السجائر الإلكترونية في الجامعات: انتشار متزايد وتأثيرات خفية

الرابط المختصر

شهدت الجامعات في الآونة الأخيرة انتشارًا متزايدًا لاستخدام السجائر الإلكترونية بين الطلاب، حيث أصبحت السجائر الإلكترونية ظاهرة لافتة للنظر في العديد من الجامعات، مع تزايد ملحوظ في أعداد الطلاب الذين يعتمدون عليها كبديل للسجائر التقليدية.

وبات العديد من الطلبة في الجامعات يتعاملون مع "السجائر الإلكترونية"  كمنتج ترفيهي، و أكثر من مجرد وسيلة لتخفيف الرغبة في التدخين، إذ  تحولت إلى جزء من الأنشطة الاجتماعية والترفيهية داخل الحرم الجامعي.

هذا ما يمكن تلخيصه من آراء العديد من الطلبة الذين تحدثنا مع بعضهم ، حيث  تباينت الآراء حول استخدام السجائر الإلكترونية، ما بين مؤيدين يعتبرونها بديل أقل ضرراً للسجائر التقليدية، وبين معارضين يرون في انتشارها خطرًا صحيًا يجب التصدي له، بينما يشير بعض الطلاب إلى أن السجائر الإلكترونية باتت جزءًا من الثقافة الشبابية في الجامعة، معتبرين أنها "موضة" أكثر منها وسيلة للتدخين، كما بينوا لـ"صوت شبابي".

يقول  الطالب هيثم الخالدي من جامعة ال البيت إن انتشار السجائر الإلكترونية في الجامعات أصبح متزايدًا بشكل كبير وخاصة بين فئة الإناث، لافتًا أن الأمر أصبح مزعجًا وغير أخلاقي بسبب استخدام السجائر في حرم الكليات وفي قاعات المحاضرات، حسب تعبير. 

ويشاركه الرأي زميله محمد الخزاعلة، طالب في كلية التربية، الذي يعتقد أن السجائر الإلكترونية قد تكون حلاً مؤقتًا لمن يريد الإقلاع عن التدخين، قائلًا " لقد بدأت في استخدامها عندما قررت التوقف عن السجائر التقليدية، ولاحظت أنها تقلل من الرغبة في التدخين".

 

أضرار السجائر الإلكترونية 

تحتوي السجائر الإلكترونية على مادة "ثنائي الأسيتيل" (Diacetyl)، وهي مادة كيميائية تستخدم في بعض النكهات، يسبب استنشاق هذه المادة مرض التهاب القصيبات المسدودة المعروف أيضا باسم "رئة الفشار"، وهو ما يشكل ندبات دائمة في القصيبات التي تعد أصغر الممرات الهوائية في الرئتين وهو ما يسبب تضييقها بشكل دائم.

يسبب النيكوتين وهو أحد مكونات سائل السجائر الإلكترونية الإدمان بدرجة كبيرة، حيث يؤدي إلى تغييرات في الدماغ تجعل المستخدم يشعر بالحاجة المستمرة إلى المزيد من النيكوتين، وهذا يجعله غير قادر على الإقلاع عن التدخين الإلكتروني حتى لو كان يرغب في ذلك أو بدأ يشعر بأنه يسبب له مشكلات صحية.

وهذا ما استند عليه طليبة كثر  يرون أن السجائر الإلكترونية لا تقل خطرًا عن التقليدية. يقول خالد، طالب في كلية الحقوق "أعتقد أن السجائر الإلكترونية تشكل خطرًا كبيرًا على صحتنا، لافتًا إلى أنها صحيح  قد تبدو أقل ضررًا، لكنها ليست آمنة بالكامل هناك الكثير من الدراسات التي تشير إلى أن تأثيرها على المدى الطويل قد يكون خطيرًا."

وتضيف لينا، طالبة في كلية العلوم "أنا ضد استخدام السجائر الإلكترونية تمامًا،معتبره أنها تجعل التدخين يبدو وكأنه شيء عادي وآمن، وهذا ليس صحيحًا، نحن بحاجة إلى المزيد من التوعية حول مخاطرها، خاصة في الجامعات."

وفي هذا السياق، يقول الدكتور عبد الرحمن مزهر استشاري طب نفسي "إن الارتفاع في استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب يعكس تغيرات في السلوكيات الاجتماعية، لكنه يشكل تحديًا جديدًا لصحة الأجيال القادمة"،مشيرًا إلى أن أهمية تعزيز الجهود للتوعية بمخاطر هذه المنتجات وضرورة توفير الدعم اللازم للطلاب الذين يرغبون في الإقلاع عنها. 

