نساء في مهن غير تقليدية بإربد
بلباس محدد وبابتسامة على وجهها تتقدم (حلا الحوراني: 28 عامًا) حاملةً أحد الأطباق إلى الطاولة رقم 5، ربما نتساءل ما الذي يدفع هذه المرأة للعمل كنادلة في مطعم؟ هل هي نسب البطالة المرتفعة والتي بلغت في إربد بين الإناث 30.7% ، أم هي ظروف استثائية؟
تجيب حلاعن ذلك بنفسها فتقول: "عندما أتيت للعمل في مطاعم أبو رياض كنت بحاجة ماسة للوظيفة في ظل شح الوظائف التقليدية، وخاصة أنني لم أكمل تعليمي سوى للصف العاشر، بينما أغلب الوظائف تتطلب خبرة وشهادات، كما أنها ليست المرة الأولى التي أعمل فيها كنادلة فقد عملت في الكثير من المطاعم، حيث أعيل أسرتي بمن فيهم أهلي واثنين من أطفالي، وهذا العمل مثل غيره من الأعمال له أخلاقيات ومسؤوليات".
وربما ازدياد نسب البطالة في محافظة إربد تحديدًا حيث تبلغ المركز الخامس بين المحافظات في الأرن هو ما دفع (بتول قبيعة) ذات الثمانية عشر عامًا إلى العمل في المطاعم، تقول: "بعد أن تركتُ المدرسة توجهتُ للعمل في مطاعم أبو رياض، وأسعى للحصول على دورات متعددة في مجال الفندقة، وأهم ما في عملي هو التعامل الجيد إضافة إلى منحي الثقة من جنب أهلي، وأنا بدوري أحافظ على هذه الثقة وأقدرها".
وفي ظل تحديات كثيرة تواجهها المرأة التي تمتهن أعمال غير تقليدية في مجتمع محافظ مثل مجتمع إربد، تتابع (حلا) حول مواجهتها للتحديات الاجتماعية: "أكثر ما يهمني هو ألا أحتاج أحدًا وأن أكون قادرة على العمل محافظة على كرامتي، حينها أبقى قوية بذاتي ولا أهتم لما يقوله الناس طالما أنني على الطريق الصحيح".
وكثيرًا ما يتحدث المجتمع بوصمة حول بعض الأعمال للنساء فيُقال عنها "عيب"، بينما ترد (بتول) على مثل هذا الكلام: " لدي نظرة أمل وحب للحياة لا أسمع ولا أهتم لكلام الناس ولا لنظراتهم، ثقافة العيب ليست موجودة في قاموسي، كما أن بعض الفتيات لا تعمل في مثل هذه الوظائف بسبب كلام الناس وثقافة العيب وهذا خطأ كبير".
وسط هذه التحديات تخرج آراء مرحبة وربما توازي تلك الآراء المخالفة، حيث ترى (آلاء: 21 عامًا) أن المرأة يجب أن تشارك في المجتمع سواء في مهن تقليدية أم غير تقليدية، وأما (جنى: 19 عامًا) فتتحدث عن شغفها في الأعمال غير التقليدية حيث تقول: "أحب الأشياء الغريبة والنادرة، كما أتمنى أن أمتلك سيارة وأعمل عليها كسائق"، بينما تخالف (نيرمين: 21) جنى في حبها للأشياء الغريبة فتقول: "أؤيد عمل المرأة في هذه المهن بسبب توفرها خاصة مع عدم توفر الوظائف التقليدية، فالآن بإمكان أي شخص أن يقتني سيارة ويعمل عليها، وكذلك الأمر بالنسبة للعمل كنادلة في مطعم فهي مطلوبة بكثرة".
ويرى (شادي: 22 عامًا) أن المرأة تناسبها الوظائف التقليدية، أما الوظائف الأخرى فلا تتناسب معها، وذلك بسبب احتمالية تعرضها للتحرش بشكل أكبر في ظروف هذه المهن"، ولكن يشير (محمد:23) إلى قبوله لهذه الفكرة فهو لا يمانع أن تعمل أخته كنادلة في مطعم إذا استدعت الظروف ذلك، ويضيف: "رأيتُ هذه الفكرة وقد حققت نجاحًا في إحدى القرى في إربد، حيث تعمل حوالي سبع نساء في مخبز وجلب هذا العمل دخلًا لهن ولأسرهنّ".
بينما يرى (محمد: 45 عامًا) بأنه ضد عمل المرأة في المهن غير التقليدية، يقول: أكرم الله عزّ وجلّ المرأة، حيث تتوافر مهن لائقة بالمرأة بشكل أكبر من أن تعمل كسائق عمومي أو في الأعمال الصحية أو كنادلة، أرى أن هذه المهن لا تتناسب مع كينونة المرأة وما حباها به ديننا العظيم".
بينما تشجع (ديما: 26 عامًا) المرأة التي تعمل في مهن غير تقليدية، حيث ترى أن المسلك الحلال أفضل من المسلك الحرام، ويكفي ألا تحتاج أحدًا.
ويتفق كل من (ليث: 23) و(عمار: 22) على أن بعض المهن غير التقليدية مناسبة للمرأة بينما بعضها لا يتناسب مع طبيعتها.
ويقول (رامي: 23 عامًا): أوافق على عمل المرأة في المهن غير التقليدية، ولكن مع الالتزام بالأخلاقيات والمبادئ الاجتماعية، ويضيف: "الشغل مش عيب".
ورغم وجود العديد من الآراء المخالفة لعمل المرأة في المهن غي التقليدية إلا أنها في ازدياد، حيث ازدادت في الآونة الأخيرة نسبة الإناث العاملات في هذه المهن، وحول ازدياد عدد العاملات لدى مطاعم أبو رياض يتحدث (رامي طعاني) مالك المطعم: "تشغيل الفتيات هنا في المطعم ليس بجديد، حيث تعمل في المطعم 30 فتاة في مجالات (الاستقبال، المحاسبة، المطبخ، كنادلة)، ونوظف الفتيات لأن لديهن دقة في العمل والمواعيد والترتيب والالتزام بالدوام، كما أن احترامهن للزبائن ممتاز".
وبعيدًا عن التحديات فقد ساهمت المهن غير التقليدية ولو بشكل طفيف من تخفيف نسب البطالة لدى النساء في محافظة إربد، ما انعكس بشكل مباشر عليهنّ وعلى أسرهنّ.