضهم.

وتقول  أن ذات الحراك الميداني الذي تقوم به مع زملائها وصديقاتها، ينقلونه عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولا يتوقفون عن نشر العبارات المناصرة والمتعاطفة و المتضامنة مع الفلسطينيين طوال الوقت، حسب وصفها، لا بل وتقوم ومن معها بالرد والتعليق على كل الأخبار القادمة من غزة.

إيناس تقول في حديثها لـ"صوت شبابي" إن ما تقوم به هو جزء يسير من واجب جيل الشباب تجاه هذه القضية، باعتبارها قضية لا تخص الشعب الفلسطيني وحسب بل الشعوب العربية كافة، وتحديدا الجيل الجديد الذي يتحتم عليه نقل الصورة الحقيقية للأجيال المقبلة.

 

التحايل على المنصات الاجتماعية

وكما هو الحال مع إناس توظف عليا سكندر كل إمكانياتها ومهاراتها للتحايل على "خوارزميات" منصات التواصل الاجتماعي، ونشر الأخبار والمعلومات عن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وزيادة المحتوى المتعلق بالقطاع.

العشرينية عليا المتخرجة حديثا من الجامعة بتخصص علم الحاسوب، قالت إنها تهتم منذ بداية الحرب "الهمجية" على قطاع غزة بنشر فيديوهات العمليات التي تقوم بها المقاومة هناك، إضافة إلى فيديوهات القتل والإجرام الإسرائيلي بحق أبناء غزة حسب وصفها، لأنها وسيلة سريعة لتعريف العالم "بهول ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحق الفلسطينيين".

وأخبرتنا عليا خلال حديثها لـ"صوت شبابي" أن العديد من الصفحات والمجموعات العائدة لها قد أغلقت بسبب التضييق على المحتوى الفلسطيني، خاصة وأن "خوارزميات" تلك المنصات تتطور وتحدث كلماتها المفتاحية لمحاولة منع انتشار كل ما هو ضد إسرائيل.

وهذا تحديدا ما أكده مهندس الاتصالات أمجد خريسات الذي قال إن العقل العربي مستمر في ابتكار طرق للتحايل على القيود، عبر منصات التواصل الاجتماعي المنتشرة حاليا على نطاق واسع، وذلك من خلال الرموز والتعابير التي أصبحت اليوم أشبه باللغة الجديدة.

وبين خريسات ل "صوت شبابي"  أن منصات التواصل وضعت "خوارزميات" وكلمات مفتاحية في نظامها لمنع انتشار المحتوى الفلسطيني منذ إنشاءها، ووسعت دائرة قيودها ما بعد السابع من أكتوبر، خاصة في ظل اتساع رقعة التضامن مع الفلسطينيين حول العالم.

وقال خريسات إن آلاف الأشخاص والصفحات على منصتي "فيسبوك وإكس" تم حظرها كليا أو لفترة محدودة بسبب نشرهم كلمات تعبر عن تضامنهم مع غزة أو المقاومة الفلسطينية، "لكن سرعان ما استدرك الكثير منهم الأمر وبدأوا بنشر رموز عوضا عن الكلام، كالكوفية ومفتاح العودة، أو رسوم كاريكاترية"، مبينا أن هذا الأمر تغلب إلى حد كبير على "خوارزميات" النظام.

 

 

المقاومة بالرمز

تضامن الشباب الأردني مع الشعب الفلسطيني أعاد إحياء الرموز الفلسطينية التي كانت وما زالت تجسد النضال والمعاناة والتهجير على حد سواء منذ أكثر من 75 عاما من الاحتلال الإسرائيلي، وقد نجح الفنان الفلسطيني رغم التضييق الإسرائيلي ومحاصرة الهوية الفلسطينية، بتقديم بدائل رمزية تحمل رسائل تجاوزت في معناها حد التضامن لتصبح لاحقا أداة للمقاومة، كالـ "الحنظلة، نصف البطيخة، مفتاح العودة" وغيرها.

وبعد عقود من ابتكار الفن الفلسطيني لتلك الرموز، ها هي ما زالت حاضرة في نفوس الشباب كما يرى الشاب عامر الطويسي، الذي دفعه إيمانه بأهمية هذه الرموز لتحويلها إلى صناعة احترفها، وباتت هي شغله الشاغل حسب وصفه.

الطويسي الذي درس الفن التشكيلي قال لـ"صوت شبابي" إنه حول غرفته إلى مشغل لصناعة الرموز الفلسطينية، أو طباعتها على الملابس، وسرعان ما انهالت عليه الطلبات لشراء هذه الرموز، أو وضعها على الملابس والأواني وحتى الأجهزة الإلكترونية.

 

أشهر الرموز الفلسطينية وتاريخها

بعد حرب عام 1967 ظهر منع الاحتلال الإسرائيلي رفع العلم الفلسطيني علنا في كامل الأراضي المحتلة، واعتبر رفعه جريمة في غزة والضفة الغربية، وهذا ما دفع الفنانين الفلسطينيين للبحث عن بديل، تمثل بـ"البطيخة" التي تحمل عند تقسيمها ذات ألوان العلم الفلسطيني، وكان الفلسطينيون يضعون وفق كتب التاريخ، نصف "البطيخة" على نوافذهم وأبواب منازلهم كبديل عن رفع العلم.

"المثلث الأحمر" الذي استخدمته ولا زالت ‍حركة حماس عند نشر فيديوهات عمليات استهداف الآليات الإسرائيلية، أو جنود جيش الاحتلال خلال معركة "طوفان الأقصى"، هو أحدث الرموز التي جابت العالم في إشارة للتضامن مع الفلسطينيين عموما والغزيين خصوصا.

إلا أن المثلث واحد من عشرات الرموز الفلسطينية التي أصبحت وسيلة ليس للتضامن فقط بل لمقاومة الاحتلال فكريا وثقافيا أبرزها وربما أقدمها "المفتاح" الذي حمله الفلسطينيين معهم عند مغادرة منازلهم خلال عمليات تهجيرهم القصرية عام 1948، وبقي حتى اليوم رمزا يؤكد على حق الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم في الأراضي المحتلة منذ ذلك الوقت، وتمسكهم بالأرض رغم طول أمد الاحتلال.

أما كاريكاتير الحنظلة لناجي العلي أيضا ما زال رمزا للمقاومة الفلسطينية وشعارا للنضال الفلسطيني في عالم الرسوم الكاريكاتورية السياسية.

وكان غصن الزيتون هو رمز الفلسطينيين الذي يرفعونه في وجه الاحتلال والعالم للتأكيد على حبهم للسلام، وكان أول من رفع هذا الرمز هو الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، عام 1974 في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.