تساهم الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020-2030، والتي أطلقها المجلس الأعلى للسكان، في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وخاصة الهدف الثالث المعني بالصحة والرفاه
وتقدّم الاستراتيجية إطاراً مرجعياً لمختلف الشركاء، يمكن من خلاله تطوير أو مواءمة أو تضمين الخطط المؤسسية، المداخلات اللازمة لتحقيق الإتاحة الشاملة لخدمات ومعلومات الصحة الإنجابية والجنسية المتكاملة للمساهمة في الوصول إلى رفاه الأسر في الاردن ، للوصول إلى ما يعرف بالفرصة السكانية.
وبحسب مديرة وحدة البرامج في المجلس الاعلى للسكان الدكتورة سوسن الدعجة يجب العمل على سياسات معينة للوصول إلى الفرصة السكانية وضمن شروط معينة أيضا، بداية من السياسات الصحية الإنجابية التي من شروطها خفض معدلات الأنجاب ويتم تحقيقها من خلال قضايا الصحة الإنجابية والجنسية وتنظيم الأسرة، وبنفس الوقت يجب العمل على سياسات وأنماط الصحة العامة للتأكد من أن الجيل الذي سيدخل سوق العمل يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض مزمنة وسارية. وكان عمل المجلس الأعلى للسكان في السابق مركزا على الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، ولكن من خلال استطلاعات الرأي مع أكاديميين وعاملين في القطاع الصحي، بات من الضروري الانطلاق إلى الصحة الجنسية والعمل على هذه القضايا بناء على مؤتمر القاهرة للسكان والمساكن 1994م حيث عرف المؤتمر العالمي للسكان والتنمية ١٩٩٤ الصحة الإنجابية حالة رفاه عقليا وبدنيا واجتماعيا في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته، وليست مجرد السلامة من المرض أو الإعاقة. ولذلك تعني الصحة الإنجابية قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية ومأمونة، وقدرتهم على الإنجاب، وحريتهم في تقرير الإنجاب وموعده وتواتره"، وقد اشتمل التعريف ضمنا الصحة الجنسية والإنجابية.
تتضمن الاستراتيجية أربعة محاور رئيسية تتمثل في، محور البيئة الممكنة، محور الخدمات والمعلومات، محور المجتمع، محور الإستدامة والحوكمة، كما وتتبنى الاستراتيجية مستهدفات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة 2030 والمعني بالصحة، ومستهدفات الاستراتيجية الدولية لصحة الأم والطفل والمراهقات (كل أم وكل طفل 2030-2016)، وكذلك مستهدفات الخطة الاستراتيجية العربية متعددة القطاعات لصحة الأمهات والأطفال والمراهقات، ومستهدفات الإطار المفاهيمي الإقليمي لدمج الصحة الانجابية والجنسية في الرعاية الصحية الأولية.
وتضيف الدعجة أن الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020-2030، تم اجراؤها بقيادة المجلس الأغلى للسكان مع 46 شريك من القطاع العام والخاص والهيئات الدولية والمهتمة بقطاع الصحة الإنجابية والصحة بشكل عام، وهي معنية بكل المقيمين على أرض المملكة.
وبالحديث عن الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في مجال تقديم خدمات الصحة الإنجابية أجرى المجلس الأعلى للسكان دراسة بالشراكة مع مشروع "شيرنت" بهدف الوقوف على مستوى مشاركة القطاع الخاص في تقديم خدمات الصحة الإنجابية والجنسية.
وبحسب مدير وحدة الدراسات في المجلس الأعلى للسكان الدكتورعلي المطلق جاءت هذه الدراسة انطلاق من دور المجلس الأعلى للسكان في التنسيق بين الشركاء والمعنيين لقضايا السكان والتنمية لاقتراح السياسات والاستراتيجيات والبرامج وكسب التأييد حولها، كذلك ضمن التزامات الأردن العالمية مثل التزامات مخرجات مؤتمر القاهرة للسكان والمساكن 1994م وأجندات التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020-2030، مشيرا إلى أن الدراسة حللت واقع خدمات الصحة الإنجابية والجنسية في القطاع الخاص ومعرفة التحديات والمعيقات التي تواجهه والتي تمثلت بحسب الدراسة معيقات متعلقة بالتظيمات والتشريعات ومعيقات تتعلق بالتمويل ومعيقات تتعلث بالثقة بين القطاعين، وأهم هذه المعيثقات ما يتعلق بتوفر المعلومات والإحصائيات، وهذه مشكلة أما بناء الخطط والبرامج بهذا الجانب اضافة إلى عدم وجود قانون ملزم للجهات المعنية يقضي بإعطاء معلومات دقيقة في مجال تقديم خدمات الصحة الإنجابية والجنسية.