وأشارمزهر في حديثه  لـ "صوت شبابي" إلى أن القلق المتزايد من السجائر الإلكترونية هو من استخدام المراهقين لها استخداما كثيفا في الآونة الأخيرة، مبينا "أن تأثير السجائر الإلكترونية من ناحية طبية على الطالب في جانب المستوى الأكاديمي لا يؤثر، مشيرًا إلى أن السجائر الالكترونية تعتبر من المنبهات وهي نوع من أنواع النيكوتين ولا يؤثر على صحة الأكاديمي لدى الطالب".

 

آثار اجتماعية وسلوكية سلبية

ويرى  الدكتور مزهر أن السجائر الإلكترونية قد تؤثر على العلاقات الاجتماعية والسلوكيات اليومية للطلاب مؤكدا  أنه "مع انتشار استخدام السجائر الإلكترونية في الجامعات، نلاحظ تزايدًا في العادات السلبية مثل الانعزال الاجتماعي أو الانغماس في سلوكيات غير صحية، قد يشعر الطلاب بالضغط للمشاركة في هذه العادة لمجرد الانتماء إلى مجموعة معينة من الأصدقاء، مما قد يؤدي إلى تبني سلوكيات سلبية أخرى." 

وتابع حديثه قائلًا: "إنّ أخلاقيات المجتمع وضوابطه اختلفت في الآونة الأخيرة، لافتًا إلى أن قوانين الجامعات و ضوابطها متراخية في الأيام الأخيرة مما انعكس على سلوكيات الطلبة في الجامعات، مضيفًا أن الجامعات كانت تفرض قيود معينة والطالب يتبعها، لكن عندما الجامعة تغض النظر في جوانب معينة مثل استخدام السجائر الإلكترونية في حرم الجامعي يساعد على انتشارها بين الطلبة" . 

وقال الدكتور مزهر "من المهم أن يكون هناك وعي أكبر بين الطلاب حول المخاطر النفسية المحتملة لاستخدام السجائر الإلكترونية، يجب أن تعمل الجامعات على توفير برامج دعم نفسي للطلاب الذين قد يشعرون بالحاجة إلى استخدام هذه الأجهزة للتعامل مع التوتر، كما أوصي الأهالي بمراقبة سلوكيات أبنائهم والتحدث معهم بشكل مفتوح حول مخاطر هذه العادة." داعيا "إلى أهمية تعزيز الجهود التوعوية داخل الجامعات من خلال ورش العمل والمحاضرات التي تهدف إلى تقديم بدائل صحية للتعامل مع التوتر والضغوط النفسية، مثل ممارسة الرياضة أو الانخراط في الأنشطة الثقافية والاجتماعية.

 

أرقام وحقائق مزعجة

وفي دراسة نشرت في عام 2023 على موقع مكتبة المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة حول استخدام السجائر الإلكترونية بين طلاب الجامعات في الأردن. في السنوات الأخيرة، كشفت النتائج  أن معدل انتشار استخدام السجائر الإلكترونية بين طلاب الجامعات في الأردن 10.5٪. كانت الأسباب الأكثر شيوعًا لاستخدام السجائر الإلكترونية هي الإقلاع عن تدخين السجائر التقليدية بنسبة (26.5٪) ، والفضول لهذا المنتج بنسبة (22٪) ، والإيمان بسلامة السجائر الإلكترونية (أكثر من 20٪).

هذا وقدرت منظمة الصحة العالمية عدد مستخدمي التبغ ومدخنيه في الأردن في عام 2022، بـ 2.77 مليون شخص؛ منهم 2.29 مليون ذكر، و 483 ألف أنثى، وجاء الأردن في المرتبة الأولى كأكثر دولة استخداما للتدخين بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما فما فوق في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 36% لعام 2022.

وبينت ورقة سياسات "اقتصاديات التدخين في الأردن" الصادرة عن المنتدى الاقتصادي الأردني عام 2024، أن مستوردات الأردن من السجائر الإلكترونية بلغت عام 2022 نحو (1.4 مليون دينار) بحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة. 

وأوضحت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض يرتبط ارتباطاً كبيراً بارتفاع معدل انتشار تدخين السجائر في الأردن، وتبيّن الدراسات الشاملة لعدة قطاعات مدخني التبغ المستخلصة من دراسات استقصائية لدخل الأسر المعيشية، أن خمسي السكان الأردنيين الأدنى دخلا هم تقريباً الأكثر عرضة لتدخين السجائر مقارنة بالخُمس الأعلى دخلاً.