واعتمدت الدراسة على المنهج النوعي في التحليل حيث تم اجراء لقاء مع 20 من أصحاب القرار في المجالات المختلفة للقطاع الصحي العام والخاص والدولي و30 من العاملين والأكاديميين من القطاع الصحي.
وخلصت الدراسة بحسب المطلق إلى عدة توصيات منها لا بد من وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة بالشراكة ووجود تشريعات تنظم العلاقة بين القطاعين ووجود هيئة مستقلة لتنظيم هذا القطاع، وبناء على هذه التوصيات وضعت الدراسة ثلاثة نماذج للعمل والشراكة بين القطاعين ، النموذج الأول يتعلق بالخدمات وجودتها ، والنموذج التجاري المعني بشراء الخدمات من القطاع الخاص ونموذج المسؤولية المجتمعية وهذا مهم جدا فيأن يتحمل القطاع الخاص جزءا من المسؤولية المجتمعية.
أشارت دراسات المجلس الأعلى للسكان وتوصيات مؤتمر مؤسسة شير-نت العالمية لعام ٢٠١٩ بعنوان (المشاركة معا في ترجمة المعرفة) الى ضعف وصول الفئات الهشة واللاجئين في الأردن لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية، ويمكن أن يعزى ذلك لعدة أسباب من ضمنها ضعف التنسيق بين المؤسسات العاملة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية للاجئين ( المؤسسات الحكومية والمؤسسات الوطنية غير الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية العاملة)، أدى إلى تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية مجزأة وغير مستدامة وإلى ازدواجية في تقديم الخدمات مع بقاء بعض الاحتياجات غير الملباة. وضعف مشاركة القطاع الخاص.
وهذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي محمد البشير بتعليقه حول الشراكة بين القطاعين بمجال تقديم الخدمات الصحة الإنجابية والجنسية " لا شك أن الشراكة بين القطاعين الخاص والعام بقي شعار متداولا واستهلاكيا في الفترة الماضية بسبب السياسات المالية والاقتصادية غير الجادة وبسبب رئيسي لهذه السياسات يتمثل بتغول النفقات الجارية على حساب كافة النفقات".
ويرى البشير بوجوب وجود بيئة تشريعية بالموازنة للقطاع الصحي تستقطب القطاع الخاص لتقديم خدمات الصحة الإنجابية والجنسية وتنظيم الأسرة خصوصا في مناطق الفقر والبطالة بقوله " تضع فيها الدولة أرصدة تستطيع من خلالها أن تستقطب القطاع الخاص وتدفعه للمشاركة في هذا الجهد من خلال الشركات الناجحة على سبيل المثال البنوك والاستخراجية ، هذه المؤسسات التي تحقق أرباحا كبيرة، لا شك أن وجود تشريع حقيقي يدفع باتجاه وضع موازنات حقيقية للتعامل مع هذا الموضوع الجاد الذي أصبح مقلقا وخاصة في مناطق الفقر البطالة والأكثر تأثرا بالظروف الثقافية والاجتماعية والتراثية" .
ويذهب ممثل جمعية المستشفيات الخاصة في لجنة تقديم الخدمات ضمن مشروع الصحة الإنجابية الدكتور عدنان الضمور عكس ما ذهب إليه البشير حول الشراكة بين القطاع العام والخاص في مجال الصحة الإنجابية والجنسية ويقول " القطاع الخاص شريك رئيسي في تقديم كافة أنواع الخدمات الصحية في الأردن أما بخصوص تقديم خدمات الصحة الإنجابية والجنسية فإن جمعية المستشفيات الخاصة شريك رئيسي في أعمال اللجان الفنية لمتابعة أداء وتنفيذ برامج وأنشطة الخطة الوطنية التنفيذية ذات التكلفة لتنظيم الأسرة في الأردن وتحيدا في لجنة تقديم الخدمات وهي إحدى اللجان الأربع المشكلة لهذه الغاية". انتهى
وبحسب الخطة الوطنية التنفيذية ذات التكلفة لتنظيم الأسرة 2020 -2024 هناك 533 مركزا صحيا يقدم خدمات تنظيم الأسرة اضافة إلى 12 مستشفى حكومي وتابع للخدمات الطبية الملكية يقدم هذه الخدمات .
ووفقا للمسح السكاني والصحة الأسرية 2017 /2017 حصلت 46% التي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة على وسائلهن من وزارة الصحة بينما حصلت 51% منهم على الوسائل من القطاع الخاص.